تشرّفت في الأسبوع الماضي برفقة الصديق غالب العتيبي بزيارة للأديب السعودي الأستاذ الدكتور إبراهيم بن فوزان الفوزان في منزله بمدينة بريدة وكنت قبل هذه الزيارة في حديث مع صديقي غالب وهو أحد طلاب الأديب الفوزان حيث يحضّر رسالة الماجستير وكُنت أقول له مَن يكون الدكتور الفوزان؟ فقال لي هذا الأديب من كُرم مؤخراً بجائزة خادم الحرمين الشريفين خلال مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث عن مؤلفاته (الأدب الحجازي الحديث بين التقليد والتجديد) وقال إنني سوف التقيه اليوم في منزله للبحث في بعض المسائل في مجال تحضيري للماجستير فرافقته في ذلك اليوم وعُجبت تماماً بشخصية ذلك الرجل الدكتور الفوزان حيث استقبلنا بحفاوة وجلسنا في مجلسه وتناولنا الحديث وتطرقنا لعدة موضوعات ولم أتوقع أن تكون شخصيته بهذه البساطة، وقال لي عندما دخلنا لمجلسه أنا عمري جاوز العشرين عاماً قالها « ضاحكاً « وقال إن هذه العبارة أتت من موقف وهو أنني عندما هممت بالسفر خارج المملكة (أيام الشباب) لم أصل للسن النظامية حتى يسمح لي بالسفر، حيث كان عمري حين ذاك تسعة عشر عاماً إلا أنني استطعت أن أعدل سني في جواز سفري إلى الواحد والعشرين عاماً حتى يتسنى لي السفر فتحقق لي ذلك.. وكنت دائماً أردد هذه العبارة (عمري جاوز العشرين عاماً).. واستمتعت كثيراً بالحديث معه وتطرق إلى موضوع الإعلام والصحافة وقال لي « أعانكم الله أيها الصحافيون « إن الصحافة مهنة المتاعب كما تحبوا أن تصفوها بهذا الوصف كما أنها
« ترمومتر المجتمعات العالمية « كيف لا والشاعر الكبير أحمد شوقي يقول:
لكل زمان مضى آية *** وآية هذا الزمان الصحف
ووجه الفوزان من خلال حديثه رسالة للصحافيين وقال إن القارئ السعودي ينظر إليكم على أنكم مؤتمنون على مرفق من أهم المرافق وأدقها وأخطرها في هذا الوطن.. إنه قد أسند إليكم الإشراف على الصحافة التي تعد في نظره الوسيلة الأولى في الانفتاح على العالم من حيث ربطنا به وربطه بنا.. كما أن القارئ السعودي لا يكفيه أن تكون رسالة الصحافة إثارة القضايا والكشف عن المجهول بل يطمح أن تقوم الصحافة السعودية بنقل الصورة الصادقة لهذا المجتمع المسلم بلاد الحرمين الذي يطبق شريعة الله في سائر أقواله وأفعاله ليظهر أمام الملأ عن طريق الخير والفكر والعمل.. وفي الوقت نفسه تقوم الصحافة بنقل ما يدور في العالم في سائر المجالات.
وبادلته الحديث « بحماس شديد « فقلت بالفعل هذا ما يجب أن يطبق بالعمل الصحفي ونتطلع للوصول إليه.. حديثه هذا عن الصحافة والصحافيين حرّك ما بداخلي من حماس، حيث استفدت من هذه الكلمات «الرائعة» التي تعني الشيء الكثير بالنسبة لي كيف لا وهي جاءت من رجل من كبار رجالات الأدب السعودي وقد أهداني كتاب (خواطر وطنية وأدبية) وهو أحد مؤلفاته وتطرق من خلال هذا المؤلف لبعض مقالاته والبحوث ومن أهمها مقالة (الصحافة والصحافيون)..
وسألته عما حدثني به صديقي غالب عن فوزه بجائزة عن مؤلفاته (الأدب الحجازي الحديث بين التقليد والتجديد) فأجابني: سبق أن كتبت مقالة بعنوان (سعادة الإنسان تكريمه وهو حي) بصحيفتكم (الجزيرة) وتطرقت من خلالها إلى أن التكريم ظاهرة نبيلة في المجتمعات العالمية لأن دافعها الوفاء للمكرّم على جهوده للآخر في الميادين السياسية أو الاجتماعية أو العلمية وغيرها من المجالات، وأضاف أن اللافت للنظر أن جميع الأمم في العصر الحديث تكرم من يستحق التكريم في حياته عدا الأمة العربية تكرمه بعد وفاته، وقد بدأت بعض الدول العربية الأخرى، وتحقق ذلك عندنا وعند غيرنا في العالم العربي في وجود هذه الظاهرة الحميدة بسبب التواصل الحديث بين الأمم.. وعن تكريمه قال الفوزان تشرّفت بالتكريم مؤخراً من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله من خلال مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين وبإشراف وزارة الثقافة والإعلام ودعي للمؤتمر العديد من المعنيين بالأدب من السعوديين والسعوديات من سائر مناطق المملكة العربية السعودية والوطن العربي، وقدم فيه عشرات البحوث في الشعر والنثر من الأدب السعودي، حيث عقدت الجلسات العديد من المعنيين بالثقافة السعودية في سائر ميادينها، وافتتح المؤتمر نيابة عن خادم الحرمين الشريفين معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة وحققت الجائزة ولله الحمد عن مؤلفاتي (الأدب الحجازي الحديث بين التقليد والتجديد)... انتهى حديثه.
نهنئ أبو أديب حصوله على هذه الجائزة التي ذهبت لمن يستحقها وأعتقد أنه استحق ذلك من خلال ما اطلعت عليه من مؤلفاته الأدبية وسيرته العلمية والعملية الزاخرة..
حقيقة تشرّفت باللقاء بقامة علمية شامخة في الأدب السعودي بحجم الأستاذ الدكتور إبراهيم بن فوزان الفوزان حفظه الله وبارك له في علمه ووقته وقد تعرفت على هذه الشخصية أكثر من خلال هذا للقاء ومن خلال اطلاعي على مسيرته العلمية التي جاوزت الـ 40 عاماً وأُريد أن أوضح للقارئ الكريم شيئاً يسيراً من سيرته حيث تلقى الدكتور الفوزان تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي في مدينة بريدة، ثم التحق بكلية اللغة العربية بالرياض وتخرج منها سنة 1387هـ وواصل دراسته العليا في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بالقاهرة ونال درجة الماجستير منها عام 1390هـ -1970م ثم حصل على درجة الدكتوراه في الأدب والنقد سنة 1396هـ- 1976م، وكان أحد أفراد أول بعثة من كلية اللغة العربية بالرياض إلى مصر وعيّن مدرساً في كلية اللغة العربية بالرياض 1392هـ، فوكيلاً لكلية العلوم الاجتماعية بالرياض من سنة 1398- 1402هـ، وفي هذا التاريخ حصل على درجة أستاذ مشارك ولما أُنشئت عمادة القبول والتسجيل بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عُيِّن أول عميد لها في عام 1402هـ- حتى عام 1408هـ، ثم عاد إلى التدريس في كلية اللغة العربية بالرياض، وحصل على درجة أستاذ، وأشرف على العديد من الرسائل العلمية، وهو أحد أساتذة الدراسات العليا في الوقت الحاضر.
كما أن للدكتور الفوزان مؤلفات عدة منها.. مؤلف الأدب الحجازي الحديث بين التقليد والتجديد (ثلاثة مجلدات)، ومؤلف إقليم الحجاز وعوامل نهضته الحديثة، ومؤلف تحقيق ديوان الشيخ صالح بن سحمان، ومؤلف بحوث في الأدب وعوامل نهضته، ومؤلف مرحلة التقليد المتطور في الشعر السعودي الحديث في منطقة نجد، ومؤلف شعراء مرحلة التقليد المتطور وشعرهم في المنطقة الشرقية، ومؤلف دول الخليج العربية وعوامل نهضتها الثقافية الحديثة، ومؤلف خواطر وطنية وأدبية، ومؤلف الأدب الحديث بين العواد والقرشي، وله عدة بحوث مخطوطة تحت الطبع.
ختاماً.. تهنئة صادقة من القلب للأستاذ الدكتور إبراهيم الفوزان حصوله على هذه الجائزة ونشكره على ما حظينا به من حسن حفاوة وتكريم...
حمود المطيري - البكيرية
hamod5033@hotmail.com