سَلامٌ وعِطرٌ ومِسْكٌ مُخَتَّمْ
وصُبْحٌ شَذَاهُ إليكِ تَبَسَّمْ
رأيتكِ فكراً سما للذرى
وما الفِكْرُ إلاَّ جَنَانٌ ومُلْهَمْ
ومِثلُكِ سَاهِرةً للعُلا
وإن كانَ بعض الخلائِقِ نُوَّمْ
أفاطِمُ أُثني بما سَرَّنِي
وأشكر نهجاً لِسِفْرٍ مُنَظَّمْ
قرأتُكِ فِكراً بَديعَ الرَّؤى
تندَّى نَسِيمَاً وقَطْرَاً وبَلْسَمْ
فيا من أبَنْتِ لنا في الحياة
جديداً بَنَى كلَّ فكرٍ مُهدَّمْ
هو الظِّلُّ حِينَ الهَجِيرُ اصْطَلَى
ومنه سَنَاكِ العَلِيُّ المُفَخَّمْ
رأيتُ العُصُورَ التي قد مَضَتْ
تَعُودُ لعَصْرِ الخَواءِ المُلَثَّمْ
وعِشْتُ بظلِّكِ أروي الصَّدَى
وقد كَانَ للعَقْلِ نُوراً ومَيسَمْ
فلا ظِلَّ للخَلْقِ إلاَّ حَوَى
قَرينَاً ألِيفَاً وللرُّوحِ تَوأمْ
لكُلِّ الخَلائِقِ عَقلٌ وعَى
لمن قد تَخَرَّصَ أو من توسَّمْ
فسُحْقَاً لمن ظَلَّ في شِركِهِ
وصَيَّرَ لله نِدَّاً وعَظَّمْ
وتلكَ أساطِيرُ قَومٍ عَمَوا
أتَتْ من يَهُوذَا ومَانَا وطَمْطَمْ
ولكنَّ جَهْدَكِ جَهدٌ عَنَى
بِتَارِيخِ قَومٍ وعصرٍ مُحطَّمْ
ولولا بُحُوثُكِ ما اسْتَوضَحَتْ
مَعَالِمَ عِلْمٍ حَدِيثٍ مُتَرجَمْ
صَداكِ صَدَى للرُّواةِ سرى
يُردِّدُ أصْدَاءَ عِلمٍ ومَعْلَمْ
فَجِيلٌ يُورِّثُ جِيلاً لكي
يُطوِّرَ أفكَارَ من قد تَقَدَمْ
وكُلُّ جَدِيدٍ قَديمَاً غدى
وكُلُّ قَديمٍ يَجِدُّ ويَعْظُمْ
ثنائي إليكِ ثَنَاءُ الرِّضَا
وها قد تَهَادَى أقاحاً مُنَمْنَمْ
ولستُ أخُوضُ مع الخائِضِينَ
من استبدلوا الشِّعرَ نثراً مُرَمْرَمْ
فلا يَخْدَعَنَّكِ دعوى الدّعيُّ
فما الشِّعرُ نَثْرٌ ولا النَّثْرُ يُلْهَمْ
فشعرُ العُروبةِ تاريخُنا
وما كانَ شعرَ العُروبةِ أعجمْ
هو المجدُ يَعلو به المُلهمُونَ
هو السَّيفُ حين المبادىء تُوصَمْ
فَويحٌ لمن ضَلَّ عن شِعْرِنَا
وألصَقَ بالشِّعرِ نَثْراً مُطَلْسَمْ
بلابلُ بالشِّعْرِ قد غَرَّدَتْ
وليسَ نَهِيقُ الحَمِيرِ المُقَرزَمْ
هو النَّثرُ نثرٌ وإن يَعبَثُوا
سيَبْقَى الكَلاَمُ البليغُ المُطَهَّمْ
أُعِيذُكِ أن تقتفي المُبْطِلِينَ
فشعر الأصالةِ أسمى وأكرمْ
وأربأُ بالمُبْدِعِينَ تَقُولُ
كما الببَّغَاءُ بما ليسَ تَعلمْ
تَساميتِ فوقَ الذُّرى فاشرِقِي
بِمجدِكِ ثم أضِيئِي المُعَتَّمْ
وشُدِّي العزيمةَ واستبشِري
فطَالِعُ سَعدِكِ خَيرٌ ومَغْنَمْ