المؤلف: يوسف القرضاوي
الناشر: دار الشروق، 2010
الصفحات: (159) صفحة من القطع العادي
من مقدمة الكتاب:
«لا تزال الأمة الإسلامية تسأل علماءها عما لها وما يحرم عليها في المعاملات، وما يشرع لها وما لا يشرع في العبادات، ولهذا أمسى للفتوى سوق رائجة، وخصوصاً في الفضائيات المنتشرة، ودخل فيها من يحسن ومن لا يحسن، ورأينا مفتين يوهمون أنهم علماء بكل شيء، ولا يتورعون من شيء، ويجيبون عن أعوص المسائل، مما لو عرض على عمر لجمع لها أهل بدر.
ومن هنا كثرت الفتاوى الشاذة، التي تصدر من غير أهلها، وفي غير محلها، والتي كثيراً ما ترى المتصدرين لها، لا يملكون أي شرط من شروط الفتوى.
وقد بينا في هذه الصحائف معنى شذوذ الفتوى، ومتى تعتبر الفتوى شاذة، ومتى لا تعتبر، كما ذكرنا ما لا يعتبر من الشذوذ، وإن اعتبره بعض الناس شاذاً، وضربنا أمثلة لفتاوى اعتبرت في عصر ما شاذة، ثم قبلت بعد ذلك، كما بينا أسباب شذوذ الفتوى وكيف نعالجها ونتوقاها؟.
من ذلك أن تصدر الفتوى من غير أهلها، أن تصدر الفتوى في غير محلها، أن تعارض الفتوى نصاً قرانياً، أن تعارض الفتوى نصاً نبوياً، أن تعارض الفتوى الإجماع المتيقن، أن تعارض الفتوى القياس الصحيح أو تقيس على غير أصل، أن يستدل بغير دليل، أن تصور الواقع على غير حقيقته، أن لا تراعى تغير الزمان والمكان والعرف والحال.
كما ذكرنا في هذا البحث: بعض الآراء التي اعتبرها العلماء شاذة، مثل آراء الظاهرية التي تمثل الجمود والحرفية وإنكار التعليل والقياس، كما في بعض آراء أبى محمد بن حزم؛ رغم عبقريته التي يعترف بها كل من قرأ آثاره، وعرف موسوعيته الفريدة «.