الثقافية - م.د
منذ أن أصدر كتابه (الخطيئة والتكفير) في الثمانينيات الميلادية من القرن الماضي، وهو المثقف المثير، والناقد الذي لا تهدأ حوله ومعه السجالات. وبرغم ما أحيط به من هالات إعجاب، وما قام حوله من دراسات، أو كُثر من خصوم - أو مخالفين - ظل وفياً لمشروعه، لا تجتذبه أو توهنه كثرة أو قلة أو الأقاويل. ما إن ينتهي من إصدار حتى تُبشر مقالاته أو حواراته أو محاضراته، بإصدار آخر. شديد الاعتداد بذاته، وعميق الارتباط بالمعرفة وبمكتبته -اللتان صنعتا تلك الذات العنيدة- وفيٌ لهما. هما مزودته والنبع الذي يرتوي منه. حتى يواجه خصومه - أو المخالفين له- بشراسة أحياناً وبتجاهل أحياناً. وبحياد وحوار موضوعي أحياناً أخرى. في حديثه- محاضرته الأخيرة - عن (الليبرالية والليبراليين). كان صادماً مهيئاً لاستقبال سهام المخالفين، حتى مع ما اختطه لنفسه من سياق منهجي وإجراءات بحثية معتبرة في استيعاب أبعاد موضوعه، والتعبير عن موقفه من الموضوع، ومقاربته له. لم يسلم من الاتهامات وأوصاف. فهو النرجسي المتغطرس, أو الاقصائي والالغائي الباحث عن الشهرة، المزايد على المواقف... الخ. أوصاف بعضها أو مثلها ناله منذ (الخطيئة والتكفير) ومروراً بالنقد الثقافي وحكاية الحداثة. والقبيلة والقبائلية وغيرها. لم توقف في نفس الناقد الكبير الدأب على البحث ومعاودة التأمل والتفكير، واحتراف المخالفة، ومواصلة البحث والانجاز. قد لا يتميز الغذامي عن أي أحد في مشهدنا الثقافي. وقد يختلف عن كل أحد. ولكن الأكيد أنه قد يكون الوحيد من زمرة الباحثين الذين تثير أطروحاتهم الجدل. ويكثر حولها الاختلاف، وتستعيد بها الساحة بعض ما يشير إلى عافيتها.