الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ?كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ?فمن حق الرواد والأدباء والمربين أن نذكرهم ونعدد مناقبهم، ولقد فقدنا الزميل والصديق شاعر المجمعة عثمان بن سيار كانت بداية معرفتي به خلال رحلة عبر رحلة من المجمعة إلى مكة المكرمة كانت عبر الفيافي والمهامة والمفاوز والرمال وكان الطريق ثمانية أيام حيث لا طريق معبداً لا استراحات على الطريق، وما زالت تلك الأماكن نقاطاً حية في الذاكرة حيث مررنا بمعالم وصدى لم يعد الطريق يمر بها، كان طالبا في في كلية الشريعة في مكة وكنت في مدرسة دار التوحيد في الطائف وذلك عام 1370هـ وبعد رحلة في أحشاء الصحراء ومكابدة طرقها وعناء الترحال وصلنا إلى الطائف، وكان يؤنسنا بقصائده ومحفوظاته الشعرية، ولقد تخرج من كلية الشريعة سنة 1373هـ وعمل مدرساً في معهد الاحساء العلمي، ثم في شقراء ثم في التفتيش بالمعاهد العلمية ثم تحول للعمل في مكتبة الملك عبد العزيز في المغرب التي أقام فيها بعد تقاعده حتى وفاته.
والتقينا في لبنان وفي مصر في عدة مناسبات، ولقد صدر له أربعة دواوين شعرية هي (ترانيم وآلة وإنه الحب وبين فجر وغسق وخمسة أبيات) وكان يوقع عدداً من قصائده باسم (عميد) وقد حافظ في شعره على الشكل التقليدي للقصيدة العربية وتناول شعره موضوعات متنوعة، وكان الزملاء في نادي دار التوحيد في الطائف يطلقون عليه شاعر المجمعة حيث له قصائد عدة منها:
جمعت العلا والندى والسعة
فسماك أجدادنا المجمعة
وأذكر قصيدة له ألقاها وهو طالب في النادي الأدبي بدار التوحيد في الطائف عام 1370هـ:
يا شبابا عرف المجد له
همة لم يثنها بعد الوطر
وجدوداً أرق الدهر بهم
وتغنى الشرق حينا وافتخر
أيها النشء الطموح المرتهن
لأماني وطن يهوى الظفر
أيها النادي الذي هزت الدار به
عطفاً وسمت فوق الزهر
ولقد حيا الملك خالد خلال زيارته لمدينة المجمعة بقصيدة مطلعها:
أطل على الفيحاء منك سحاب
فرفرف لها ثغر وعز جناب
وهبت على الساحات فيها نسائم
لطاف على كل النفوس عذاب
أبا بندر جيتك دار أحبة
وحياك واد أخضر وهضاب
وهي قصيدة طويلة ومن شعره عن بلدته المجمعة:
بناك بنوك بعز الرجال
فعشت لهم حرة مرضعة
ونمت فيهم كريم الطباع
فعاشوا وما بهم إمعة
وله قصيدة إلى الشباب:
إليكم شباب البلاد الغيور
تلفت قلب البلاد الظمي
لكم موطن أيقظته الحياة
على كونها المائج المضرم
رأى فيكم همة المنقذين
أغذوا إلى الهدف المعلم
ومن قصيدة له عن بلدته المجمعة وواديها الشهير المشقر :
بلادي على ضفة المشقر
بظل فيخ الأبي السري
كأن النخيل على ضفتيه
عقود الزمرد والجوهري
والواقع أنه شاعر يملك ناصية اللغة والخيال والعمق الثقافي، ولقد نالت إحدى الدراسات في جامعة الإمام درجة الماجستير عن شعره ولعل آخر قصيدة له قصيدة السبعون مطلعها:
هي السبعون تضحك أو تنوخ
أطلت إنها الشفق الصريح
هذه بعض الخواطر والذكريات من شعره ومسيرة حياته ولقد كان في شعره عمق وأصالة تتشفان عن ثقافة ووعي وعسى أن نجد من يجمع إنتاجه الشعري والذي لا يزال في حاجة إلى مزيد من الدراسة والتحليل فهو باقة جميلة تذكرنا بصباه وأيام دراسته وحياته وما فيه من روح عصرية متجددة وجودة إبداعية.
وبالله التوفيق
* عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية