عدد قليل من مدن المملكة عُرفت باهتماماتها الفنية ووجود قاعات العرض فيها والمهتمين الذين يتابعون نشاطاتها والمقتنين الذين يدعمون الفن والفنانين حبا وإيمانا بأهميته ودوره.
عندما ننظر إلى قاعاتنا الفنية فسنجد التفاوت الواضح بين المدينة والأخرى وإذا قلنا بانتشار وتوزع الفنانين التشكيليين بين مدن البلاد فسنقول القصيم والأحساء والمدينة المنورة والطائف وأبها وجازان والدمام والرياض والقطيف وجدة وغيرها كل هذه المدن لا تخلو من فنانين مخلصين للفن يتابعونه ويمارسونه ويديرونه، مخلصون له ومتفانون لنشره والتعريف به بين أفراد مجتمعاتهم القريبة والبعيدة ولا يتردد عدد منهم في الذهاب إلى أي مناسبة يمكن دعوته إليها للمشاركة والعرض، لا تعيقهم المسافات ولا الظروف ولا الأموال وعندما كانت المعارض المبكرة تقام في مدن محدودة كان الحضور قاصرا على أبناء المدينة إلا أن بعض الجهات التي نظمت معارضها الأولى استقطبت ودعت فنانين مشاركين تكفلت باستضافتهم ولعلي استعيد معارض الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي كانت تقيمها في بعض المدن وتدعو لحضورها فنانين مشاركين وأتذكرها في الرياض والدمام وجدة التي شهدت عام 1400 معرضا للمناطق التقيت فيه للمرة الأولى والأخيرة فنانين مثل عبدالعزيز المشاري وعبدالعزيز البطي وكان ممن حضر افتتاحه سعدون السعدون وأحمد السبت ويوسف المرحوم من المنطقة الشرقية وكان بعضنا فائزا في هذا المعرض الذي افتتحه حينها الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب رحمه الله وكان من المناسبات الهامة التي جمعت أعدادا من الفنانين بينهم فنانو الدوادمي الذي مثلوا ناديهم (الدرع) لم أزل احتفظ بدليل ذلك المعرض إلا أن الأمر اختلف بعد عقود فلم تعد هناك تلك الدعوات الرسمية وإذا كان من جائزة فترسل إلى الفنان في مكانه على الأغلب، الاهتمامات الشخصية عند بعض الفنانين لم توقف علاقاتهم بجهات منظمة أو معدة لنشاطات فنية مماثلة فالبعض يتكفل بالسفر لحضور مناسبة يراها من وجهة نظره هامة كمشارك أو كمطلع وفي معارض تقام هذه الأيام تتم لها دعوة بعض الفنانين الفائزين فقط لحضور الافتتاح واستلام جائزة ما من الراعي أو المفتتح لكن هذا في الواقع لا يكفي لأنه قد لا يتعدى ليلة واحدة هي ليلة الاحتفال ولعلنا في الخطوة التي سنّها بعض الأصدقاء بتنظيم ملتقى للفنانين في مدنهم وأقيم في الرياض والقصيم وحائل وليس أخيرا في الدوادمي تدللنا على أن الفنانين لم يزالوا يتطلعون إلى المناسبات التي تجمعهم وتمنحهم اللقاء وهو بالتالي ملتقى نفترضه حقيقيا ليس فقط لممارسة الرسم على عجل بل للتحاور والاستئناس ببعض مع طول الغياب بين الفنانين ولقد دعاني الزميل علي الطخيس إلى الملتقى الذي نظمه وحضره كما علمت عددا من الفنانين من المملكة خاصة إلا أن ظروفي حالت دونه وقد تم النشر عنه في عدد من وسائل الإعلام المختلفة ووجدته ملتقى نتطلع دوما إلى دعمه بما يكفي وتهيئة الظروف والإمكانات والمكان الملائم لإقامته وأعتقد أن على وزارة الثقافة والإعلام أن تتبنى مثل هذا الملتقى بطريقتها التي تكفل إنجاحه وتجديد وجوهه وتنظيم برنامجه بما يحقق التنوع والاستفادة وزيادة الخبرة بين المشاركين وأن يكون ورشة حقيقية فيها المحاضرات والندوات والرسم المباشر والاقتناء ويتنقل كما هو الآن بين المدن وبالتنسيق مع فنانين للإعداد له والتنسيق لفعالياته واستضافة فنانين عربا وخليجيين للمشاركة، ومع ذلك أيضا مكافأة المشاركين فيه والمنظمين كما يُفعل في الملتقيات العربية والدولية وبالتالي يحقق المزيد من الأهداف المرجوة التي تسعى لها وزارة الثقافة والإعلام التي افترض أن ترعى الملتقى وتدعمه ماديا وإداريا.
aalsoliman@hotmail