غابت فغاب معها عمرٌ من الحب، وواراها ولم يتوارَ الفقدُ والوجدُ والدموع، ورحلت (شقيقته الكبرى وأمه الثانية نورة بنت إسماعيل العبد الرحمن السماعيل) لتكتب القصيدة؛ فهي ظلُّ الشمس وبوحُ الهمس وذاكرةُ الشجن ..
أنت بقيّةُ ما أبقى لنا الفرََحُ
وأنتِ آخرُ من ضََحّوا ومن رَبِحوا
فكيف تمضين والأفراحُ ما بَرِحَتْ
وكيف تمضينَ والأحبابُ ما بَرِحوا
وأنتِ مَنْ ملأَتْ كاساتِِنا فرحاً
فكيف يملؤها من بعدَكِ التَّرَحُ
عشنا وكأسُكِ مملوءٌ ببهجتِنا
للكلّ حولكِ من فَيْضِ الرّضا قَدَحُ
فمن حديثِك كان الكلُّ مبتهجا
ومِن رضاكِ لقانا كلُّّه مَرَحُ
ومن جبينك كان النورُ يغمرنا
والكونُ في ظلّه بالحب مُنفَسِحُ
وكلّنا مثلُ عبادٍ بمعبدِهم
فالكلّ من فيض هذا النور منشَرِحُ
فهل أغاظََ الردى نورٌ بمجلسِنا
وهل يُغيظُ الرّدى ما يَفْعَلُ الفَرَحُ
حتى تسلّلَ مثلَ اللصّ مختفيا
فلا استطعنا .. ولا أطفالنا فَرِحوا
فالكلّ يسألُ عن (ماما) وغرفتِها
وهل يرى البابَ بعد اليومِ ينفَتِحُ
يحاولون رِتاجَ الباب، ما عرفوا
أن الرّدى معْ رتاجِ الباب مُصْطَلِحُ
عادوا إليكِ فما عادوا بفرحتِهم
لم يلْثموا منك كفًّا كلّها مِنَحُ
فمن لهم حينما يُحْيون عيدهمُ
ومن لهم حينما يأتون إذْ نجحوا
***
ذهبتِ راضيةً لم تعْرفي ألَماً
ونحن بعدكِ مَنْ ماتوا ومَنْ ذُبِحوا
نمشي بآلامِنا موتَى، يُعَذّبُنا
بيتٌ زواياه بالأشباح تَتّشِح
قد كانَ إذْ كنتِ فانهارتْ دعائمُه
في كلّ ناحيةٍ يبدو لنا شَبَحُ
فغرفةٌ لم تزلْ تبكي روائحَها
سريرُها فوقَه تَهفو لكِ الطُّرَحُ
ومقعدٌ كان بالنُّعمى يظلّلنا
وشاشةٌ لم تَعُدْ كالأمس تَتّضِحُ
هامتْ بوجهِكِ واعتادتْ بشاشتَه
فهل تسرّبَ فيها وجهُكِ السّمِحُ
***
نوّارة البيتِ، إن البيتَ أنكرَنا
والكل في البيت مكسورٌ ومُنْجَرِح
تركتِنا للظى الأحزانِ تحرقُنا
أكبادُنا من شظايا حُزننا قُرَحُ
والأرض بعدك لو تدرين ما صنعت
ساعاتُها كَلَحَتْ والناسُ قد كَلَحوا
***
فديتُ قبرِك يا نوّارةً طُرِحَتْ
تحت الترابِ،أيدري القومُ من طَرَحوا
الأختُ والأمُّ هذي، إنها عُمُري
أفي الترابِ جميلُ العُمْرِ يُطَّرَح
الملحق الثقافي السعودي لدى دولة قطر