لكل لغة طريقتها في نطق الأسماء الدخيلة عليها وحقّ لها ذلك؛ إذ ليس لها إلا أن تستعمل في ذلك أنظمتها اللغوية، فإن كان الأعاجم ينطقون الحاء من (محمد) هاءً فلأن الحاء ليست من أصواتهم، وهكذا كان أمير الشعراء أحمد شوقي ينادي محمد عبدالوهاب: يا مهمد. وكما غيرت الأعاجم أسماء العرب غيّرت العرب أسماء الأعاجم بما تتيحه أنظمة لغتها، فعلت العربية ذلك بالدخيل منذ كانت حتى يومنا هذا، وإنما المتوقف فيه اليوم أن ينقل التراجمة أسماء أعلام عربية من اللغات الأعجمية نقلا صوتيّاً كما تظهر في تلك اللغات، وليسوا بذلك منطلقين من محافظة على صحة الاسم، بل لجهلهم بعروبة الاسم، إن المجتمعات الغربية خليط من الأمم، منهم العرب المهاجرون، ومنهم الأفارقة والأسيويون المسلمون أو الذين من أصول إسلامية، وهؤلاء تشيع بينهم الأسماء العربية، ومن الغربيين من يتسمى بأسماء عربية لإعجابه بشخص المسمى كما هو مشهور عن الاسم (عمر) لشهرة ناظم الرباعيّات، ومن الأسماء ما هو من المشترك في الثقافة السامية والعالمية؛ ولكن العربية لها صياغتها التي يجب أن تراعى عند الترجمة، ولعل من المفيد أن أمثل لبعض ما أجده من ذلك، فالاسم (نوح) ينطق في الإنجليزية Noah ولكن مترجم فلمٍ من الأفلام كتبه هكذا (نوه) وكان عليه أن يثبت عند الترجمة الصيغة العربية كما فعل مترجم google، ومن ذلك الاسم Akila رأيت ترجمته على فلم هكذا (آكيلا) والصواب (عَقيلة) كما ترجمها google فينبغي أن يترجم كذلك على الأفلام، ومن ذلك ترجمتهم (Jesus) ب(جيساس)، وهو في العربية (عيسى)، ولا يصح أن نتابعهم في قولهم (آلادن) بل علينا تنبيه صغارنا إلى أنه (علاء الدين) ومثله (سمباد) فهو في تراثنا (سندباد)، ومن العجيب أن تظهر قصة بترجمة طه حسين بعنوان (زديج) وهو اسم لشخصية بابلية أبقى الاسم كما هو مع تصريحه بأنه (صادق) وأنه كاد يجعل العنوان كذلك، وأميل إلى أنّ الاسم (صدّيق). وينبغي تحري الدقة في النقل إلى أصل التسمية فقد يخطئ المترجم الأصل كما حدث في خبر نشر في صحيفة مصرية عن فلم أجنبي؛ إذ عمد المترجم إلى نقل الاسم المكتوب بالإنجليزية Mashael إلى ما ظنه كذلك فجعله (ما شاء الله) وقد يكون الاسم بهذه الصيغة أو نحوها وارداً في الريف المصري ولكنه غير مستعمل في بيئة تعرف الاسم (مشاعل).
وقد ترحل الأسماء من بيئتها إلى بيئة أخرى فتتغير بشروط اللغة الأخرى ثم إنها ربما رجعت إلى البيئة الأولى بشكلها الجديد، وهذا يكون في كل الألفاظ، فأمير البحر صار في الإنجليزية admiral ونقل إلى العربية واستعمل هكذا (أميرال)، وكان يحسن استعمال الأصل، وأما الأعلام فمنها الاسم (مروة) نطقه الأتراك بطريقتهم (مرفت) بفاء مجهورة، ثم شاع استعماله في مصر لصلته بالطبقة الاجتماعية العالية ولكنهم نطقوه بالفاء المهموسة (مرفت)، ومثل ذلك الاسم الشعبي (توحيدة) نطقه الأتراك (تفيدا) واستعمله الناس في مصر بصيغة (تفيده) وليس للتراجمة دخَل في هذه الأعلام لأنه عمل اجتماعي لا بد من قبوله كما هو.
الرياض