إلى روح الابن خالد رحمه الله..
إلهِي ما أقسَى الفراقَ وأعظَمَا
على قلبِ مفؤودٍ جرَى دمعُه دَمَا
يخَضِّب ما تَهوَى المنونُ خضابَه
ويوقُدُهُ في مقلةِ الورْدِ مأْتمَا
وللحدَثانِ الفظ دَيْنٌ ولم أكُنْ
سِوَى مُدْرِكٍ في عَيْنِهِ الليلُ خيَّما
لَوَى البينُ أعناقَ الأماني وأُخضِعَتْ
له أنفُسٌ لم تَلقَ للصبرِ سُلَّما
ولو أنَّ لي من قُوةِ الصبر ومْضَةً
لجَزْتُ بها دَرْبًا من الحزْنِ مُظْلِما
قضاءٌ توخى حبةَ القلبِ بغْتَةً
ولا شيءَ غير اللهِ يَقْضِي مُحَتَّما
وكم كنتُ أرجو أنْ يَطُول مقامُهُ
وما هو إلا لحظةٌ ثم يَمَّمَا
إلى حيثُ لا يَقْوَى على الصبرِ والدٌ
تجََشَّم في إسعادهِ ما تَجَشَّما
بنيْتُ له بين الجوانحِ بعد ما
تَعَهَّدتُه بالري مُذْ كان بُرْعُما
ليَقْوَى به عزمي إذا لان جانبٌ
وألقاه ذُخراً لا يُضامُ له حمَِى
فلمَّا استقرَّتْ للشدائدِ رجْلُهُ
تَخَيَّرَهُ الرحمنُ فيمن تَقَدَّما
ِوما العُمْرُ إلا دَفْنُ بَعْضٍ بِبَعْضِه
وحبْلٌ بأيدِي الظاعنين تَصَرَّمَا
ومن كان لا يعنيه قُرْبٌ لمِيَّتٍ
رأى الموتَ سهلاً والتفرُّجَ مَغْنَما
إلى الفوز يا من أورثَ الناسَ حُبَّه
وسارتْ به أيْدي الكرامِ تَكَرُّما
أقامَ بهم صُبْحًا وأمْسَى بِغَيْرِهم
مراحل لم تكتمْ من الأرض مَعْلَمَا
أخالدُ لا تذهبْ بعيداً فإنني
تَجَرَّعتُ كأسَ الشهدِ بَعْدَكَ عَلْقَمَا
وما زلتَ في ذكراي حياً مع الأسى
وصمتاً أعاد الجرحَ أن لا تَكَلُّمَا
لذلك آثرت القبورَ وصمتَها
وأكْبَرْتَ منْ صلَّى عليها وسَلّمَا
فيا طينة الأجداث عنه تَمايَلِي
ويا رائحاتِ المزْنِ جودِي تَرَحُّمَا