صناعة النجومية في الإعلام الجديد لم تعد صعبة؛ الإثارة أصبحت لا تكلِّف سوى تغريدات، تطير بصاحبها لتضعه بجانب النجوم اعتماداً على أرقام متابعيه الباحثين عما يثير ويطرد الملل. المشكلة إذا اعتمدت الثقافة الرقمية على لعبة الأرقام، وأصبح نجوم الأدب فيها أسرى لبورصة الأرقام؛ ما يعني عودة الثقافة مرة أخرى إلى ما يطلبه الجمهور؛ عندها يصبح المثقف أكثر تردداً في الجرأة في طرح آرائه، وأكثر تخوفاً من مصادمة نصوصه الإبداعية الذائقة السائدة. والمعضلة الأخرى في صناعة نجومية الأديب في الإعلام الجديد أنها قد لا تعتمد على نصوص الأديب وحجم الإبداع فيها، بل تكون بتأثير قدرة الأديب على التعامل الجيد مع وسائل التواصل الاجتماعي؛ ما يكسبه الجماهيرية رغم نصوصه متوسطة الإبداع، في حين أن الأديب الذي يكتب نصوصاً رائعة ويفتقر لمهارات الاتصال والتواصل مع الناس لن تستطيع نصوصه وحدها إيصاله لمصاف النجومية. الغلبة هنا - إذن - لصفات الأديب لا لموهبته الأدبية، في الوقت الذي يحفل فيه التاريخ الأدبي بأمثلة تدل على أن النص الجيد قد يغطي عوار صاحبه وأخلاقياته السيئة، عندما يتذوق المتلقي النص بعيداً عن أخلاقيات صاحبه وتصرفاته التي قد تنفر الناس منه.
توجيه الذائقة الجمعية لتقدير النص الجيد وإعلاء شأنه، بغض النظر عن كاتبه، يتطلب توعية وجهداً كبيرين من قِبل المهتمين بالأدب، كاتبيه وإعلامييه والمخلصين له. إنصاف الأدب الجيد سيرفع من مستوى الإبداع في الإعلام الجديد، وسيرتقي بالذائقة شيئاً فشيئاً؛ ليصبح الإعلام الجديد مصدِّراً مهماً للمواهب الإبداعية جديدة الدماء والأساليب. العناية بهذه النصوص وإبرازها وتقدير أصحابها ستحفّز أدباء الإعلام الجديد على العناية أكثر بنصوصهم وتطويرها متى ما علموا أن المجد للنص الجيد أكثر من الناص الذكي.
fmuneef@gmail.com