إنَّ المتتبِّع لجهود الدكتور عبدالعزيز بن محمد الفيصل العلمية والفكرية لا يشكُّ في أنَّه قامةٌ علميةٌ شامخة،في التأليف والتحقيق،والعطاء الفكري المنهجي، والإنجازات الأكاديمية المتعدِّدة.
فمن حيث التأليف والتحقيق؛ تكشف حصيلة المؤلَّفات والكتب المحقَّقة للدكتور عبدالعزيز الفيصل عن سعة اطِّلاعه وقدراته الإبداعية في مجالاتٍ متنوِّعةٍ كالتاريخ وأنساب القبائل ومعرفة البلدان والشعر العامِّي،إلى جانب مجاله الرئيس المتمثِّل في الدراسات الأدبية والنقدية والتاريخية وتحقيق التراث الشعري والأدبي وبخاصَّةٍ شعر القبائل العربية،وله في هذه المجالات وغيرها عشرات الكتب والبحوث والمقالات واللقاءات الحوارية،وهي تجسِّد صورةً من أصالة تكوينه،واستيعابه وحبِّه للتراث وإحيائه،مع تفاعُله مع المنهج العلمي الرصين والتزامه به،فقدَّم صورةً ناصعةً للمثقَّف الأديب الموسوعي.
ولم تشغله مسيرته البحثية عن دوره الأكاديمي؛ فهو صاحب منهجٍ متميِّزٍ في التدريس الجامعي يركِّز على التفاعُل بين الـمُحاضِر والطالب ويستغلُّ حماس النشء في صناعة الإبداع لديهم، ويفتح لهم آفاقًا علميةً رحبة،ويوجِّه الطلاَّب والباحثين إلى موضوعاتٍ جديدةٍ في الأدب تُثري الساحة العلمية والثقافية،وبخاصَّةٍ السعودية منها.
والدكتور عبدالعزيز الفيصل شديد الحرص على توجيه الطلاَّب والباحثين إلى الاهتمام بتراثنا العربي والإسلامي المخطوط وتحقيقه،ومتابعتهم في هذا المجال،ورسم إطارٍ فكريٍّ ومنهجيٍّ لهم للعمل بدقَّةٍ وإقناعٍ للوصول إلى نتيجةٍ مُرضِية.
وقد أسهم في الإشراف على عددٍ من رسائل الدراسات العليا ومناقشتها بشكلٍ يجعل مناقشة الرسائل العلمية فنًّا من الفنون.
ومن الجوانب الأكاديمية التي تميَّز بها الدكتور الفيصل الرصيد الوافر في فحص كثيرٍ من بحوث الترقية وتقويمها،وكذلك إجازة عشراتٍ من الكتب والبحوث للطباعة.
وحفلت مسيرته الأكاديمية بمحطَّاتٍ مميَّزة،فقد تولَّى عددًا من المهمَّات الأكاديمية والإدارية منذ حصوله على شهادة الماجستير ثمَّ الدكتوراه في عام 1398هـ -1978م،وتدرَّجَ من عضوية هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مرورًا بالمراتب العلمية إلى درجة أستاذ،وكان أول عميدٍ للدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية،وجهوده معروفةٌ في وضع برامج كلِّية اللغة العربية والدراسات العليا فيها.
وممَّا يميز الدكتور الفيصل إسهاماتُه أيضًا في المجال الإعلامي،فقد عُرف بحضوره الإذاعي والتلفازي،وله إسهاماتٌ في الصحف والمجلاَّت،إلا أنَّ التأليف والتحقيق استحوذا على معظم وقته.
إنَّ الحديث عن الدكتور عبدالعزيز بن محمد الفيصل وجهوده العلمية والثقافية حديثٌ ثَرٌّ يتداوله روَّاد الأدب والثقافة والتاريخ،فقد مزجَ بين الأكاديمية بمنهجها الحديث في التعليم،وعشقه للتراثِ الثريِّ بأمَّهات الكتب في مختلف المجالات وبخاصَّةٍ الأدبية والتاريخية منها؛ وهذا كلُّه أهَّله للوصول إلى هذه المكانة العلمية البارزة.
وهذا (الملف) يحتفي بهذه الشخصية العلمية السامية،إلا أنه لا يفي إلاَّ بجزءٍ بسيطٍ من حقِّه على كلِّ مَن استفاد من جهوده في مختلف المجالات،وأسأل المولى -سبحانه وتعالى- أن يجزيه على ما قدَّم خير الجزاء.
وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية