وُلد أديبنا الأريب الأستاذ الدكتور عبد العزيز بن محمد الفيصل في عام 1362هـ - 1943م في قلب نجد في بلدة يُطلق عليها اسم العودة - سدير، تقع شمال الرياض بستين ومائة كيل، ويعمل حالياً استاذاً جامعياً للأدب في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
لقد تدرّج الدكتور في سلّم التعليم العام فأنهى مراحله حتى أتمّ الثانوية بشهادتنين الأولى من الثانوية العامة والثانية من المعهد العلمي بالرياض، وفي هذه الفترة قادته ميوله الأدبية إلى اختيار كلية اللغة ليلتحق بها، ثم أكمل دراسته بجامعة الأزهر ليحصل على شهادة الماجستير والدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى عام 1398هـ، عاد بعدها أستاذاً بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وفيها تدرّج في المراتب العلمية حتى وصل الأُستاذية (بروفيسور)، كما تدرّج في المناصب الوظيفية، حيث تولّى وكالة قسم الأدب ثم رئاسته، وأصبح أول عميد للدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود، وعمل أيضاً مستشاراً غير متفرِّغ بوزارة الاقتصاد والتخطيط، وهو أستاذ للدراسات العليا بكلية اللغة العربية قسم الأدب، ويتفرّغ في الوقت الحاضر للإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه وحصل على عدد من الجوائز والأوسمة.
الفيصل أديباً
بدأت ميول الأديب الدكتور عبد العزيز نحو الأدب في وقت مبكِّر من حياته العلمية، وقد كان للأستاذ عبد العزيز الأردني المدرِّس في المرحلة الابتدائية أثر يف ذلك، حيث حوّل مادة المطالعة إلى قراءة في قصص الأطفال التي جلبها معه ومنها قصة (سِنْدرِلاّ) وغيرها، فكان الدكتور عبد العزيز يطالع فيها ولأول مرة بنهم عظيم، وقد علّق على مطالعته لهذه القصص بأنها «المرة الأولى التي نطلع على هذه القصص، وقد فتحت أعيننا على حياة جديدة تختلف عن حياة القرية التي نعيش فيها»، وازداد هذا الميل بالتحاق الدكتور عبد العزيز بكلية اللغة العربية بالرياض، وقاده هذا الحب للأدب العربي للحصول على شهادتيْ الماجستير والدكتوراه من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، تخصص أدب ونقد عام 1398هـ، حيث قضى أديبنا السنوات الطويلة باحثاً وناقداً، وقد كان بحث الماجستير في دراسة حياة الصمة بن عبد الله القشيري، حيث فتحت دراسة حياة الصمة القشيري الطريق لأديبنا نحو الاطلاع على شعراء بني قشير، وهو الأمر الذي يسّر لأديبنا البحث في شعر وشعراء بني قشير في رسالة الدكتوراه، وقد فتحت رسالة أديبنا في الدكتوراه في شعر القبائل الطريق لطلاب الدراسات العليا، فاتجهوا ذات المسلك وسُجِّلت رسائل في شعر القبائل في جامعة الأزهر وجامعة القاهرة وجامعة عين شمس، وامتد الاهتمام بشعر القبائل إلى جامعات الدول العربية الأخرى كما امتد إلى جامعات المملكة.
الفيصل في ميدان العمل
عُيِّن أديبنا بعد تخرُّجه من كلية اللغة العربية سنة 1388هـ في المعهد العلمي في المدينة المنورة، وقد أتحت الإقامة في المدينة المنورة اللقاء بعلماء ومفكرين أمثال الشيخ الدكتور بكر أبو زيد والدكتور سعود الفنيسان والشيخ ناصر بن الشيخ عبد الرحمن بن قاسم، وقد تعرّف أديبنا على آثار المدينة المنورة ووقف عليها، كما كان لقاؤه بالشيخ سليمان المرويع أكبر الأثر في التعرُّف على تلك الآثار النبوية القديمة، ثم تعيّن أديبنا بعدها في المعهد العلمي في (الغاط)، وقد كانت فرصة مناسبة للقاء معالي الأمير تركي بن أحمد السديري والاستماع إلى أحاديثه التاريخية الرائعة، بعد ذلك عمل أديبنا في القصيم في كلية الشريعة بمدينة (بريدة)، وفيها ألّف أديبنا كتابه (قضايا ودراسات نقدية).
أمّا بالنسبة للعمل الإداري، فقد تولّى أديبنا وكالة قسم اللغة العربية ثم رئاسة قسم الأدب ثم عمادة الدراسات العليا، كل ذلك إضافة إلى النصاب التدريسي الذي لم يتخلّ عنه مطلقاً، وقد كان لتولِّيه هذه المناصب أكبر الأثر في التطوير والتحسين، ومن ذلك حرصه على تعيين المعيدين الجدد الذين لهم أكبر الأثر في دعم عمليات التعليم والتعلُّم وتخفيف الأنصبة على أعضاء هيئة التدريس، إضافة إلى التطوير التقني لأعضاء هيئة التدريس، وتطوير المناهج في قسم الأدب بزيادة مواد حديثة وتطوير مواد دراسية موجودة. لقد كان أديبنا أول عميد للدراسات العليا في جامعة الإمام، فأسّس العمادة ابتداءً من إيجاد المقر وتخصيص الموارد البشرية من عمال وموظفين وأعضاء هيئة تدريس، كما كوّن مجلس العمادة وبدأ العمل على ما يرد إليه من الكليات، وقد كانت هناك مصاعب ومشاق تتعلّق بحداثة النشأة والتأسيس تحمّلها أديبنا بكل تفانٍ وإخلاص.
الفيصل مؤلِّفاً
الأديب الدكتور عبد العزيز الفيصل، غزير الإنتاج وصاحب مؤلّفات عديدة، وتجد مؤلّفاته قبولاً كبيراً لدى روّاد الأدب وطلابه على المستوى المحلي والعربي، ومن مؤلّفاته الأدبية ما يأتي: شعراء بني قشير في الجاهلية والإسلام وحتى آخر العصر الأموي في مجلّدين، وشعر بني عقيل في الجاهلية والإسلام حتى آخر العصر الأموي جمعاً وتحقيقاً ودراسة في مجلّدين، وشعر بني عبس في الجاهلية والإسلام حتى آخر العصر الأموي جمعاً وتحقيقاً ودراسة في مجلّدين، وديوان الصمة بن عبد الله القشيري جمعاً وتحقيقاً، وقضايا ودراسات نقدية، ومن غريب الألفاظ المستعمل في قلب جزيرة العرب، ومع التجديد والتقليد في الشعر العربي، ووقفات على الاتجاه الإسلامي في الشعر العربي، وعودة سدير ضمن سلسلة هذه بلادي، والأدب العربي وتاريخه (مقرر) نشر جامعة الإمام محمد بن سعود، ووطن يعبر القرن، وشرح المعلّقات العشر - جزءان، وشعراء المعلّقات العشر، ومعجم عودة سدير، ورؤى وآفاق - ثلاثة أجزاء، وغيرها من المؤلّفات التي تربو على عشرين مؤلّفاً.
هذا هو الأديب الكبير الدكتور عبد العزيز الفيصل طالباً ومعلِّماً وإدارياً ومؤلِّفاً، وما تمّ تقديمه في هذه العجالة ما هو إلاّ النّزر اليسير من حياته وعلمه وعمله، حيث حمل على عاتقه منذ نعومة أظفاره طلب العلم وتعليمه وخدمة طلاّبه، فوهب في سبيل ذلك جهده وطاقته وبذل أغلى ما يملك ألا وهو وقته وراحته، وكان نتاج ذلك عرشٌ تربّع عليه في قلوب محبِّي العلم والأدب، فنسأل الله أن يبارك في عمره وعمله، وأن يجعل ما قدّمه في ميزان حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون.
وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون الطالبات