يرفع شعار الديموقراطية كذريعة شكلية فاقدة للمصداقية، وفي الوقت ذاته يتغلغل النفَس الطائفي في شرايين أدائه السياسي كافة، الذي جرت صياغة معالمه من قِبل نظام ملالي قم. ولا غرو؛ فنوري المالكي ليس إلا صورة باهتة، يمتطيها سيده في طهران حيث المرشد الأعلى علي خامنئي هو من يتجشم عناء عُسر ولادة القرار السياسي وصناعة المفردات كافة التي تمهد للاستمرار في الاستئثار بمقابض القوة الفعلية في مفاصل الخارطة السياسية في العراق كافة، الذي لا يزال يرسف تحت قيود الاحتلال.
نوري المالكي الذي يمثل الشعبوية، ويجسد الصفوية في أنتن صورها، لا يني يشتغل - في ظل غياب تام للتقية التي تجري مواراتها عن الأنظار حتى إشعار آخر! - على تهيئة المشهد للانتخابات البرلمانية المزمع إقامتها في المستقبل القريب، وهو لكي يحقق نجاحاً ملحوظاً يخدم الأجندة الصفوية يتطلع لإزاحة عدد من الشخصيات السُّنية ذات الامتداد الاجتماعي، التي تحظى بقدر من القبول الشعبي على نحو يبعث القلق لدى القيادة الصفوية في طهران. هذا من جهة، ومن جهة أخرى هو لا يحصر رهانه كلها في الانتخابات فحسب بل في الجعبة ثمة تدابير احترازية وخطة بديلة في حال جريان العملية الانتخابية على عكس ما يراد لها؛ فالقفز على النتائج الرسمية النهائية ومصادمة الإرادة الشعبية والالتفاف على البنود الدستورية وفي وضح النهار هو الخيار الذي ستتم الصيرورة إلى حيثياته وبكل صفاقة، وما حالة القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي التي تصدرت المسرح الانتخابي عنا ببعيد!! وهذا يعني أن على دهاقنة السياسة من ذوي التوجُّه السُّني أن يدركوا أن الخلل ليس جزئياً ليتسنى تداركه وترميم ما يتخلله من هفوات وإنما جوهر المشكلة في طبيعة تركيبة بنية العملية السياسية ذاتها، وحينما يكون الفساد بنيوياً فإن أي ممارسة إصلاحية تتم من داخله محكومٌ عليها مسبقاً بعدم الجدوى. هذا الفساد يغذيه ويقف خلفه نظام الولي الفقيه على نحو سافر من جهة، والأمريكان من وراء جدر من جهة أخرى. ولا يلزم أن يكون ثمة روابط تنظيمية؛ فتقاطع النفَس المصلحي وحده كافٍ لإنجاح العمل على التهام العراق وتغييب هويته الحقيقية.
Abdalla_2015@hotmail.com
- بريدة