هذا هو عنوان المؤتمر الدولي للغة العربية الذي عقد في مدينة بادانج في سومطرى الغربية في إندونيسيا (28-31 أغسطس 2013م)، وهو المؤتمر الثامن الذي تعقده إحدى جامعات إندونيسيا بمشاركة من اتحاد مدرسي اللغة العربية (IMLA)، وهي مؤتمرات تفصح عن اهتمام بالغ باللغة العربية وتعلمها وتعليمها، نلحظ ذلك جليًّا في تعبير من نلقاهم من المعلمين والطلاب الذين يجتهدون في التحدث بالعربية ما أمكنهم، ويفصحون عن رغبتهم الشديدة في إتقان العربية، ونجد من كرم لقاء القوم ودماثة خلقهم واحتفائهم بالضيوف ما يعزّ وصفه، ولكن الافتقار إلى آليات التنظيم ومهارات إدارة المؤتمرات تفسد عليهم بعض ما يريدون، فقد شهد اليوم الأول تزاحمًا واضطرابًا عند التسجيل كان علاجه أن يشكل خط عمل يفي بالغرض، وكان من الأمور المستغربة تحول المؤتمر إلى جانب احتفالي حتى لقد اختزلت الندوات في يوم واحد بحجة تغيب كثير من المشاركين، وهو يوم اقتطع أوله للقاء وزير الشؤون الدينية، وهو لقاء توالت فيه الخطب، بل إن الوزير شرق وغرب في كلمته متحدثًا عن الربيع العربي وعن تجارب العرب الفاشلة في الديموقراطية ووازنها بتجربة إندونيسيا الناجحة ليصل إلى أنه لا تعاند بين الإسلام والديموقراطية، ومن يطالع دليل المؤتمر يشهد الفوضى فيه، فالمشاركون ربما نسبوا إلى جهات لا ينتمون إليها، فالدكتوران عوض القوزي ومرزوق بن تنباك الأستاذان في جامعة الملك سعود جُعلا من جامعة الملك فيصل، وكان أن تأخرت شهادات المشاركة ووقع فيها اضطراب وتكرار، وسبب الاضطراب راجع إلى الاعتماد على القوائم المعدة، وكان من السهل إعداد الشهادات في الحاسوب منذ تلقي استمارة المشاركة وهي استمارة يملأها المشارك نفسه، فإن حضر طالب المشاركة طبعت له الشهادة صحيحة.
دعي المشاركون أول ليلة إلى بيت محافظ بادانج، توالت فيه الخطب الطوال التي لا تلائم لقاءات الافتتاح، ولقي المشاركون عنتًا شديدًا وهم قد قطعوا في رحلتهم إلى هذه البلاد مسافات وصل بعضها إلى خمس عشرة ساعة، وعرضت في هذا اللقاء رقصات شعبية أدتها فرقة من الفتيات والفتيان وهي رقصات تكررت في الليلة التالية في بيت والي المدينة، ولكن بتغير الحركات وألوان الملابس، وترى في هذه الرقصات احتفالا لونيًا مستمدًّا من ألوان الطبيعة قوامه الأخضر الفستقي بدرجاته والبرتقالي بأطيافه، وأما حركات الأجساد المتمايلة بنعومة وهدوء فتحاكي أغصان موز هبت بها نسائم صباح ندية، وترى الأذرع الرشيقة تمتد نحو الفضاء أو تلتف لتنداح بها دوائر في الفضاء، وأكف تنبسط أو تنقبض،كل ذلك بإيقاع جماعي تزينه الرشاقة الهادئة والانسجام العجيب، وأما الملابس فهي زاهية تمثل تقاليد إندونيسية فيها احتشام وجمال. في هذه الليلة قدم الوالي درعين للمشاركين من الدول العربية تسلم إحداهما زميل من الجزائر وأما الأخرى فعزم عليّ الزملاء السعوديون أن أتسلمها نيابة عنهم، والدرع تمثل البناء الشائع في المدينة، وهو بناء يتميز بسطح تنتهي جهتاه بما يشبه قرني الجاموس، وأما في يوم الجمعة فكانت الجلسة الختامية قبيل الصلاة في جامعة إمام بنجول الإسلامية، وفيه تليت خطب متواليات منها كلمة عن انطباع المشاركين ألقاها الأستاذ الدكتور عبدالله القرني من جامعة أم القرى، وفي الختام أهدى مدير الجامعة لممثلين من الدول المشاركة درع الجامعة، وتشرفت بتسلم الدرع نيابة عن زملائي، مضينا لأداء الصلاة وأمّ النّاس في الجامع الأستاذ الدكتور عبدالله القرني، وكان اللقاء بعد ذلك في مصنع الإسمنت حيث تغدى المشاركون هنالك قبيل توجههم إلى زيارة مدينة أخرى.
والحق أننا لا نفي إندونيسيا حقها من الشكر لاهتمامها بالعربية وإصرارها على عقد المؤتمرات التي تعالج شؤونها، وجدير بالبلاد العربية أن تستجيب لهذه المبادرة بالحسنى، وأن تهتبل الفرصة لنشر العربية وتعزيز مكانتها في هذا البلد الإسلامي المهم وبين أهلها الطيبين المتعطشين لتعلم العربية، وهذا ما دعت إليه الدكتورة العلجة مناع من الجزائر في كلمة مرتجلة رائعة في الحفل الختامي.
- الرياض