تصفحُ التاريخ المعاصر عبر الأسفار المدونة في أنواع العلم واللغة والنقد يعطيك جزماً حالة من حب التجديد وبذل المجهود صوب حاجة الخلق إلى ما يحتاجون إليه من: أمور دينهم ودنياهم.
وإذا كان الإنسانُ يُريدُ نشدان الحياة من خلال الماء.. والهواء.. والطعام فإنه كذلك ينشد من خلال العلم وراسته واللغة وفقهها، ينشد الحياة من خلال ذلك كله.
وقد تم خلال الخمسين سنة الفائتة بذل وسائل شتى لإيصال العلم وأسبابه، واللغة وأسبابها إلى كثير من الناس.
وهذا جعل العلم وجعل اللغة وجعل أسبابهما الموصلة إليهما سهلة الوصول مما يعني رفع الجهل في العموميات لا في الجزئيات.
وقد تابعتُ كثيراً كثيراً مما يصدر من المجامع الغلوية والهيئات العلمية والنشرات الثقافية، وكلها تجيب إجابات في مجملها حسنة ينشدها الإنسان لصلاح دينه ودنياه.
ومنذ الـ: 50 بل الـ: 100 سنة السالفة لم أر جديداً يمكن أن يُضاف في مسار ما كان قد بذله كبار العلماء خلال القرون من الأول إلى: العاشر اللهم إلا ما بذل بعضاً منه بعض علماء أفادوا وحرروا بعض مسائل كان لا بد منها من باب الشرح والبيان وفك بعض مراد المفردات لا من باب (الإضافات) التي لم تزل يرنو إليها الإنسان طالب البذل المتجدد على غير صورة سابقة.
ومن هنا فإن ما يلزم من (مركز الملك عبدالله للغة العربية) وهيئة كبار العلماء هنا في المملكة التي هي محط نظر الناس هو القفز إلى: مسألة تجديد وتحرير مسائل: العلم واللغة.
ذلك إن الإجابات والإصدارات، واللقاءات والندوات، والاجتماعات كل ذلك يُنبئ عن خير ووفرة: وقت، وبذل: جهد.. ومال.. وفكر، لكن ليس بهذا يكون تجديد مسائل الآثار وسبق الحضارة الغربية في مسارها الجيد وبذلها التقني ورصفها (الإضافات) في مجالات العلم والتقنية.
إنما ذلك يكون من البذل العقلي المرهف الحساس الموهوب لطرح الآراء العالية القدر ببذل الوسع والطاقة بعيداً عن التكرار.. والنقل والإنشاء.
إنما ذلك يكون من البذل العقلي لإعطاء العلم واللغة من الرأي.. والاجتهاد ما لم يكن من قبل.
جلس الإمام إسحاق بن راهوية في المجلس العلمي الخاص به وقد جلس أمامه كبار العلماء في اللغة والنحو والحديث والفقه والأصول، أحمد بن حنبل يحيى بن معين، علي بن المزيني قتيبة ابن سعيد، أبو داود، ابن ماجة النسائي، الترمذي، مسلم بن الحجاج، البخاري، وقد كان (هؤلاء الستة) دون العشرين من العمر، فقال إسحاق: لو أن أحداً ينظر هذه (الآثار) فيجمعها ينظر الصحيح منها دون سواها، فقال البخاري: (فوقر في نفسي فألفتُ الصحيح).
وقد كان الناس يعولون على كتب: الأخبار والسير، والتاريخ وهي كتب تعج بالضعيف والباطل والآراء التي لا أصل لها والنزعات البدعية.
كذلك في قصة سيبويه، وابن مالك وابن فارس، وابن منظور، والجوهري، فإن البخاري جدد وأضاف، كذلك مسلم وكذلك فعل الذين حضروا مجلس (ابن راهوية) جميعاً.
فإنه صنع من عقولهم النباهة، والسؤدد على تجرم العهود الطوال.
وكل يحمد كل يحمد لهذه الأمة المسلمة ما يراه من الهيئات والمجامع ما في ذلك شك عندي فقد سعت وبذلت وإجابت كل سائل وطالب إلى مراده.
لكن أين الإضافات؟
أين التجديد المكين؟
(وفقه النوازل) و(فقه المستجدات) و(فقه اللغة) من: التأمين.. وزراعة الأعضاء، وزكاة النقود الورقية، ونقل الدم، وزراعة الرحم، والمتوفى دماغياً، كل ذلك تم طرحه ونظره وعالجته أنا شخصياً بالمجلس (العلمي الأعلى الخاص) ولقي قبولاً جيداً لعله بادرة خير إلى التجديد العملي المنشود، لكن ليس هذا بالمراد على كل مراد في مثل هذا الحين.
إن المراد هو ضبط: العلم والآثار والقواعد بضابط التجديد فيها على وجه لم يطرقه القروم قبل ذلك.
ولا يحسن هنا أن نجمع بين: قوة الرأي أو جرأة النقد.. أو مركزية المسؤولية أو كثرة الظهور، أو الكتابة لا يحسن أن بين: هذا.. والتجديد لا يحسن أن يكون ذاك هو هذا.
إذ المؤمل هو: الطرح على صورة لا يجدها الباحث.. والعالم، والمحقق، واللغوي لو بحثها لوجدها مبثوثة في كثير من أسفار المتقدمين.
ولدي تفاؤل كبير كبير جداً ببحث ما أوردته هنا في أروقة (هيئة كبار العلماء) (ومركز الملك عبدالله للغة العربية) وهو كذلك لعله يكون محط نظر (لمجالس الجامعات العلمية) (والمجمع الفقهي بمكة)، والله الهادي إلى كل خير.
الرياض