إعداد - محمد المنيف
كعادتها مشكاة ارت جاليري لا تقبل الا الجميل وأحياناً الغريب المتفرد، لا تزحم برنامجها بالمعارض من اجل الكسب بقدر ما تسعى إلى البحث عما يلفت النظر، ويرتقي بالذائقة، ويضيف جديدا على الساحة، فقبل فترة ليست بعيدة أقيم في الصالة معرض لفنان من الكويت الشقيق، افتتحه رجل الأعمال الشيخ عبد العزيز العجلان حضره نخبة من المثقفين ومنهم التشكيليون، الفنان بدر المنصور، هادئ الطبع يبحث عن التفاصيل في كل ما يقع على عينه، لا يتحدث كثيرا عن أعماله بقدر ما يمنح المتلقي بعضا من المفاتيح، لا يدخل في زوايا وخفايا إبداعه، ولا يشعر المتلقي بأنه صاحب قدرة خلاقة لا يمكن وصفها إلا بالعبقرية، قد يقال إن الأسلوب ليس بجديد، لكننا نقول إن الفنان بدر مقابل ما نشاهده من الأعمال الكثيرة، ان لم نقل الغالبية، التي لازالت تسير بخطاها الثقيلة لم تمنح فيها لإبداعها التحرر من الرتابة، وإنما تعيش على الالتفاف حول ذاتها، فنان فاجأ الجميع بما قدمه، وفاجأني بكثافة عطائه الذي اطلعت عليه عبر (الانستقرام) paderart عطاء لا حدود له متنوع في الدلالات متحكم في التقنيات ومتجدد في الخامات.
عين فاحصة وعقل واع
حينما دخلت المعرض تلاشت أمامي كل التفاصيل وذابت حتى جدران الصالة، وغابت وجوه الحضور حينما التقت أمامي تلك القطع (التحف) الدالة على ان من قام بتنفيذها فنان وهب عين فاحصة، وعقل مدرك للجمال، ومختزل يمثله عقله الباطني المهيأ للاحتفاظ بكل ما يقع عليه.
فنان لا يرى ما يراه البقية وإنما يرى ما هو ابعد نحو الجمال، ينتشله من بين ثنايا كل مهمل يصفه الآخرين بالغير نافع، فنان يجمع أضلاع التشكيل رسام ونحات ومفكر ومهندس ديكور، يحدد نهاية كل قطعة يلتقطها من الأرض أو ينتشلها من بقايا سكراب (الخردة)، يعيد لها توهجها وحيويتها، لكن في غير ما كانت عليه، إلى عمر جديد وحالة مختلفة، ومكان له قيمته في عيون الناس.
لا يعطي لنفسه أكبر مما يعطيه لإبداعه، يرى أن حصوله على جائزة أمر غير متوقع فمهما أنتج من قطعة ومهما حازت على مكانتها ورضا لجنة المحكمين، فهي في نظره لا زالت تحمل العيوب.
قبح يبرز الجمال
لا يمكن أن يتفق أفراد على مستوى جمال أي مما يحيط بنا، وكما قيل لولا اختلاف الآراء لبارت السلع، كما انه لا يمكن أيضاً أن يختلف أفراد على وجود القبح وان في وجوده ما يبين الأجمل، لكن من هو المعني بالقول إن هذا جميل وهذا قبيح، أسئلة تتكرر وتحضر قوية أمام الكثير من الأعمال الفنية، أحيانا نرى حضوراً للتناقض بين الجميل والقبيح ويبرز تأثير احدهما على الآخر ويبقى الحكم في يد المشاهد وثقافته البصرية.
أما في معرض الفنان بدر المنصور فالأمر مختلف، فقد اوجد قواسم مشتركة بين ما يمكن أن نصفه بالقبح ومع ما نتفق عليه أنه جميل، حيث زاوج بينهم وأذاب كلاً منهما بالآخر، فأخرج لنا قطعا رائعة نرى فيها الجمال في ما كنا نراه قبيح.
مسامير وحنفيات مياه وعجلات سيارات وأشياء كثيرة يبحث المتخلصون منها عما يخفيها عن الأنظار، مخلفات صناعية انتهت فائدتها فتحولت إلى مهملات مؤذية في البيئة وشريك في تلوثها، لكن الفنان بدر المنصور نقلها من مقابرها إلى صالات مكيفة ومضاءة وكأنها تزف في عرس جديد يحتفى بها إعلاميا ويسعى الحضور لاقتنائها ووضعها في زوايا القصور، والمكاتب، والميادين.
هذه هي مهمة الفنان العبقري وهذه الطريقة والأسلوب والموهبة التي يفتقر لها الكثيرون.
من ينظر إلى أي من القطع التي ازدانت بها صالة مشكاة ارت جاليري للفنان بدر المنصور يمكنه ان يشم رائحة الماضي ويسمع همسات بالعين لا بالأذن يجذبه لقراءة التفاصيل في كل قطعة، علاقة عجيبة يشعر بها المتلقي عند انغماسه في ابعاد الأعمال فهي تجمع الفكرة والتحكم في التنفيذ.
سيرة ومسيرة
- الاسم: بدر المنصور. مواليد: 25-4-1977.
- الهوايات: الرسم بأنواعه والنحت والاعمال التركيبية.
- المؤهل: بكالوريوس من المعهد العالي للفنون المسرحية.
- المهنة: مصمم ديكور في وزارة الاعلام- تلفزيون الكويت.
- بداية المشاركات الفنية كانت عام 1996.
- عضو الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية.
- عضو رابطة الحرف اليدوية.
- عمل رسام كاريكاتير في مجلة الميزان وله مشاركات متقطعة في الصحف اليومية وبعض المجلات.
- له عدة رسومات تعليمية في مناهج وزارة التربية.
- مثّل جامعة الكويت في ملتقى جامعات دول الخليج في سلطنة عمان.
- مثّل دولة الكويت في الملتقى الدوري للفنون التشكيلية والخط العربي التاسع 2003.
- شارك في العديد من المعارض في دولة الكويت.
- حصل على عدد من الجوائز بمراكز أولى.
monif.art@msn.com