الثقافية - محمد هليل الرويلي
أكد القاص جمعان الكرت أن العمل الصحفي يسرق من الكاتب حروفه وكلماته ويجيرها للركض وراء الأخبار وإعداد التقارير وإجراء الاستطلاعات والتحقيقات الصحفية واصفًا بأنه لا يمكن الجمع بين أن تكون قاصًا أو روائيًا وبين أن تكون صحفيًا إذ ستكتشف مع مرور الوقت أنك أمام مفترق طرق وأنه لابد أن تسلك أحدهما وتترك الآخر، مشيرًا إلى أنه توقف عن الكتابة القصصية لمدة عشر سنوات وذلك لانشغاله بالصحافة وإدارة عدد من المكاتب الصحفية بمنطقة الباحة بعد إصداره مجموعته القصصية (فضة) التي كتبها عام 1420هـ وهي عبارة عن عشرين نصًا حاول من خلالها ملامسة التشكيلة السكانية في القرية «بعاداتها وتقاليدها» ولم يتسنَ له التفرغ لإنتاج مجموعته قصصية الثانية «عناق» إلا بعد أن طلق الصحافة لأنها على حد وصفه تضعف الجانب الإبداعي للكاتب الذي يحمل مشروعًا قصصيًا أو روائيًا وقد أشار بعض النقاد إلى أن البون الشاسع والاختلاف المتجلي بين المجموعتين وما تحمله كل منهما من تجارب ورؤى خاصة بين تلك المرحلتين. وأضاف الكرت أنه يحترم النقد الذي يتكئ على رؤية علمية صحيحة ويتجلى ذلك في الفائدة التي يضيفها إليك الناقد في مشوارك الثقافي أما الناقد الذي يمارس «القراءة الانطباعية» فقط دون سبر أغوار النص والغوص في تجليات المضامين فإن ذلك لن يضيف إلى المؤلف سوى القشور المملوءة بالمديح وكيل المجاملات المعلبة، مشيرًا إلى إن النقاد عندما ينقدون فهم أيضًا يطورون أدواتهم النقدية ويرى أنهم لابد أن يكون هناك توافق بين المنتج الإبداعي والعمل النقدي. وذكر الكرت أن عددًا من الأسماء النقدية أثرت بشكل إيجابي على الحركة النقدية والأدبية في المملكة كقراءات الدكتور صالح زياد والدكتور عبدالله الغذامي والدكتور سعيد السريحي والدكتور معجب الزهراني والدكتور جمعان عبدالكريم والدكتور عالي القرشي والدكتور يوسف عارف والدكتور عبدالرحمن يونس والأستاذ صلاح معاطي والقاص والأديب عبدالحفيظ الشمري والناقد علي فايع الألمعي والناقد محمد عباس وعن مجموعته الثالثة (سطور سروية) يقول الكرت إنها من أساطير جبال السروات التي تناولها بأسلوب مختلف عن النقل التقريري لكونها ممزوجة بين الوضوح والغموض (فالجثام, السعلي وغيرها من الأساطير) في المجموعة تمثل أساطير يعرفها القرويين أثارها بطريقة مختلفة وقد وقعها بمعرض الكتاب لهذا العام مع مجموعته الأخيرة «بوارق» والتي نهج فيها أيضًا نهجًا مختلفًا إذ تعد ومضات سريعة تعتمد على اختصار الكلمات وتوسيع المعنى لكونها تعنى بالنص القصصي القصير جدًا ( ق.ق.ج) ونفى الكرت أن يكون تخلى عن القاصين بعد انضمامه لعضوية مجلس إدارة نادي الباحة الأدبي، مشيرًا إلى إصداره لمجلة (مجلة بروق) والتي رمى بكل أحماله فيها لدعم القاصين حتى حظيت المجلة باهتمام منقطع النظير من كتاب القصة، مشيرًا إلى أنها وصلت لبعض الجامعات الصينية والأوروبية المهتمة بهذا الجنس الأدبي. وقال الكرت: إن أسوأ عمل يمارسه المثقف بعد انضمامه للأندية الأدبية هو «الإقصاء» لكونه أسلوبا رخيصا لا يمكن قبوله في أي مكان أو أي مجتمع وإقصاء المثقف هو «خنق لأكسجين» الثقافة ومن المحزن أن يقف المثقف عدوًا للمثقفين الآخرين. وقال: إن من طعن في استحقاق حصول عبده خال على جائزة وزارة الثقافة والإعلام وتكريمه هو «صاحب هوى» فكيف نحارب مبدعا سعوديا تم تكريمه قبل ذلك من خارج البلاد وكيف يكون هذا المثقف المبدع محط التساؤل والشكوك حول أحقية استحقاقه لنيل الجائزة ثم إن مستوى روايته الغني بالقيم الجمالية والمعاني والرمزية والإسقاطات الجلية يفوق غيره بمراحل كما أن هناك لجنة وضعت معايير رجحت عمل الروائي عبده خال وقد يكون مثل هؤلاء المشككين يروجون لأنفسهم من خلال إثارة الزابع حولهم وفي هذا المقام لا أستطيع سوى أن أستحضر مقولة محمد زيدان « نحن شعب تعودنا أن نكرم الأموات « ومثل هؤلاء المشككين يسعون لتأخير التكريم لأننا تعودنا على أن يكرم المثقفون بعد مماتهم. واختتم الكرت تصريحه «للثقافية» بأن كتاب القصة كالأسماك الصغيرة المضيئة لكنهم يغوصون بعيدًا في المحيطات من دون أن يستمتع بمشاهدتهم أحد بينما الروائيون والشعراء حضوا بمشاهدات وعناية واهتمام وتكريم أوسع والراحل الدكتور غازي القصيبي كان واحدًا من ألمع الشعراء ثم اتجه لكتابة الرواية بعد أن اكتشف باكرًا توجه الجميع نحوها لذا لا نستغرب توجه غالبية كتاب القصة للرواية، مشيرًا إلى أن أبرز أسماء الروايات السعودية التي كتبت مؤخرًا كسقف الكفاية لمحمد علوان وسماء فوق أفريقيا لعلي الشدوي والقنوط لعبدالحفيظ الشمري وطريق البخور لخالد يوسف وشارع العطايف لعبدالله بخيت والحمام لا يطير في بريده ليوسف المحيميد ونساء المنكر لسمر المقرن وهند والعسكر لبدرية البشر وترمي بشرر لعبده خال وطوق الحمام لرجاء عالم وشقة الحرية للدكتور غازي القصيبي وثلاثية تركي الحمد وعلي الدميني الرصاصة الرمادية والبوصلة لنورة الغامدي.