|
بين إعلامين..!
|
طبول الحرب تُقرع من حولنا..
وشن الحرب على العراق اقترب من مرحلة التنفيذ...
ومثلما تجيّش الدول الكبرى رجالها ونساءها لهذه الحروب...
فهي تجيّش رجال الإعلام وبناته لنقل هذه الصورة المعتمة في تاريخ الإنسان..
يحدث هذا من خلال استعدادات إعلامية هائلة لا تقوم بها إلا هذه الدول..
فيما تغيب الدول الأخرى معتمدة على ما يقوله لها هؤلاء..
مع أن موضوع الحرب يعنيها ويمسها في الصميم..
***
والإعلام وقد أصبح ضمن ما يوظف من أدوات لخدمة أهداف الحروب..
باعتماد الدول عليه في إدارة جوانب من حروبها مع الغير..
هذا الإعلام بصورته هذه..
وبالانتشار الكبير الذي نراه..
وبكل ما هو متاح له من إمكانات هائلة..
أين عالمنا الصغير منه..؟
سؤال أطرحه، ونحن على أبواب معركة جديدة...
بانتظار أخرى...
وربما أكثر..
***
إن الإعلام العربي تحديداً...
يحتاج إلى رؤية واضحة تعالج حاضره ومستقبله..
تُستلهم من المتغيرات في عالم اليوم..
ومن السباق المحموم بين الدول إعلامياً لاستثماره في تحقيق ما نريد..
قناعة بأنه لا مكان بين الأمم للنائمين منا..
أو المتخاذلين في إعلامنا عن أداء ما هو مطلوب منهم...
***
وفي كل الأحوال...
وإن اختلفت وجهات النظر..
وتباينت القناعات..
فإن المرحلة تحتاج إلى كثير من التنازلات الإيجابية..
لكيلا يتركنا القطار وحدنا في قارعة الطريق..
بانتظار ذلك الذي لن يأتي أبداً..
++
خالد المالك
++
|
|
|
خريطة جديدة تفرزها الحرب إعادة صياغة الشرق الأوسط.. برؤية «شارونية»
|
بيل وكاثلين كريستيسون(*)
الشعور بأن الضربة الأمريكية للعراق ستقوي قبضة اسرائيل و تزيد من نفوذها داخل و خارج فلسطين بات يغذي دوافع النشاط المحموم لصقور بوش للتعجيل بالحرب ضد العراق وتوسيع دائرتها ما أمكن لتشمل دولا أخرى، وفي المعترك يتم تضييق الخناق على الفلسطينيين، وتسهيل عملية صناعة قيادة فلسطينية بديلة طيعة في يد شارون، الامر الذي يوفر الحماية اللازمة للكيان الصهيوني من منظور بعض خبراء المخابرات الأمريكية، ولم يبدأ المد التوسعي بين عشية وضحاها، انما تم التخطيط له منذ أكثر من عشرين عاما، حيث تبناه شارون وقتها، لكن التسريبات التي أدلى بها بيل و كاثلين كريستيسون وهما محللان سياسيان سابقان في المخابرات المركزية الأمريكية ربما تكون من قبيل تهيئة الرأي العام لكيلا يفاجأ بأي عمل عسكري يتجاوز العراق ويوسع رقعة الحرب وفقا للخريطة الأسرائيلية للمنطقة.
الملف التالي يلقي الضوء على بعض جوانب تلك المخططات:
لايخفي معظم مؤيدى اسرائيل في دائرة صنع القرار في ادارة الرئيس جورج بوش الابن حقيقة نيتهم بتشجيع الحرب ضد العراق والحرب التالية ربما تكون ضد سوريا او ايران او الفلسطينيين وذلك لتوفير أمن اسرائيل بإزالة اكبرالتهديدات العسكرية، وتحقيق توازن قوي اقليمي لصالح اسرائيل بشكل كبير.
ويتمثل الهدف بصورة عامة في توفير اجواء ودية على نحو كبير لاسرائيل في الشرق الاوسط، ومع ذلك، فإنه على الرغم من صراحة المحافظين الجدد، فإن عدداً كبيراً من اليسار المعارضين للحرب مع العراق، والمعارضين ايضا لنظريات المحافظين الجدد في ادارة بوش، يرفضون بشكل قاطع أي قول ينطوي على ممارسة اسرائيل ضغوطا على الولايات المتحدة لخوض الحرب، او تعاونها معها، او حتى يشير الى انها تأمل في الاستفادة من مثل هذه الحرب.
التهمة الجاهزة
ان أي شخص يرى وجود أي تحفيز او تدخل اسرائيلي في خطة ادارة الرئيس بوش للحرب، يوصف الى حد ما بأنه معاد للسامية وهي تهمة صارت تلصق بمن يفصح عن الخفايا، كما ان مجرد الهمس بكلمة «هيمنة» وربطها باسرائيل مثل «الهيمنة الاسرائيلية الامريكية على منطقة الشرق الاوسط» او «مسيرة الولايات المتحدة لتأكيد الهيمنة العالمية، وضمان امن اسرائيل» مع توجيه بعض اليساريين المعارضين لخوض الحرب في العراق اتهامات بتشجيع بروتوكولات حكماء صهيون.
الرأي القديم الذي اكد على وجود خطة يهودية للهيمنة على العالم، كل ذلك اصبح امراً مثيراً للملل، اذا اردنا ان نصفه بشكل مخفف.
ومن المفيد هنا ابراز الدليل على اشتراك اسرائيل في خطة الحرب في العراق التي وضعتها ادارة بوش، وهي خطة هائلة، كما سوف يتضح فيما بعد من عرض الاحداث، وكثيراً مما سيتم عرضه، يمكن تصنيفه على انه امر عرضي، رغم ان الكثير منه نابع من مصدره الاصلي، سواء واضعو الخطط المحافظون، او المسؤولون في الحكومة الاسرائيلية، كما ان الكثير من ذلك يثبت انه حتى لو لم تكن اسرائيل تضغط بقوة من اجل الحرب فإن الكثيرين من الاسرائيليين يتوقعون الاستفادة منها، رغم خوفهم ان تؤدي الحرب الى تعرض اسرائيل لمخاطر جمة.
سلام نتانياهو
ان الدليل التالي متدرج بتسلسل زمني، فيما عدا بندين تم تصنيفهما بشكل منفصل في النهاية، ورغم عمليات الحذف التي تمت بدافع الاختصار والايجاز، والتأكيد الذي تمت اضافته لعبارات وجمل في بعض الاحيان، إلا أن الدليل يتحدث عن نفسه «لقد جاءت حكومة بنيامين نتانياهو بمجموعة جديدة من الافكار، ولدى اسرائيل فرصة لبدء عملية سلام نظيفة واستراتيجية تقوم على اساس فكري جديد تماماً، استراتيجية تعيد المبادرة الاستراتيجية.
ومن أجل ضمان مصالحها، وتأمين حدودها في المستقبل القريب، فإنه بإمكان اسرائيل العمل عن قرب مع تركيا من اجل احتواء وصد بعض اهم التهديدات التي تتعرض لها، وينطوي ذلك على التخلي عن شعار «السلام الشامل» والعودة الى فكرة تقليدية للاستراتيجية تقوم على اساس توازن القوى.
إدارة الصراع
يمكن ان تصوغ اجندة الاستراتيجية الاسرائيلية الجديدة البيئة الاقليمية، بأسلوب يعطي لاسرائيل المجال لاعادة تركيز طاقاتها على المجالات التي تكون مطلوبة فيها بشكل كبير: تجديد فكرتها القومية، وفي النهاية، يمكن لاسرائيل ان تفعل ما هو اكثر من ادارة الصراع العربي الاسرائيلي، مع الاخذ في الاعتباران أي كمية من الاسلحة لن توفرلاسرائيل السلام الذي تسعى اليه،وعندما تكون اسرائيل في ظروف اقتصادية جيدة، وعندما تكون حرة وقوية في الداخل، فانها لن تكون قادرة على التأثير في الصراع العربي الاسرائيلي فقط، بل سوف تتجاوز هذا الدور بكثير.
هجر الماضي
وينسب أصحاب هذا الاتجاه لمعارض عراقي بارز قوله مؤخرا: «يجب على اسرائيل ان تجدد، وتعيد احياء قيادتها الفكرية والمعنوية، ان قيام اسرائيل قوية وغنية وفخورة بنفسها سوف يكون اساساً لقيام شرق اوسط جديد يعيش في سلام.
«هجر الماضي»: استراتيجية جديدة لتأمين العالم «كان هذا هو عنوان ورقة سياسية وضعتها لرئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق بنيامين نتانياهو في منتصف عام 1996 مؤسسة فكرية إسرائيلية «معهد الدراسات السياسية والاستراتيجيةالمتقدمة» شارك في وضعها كل من ريتشارد بيرل، دوجلاس فيث، وديفيد وورمسر وجميعهم من صانعي القرار حالياً في ادارة الرئيس بوش، او يعملون مستشارين لها.
معركة الهيمنة
ان مستقبل العراق سوف يترك تأثيراً عميقاً على التوازن الاستراتيجي في الشرق الاوسط، كما ان المعركة الرامية الى الهيمنة على العراق هي معركة للهيمنة على توازن القوى في الشرق على المدى الطويل، لقد حاول العراق الاستيلاء على دولة جارة له الكويت وكان ذلك خطأً مأساوياً ادى الى وقوع العراق في فوضى داخلية على نحو سريع، ادت بدورها الى حدوث فراغ في منطقة محورية من الناحية الجيوستراتيجية، غنية بمواردها البشرية والطبيعية، وقد اغرى هذا الفراغ جيران العراق بالتدخل، خاصة تلك الدول، التي تسعى ايضا الى السيطرة على المنطقة.
قمع الانتفاضة
لا يمكن عزل أبعاد الفصول الدموية التي تجري في فلسطين عن الحرب التي تلوح نذرها في الأفق اذ تقول ورقة سياسية تحمل عنوان «التعامل مع الدول المنهارة: توازن غربي واسرائيلي لاستراتيجية القوة في الشرق الاوسط «وهي ورقة وضعها لمعهد الدراسات السياسية والاستراتيجية المتقدمة في ديسمبر ديفيد وورمسر الذي يعمل حاليا مسؤولا بوزارة الخارجية الامريكية في ادارة بوش وتقول ان مساندة بوش لشارون في الاراضي العربية المحتلة وفي اسرائيل يرجع الفضل فيها لجماعات الضغط الموالية لاسرائيل، اي الاموال اليهودية، واليمين المسيحي، لقد اقنع المخضرمون في وزارة الخارجية الامريكية في ابريل عام 2002 بوش بانه من المهم قمع العنف في الاراضي المحتلة قبل مهاجمة العراق، وايد المسؤولون العسكريون الامريكيون هذا الرأي لنجاح الحرب ضدالعراق.
ائتلاف مفقود
ووفقاً لما ذكره مصدر امريكي مطلع، فان الوضع انقلب على عقبيه، فقد طلب ديك تشيني نائب الرئيس ودونالد رامسفيلد وزير الدفاع ونائبه بول وولفووفيتز من الرئيس بوش تكوين نوع من الائتلاف مثل ذلك الذي احتاجه للفوز بالحرب في افغانستان، وهدأوا من روعه قائلين انه ليست هناك فرصة لان يؤدي الوضع في الاراضي المحتلة الى اهتزاز الأمن في المنطقة وهكذا يظل الائتلاف مفقوداً في الحرب القادمة.
وفي 20 ابريل، اجتمع الرئيس بوش مع مستشاريه في كامب ديفيد، لاجراء مناقشات اخرى حول الازمة في الاراضي المحتلة والعراق، وقرروا الوقوف على الحياد، وهنا يقول المعلق الاسرائيلي «عكيفا ايلدار» في صحيفة «هآرتس» في 26 ابريل عام 2002 ان هذا الامر يعتبر بمثابة ترديد لرأي الصقور في ادارة بوش، الا ان لاسرائيل اجندتها الخاصة بها في مساندة هجوم امريكي على العراق، وفي الوقت الذي اصدرت فيه مصر والزعماء العرب الآخرون تحذيرات قوية لاثناء واشنطن عن رأيها، تزايد الخوف الاسرائيلي من امكانية تراجع الولايات المتحدة.
الضربة النفسية
ويلاحظ أن اسرائيل تسعى في الخفاء و في العلن للتعجيل بالضربة اليوم قبل الغد، ويقو ل وايزمان شيري نائب وزير الدفاع الاسرائيلي وعضو حزب العمل «ان القيام بهذه المهمة سوف يكون اكثر صعوبة في المستقبل، وفي غضون عام او عامين سوف يمضي صدام حسين قدما في تطوير اسلحة الدمار الشامل، ومن مصلحة العالم، بل من مصلحة امريكا بصفة خاصة مهاجمة العراق، وباعتباري نائبا لوزيرالدفاع الاسرائيلي، فإنني استطيع ان اخبركم بان اسرائيل سوف تقدم للولايات المتحدة أي مساعدة تحتاج اليها».
ومع ذلك فان توجيه ضربة امريكية للعراق من منظور قادة الصقور في اسرائيل لن يتوقف عند حد العراق فقط، حيث يعتقد صانعو القرار ان هذه الضربة سوف تقوي قبضة اسرائيل على الساحة الفلسطينية، وفي مختلف انحاء المنطقة.
وقال جدعون عيزرا نائب وزير الداخلية ان توجيه ضربة امريكية للعراق سوف يساعد اسرائيل على فرض نظام جديد، بدون عرفات، في الاراضى الفلسطينية، وبالتالي فان المنطق يقول ان ما هو مناسب للقيام به في العراق، مناسب ايضا للقيام به هنا، واضاف عيزرا قائلا ان توجيه ضربة امريكية للعراق يحمل «بلاشك توجيه ضربة نفسية» للفلسطينيين.
تنظيف المنطقة
ويقول يوفال شتاينتز عضو لجنة الدفاع والشؤون الخارجية لحزب الليكود في الكنيست ان اسرائيل سوف تحصل على ميزة اخرى من وراء ضرب العراق، من واقع ان اقامة حكومة موالية للولايات المتحدة في العراق سوف تكون عونا لاسرائيل في مواجهة عدو اخر: سوريا، واضاف قائلا: «بعد قيام القوات الامريكية باجتياح العراق، سوف نرى نظاماً جديداً على غرار النظام الحاكم في افغانستان، وسوف تتحول القواعد العراقية الى قواعد امريكية، وسوف يكون من السهل جدا الضغط على سوريا لوقف مساندة منظمات مثل «حزب الله» و«الجهاد الاسلامي»، والسماح لجيش لبنان بتجريد حزب الله من سلاحه، وربما وضع نهاية للوجود السوري في لبنان «وقال عيزرا» اذا حدث ذلك، فاننا سوف نرى حقيقة شرق أوسط جديد، ولن تكون هناك حاجة الى غزو سوريا، بل سوف يقتصر الامر على مجرد فرض حصار امريكي او من الامم المتحدة عليها لضمان عدم شحن اسلحة اليها، «ويتوقع عيزرا ان تؤدي الضربة الامريكية للعراق الى تهدئة المنطقة باسرها بمعنى تنظيفها من أي قوة تتخيل اسرائيل أنها تهدد وجودها بما ستؤدي اليه من القضاء على تطرف صدام.
وفي الوقت الذى تتجه فيه مداولات ادارة بوش نحو الحرب ضد العراق، يرى أكثر الاعضاء تشددا بها ان الاطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين ليست سوى خطوة اولى على طريق التحول في منطقة الشرق الاوسط.
كما أن الجدل الدائر بشأن اعادة تشكيل الخريطة السياسية في الشرق الاوسط قد تداولته بعض المؤسسات الفكرية والصقور في الولايات المتحدة منذ سنوات مضت، وتعتبر تلك هي السياسة الأمريكية المحتملة حاليا، مع صعود نجم متشددين بارزين في الادارة الامريكية، حسبما يرى المحللون والمسؤولون.
قطع الشطرنج
ويقول صقور الادارة الامريكية ان العراق ليس سوى قطعة الشطرنج الاولى، ويرون انه بعد الاطاحة بصدام سوف يتوافر للولايات المتحدة المزيد من القوة للتصرف ضد دول أخرى، وسوف تكون في وضع افضل لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وفقا للمنظور الإسرائيلي بالطبع، ورغم أن هذه الافكار لاتمثل السياسة الامريكية الرسمية، إلا أن هذا الجدل اصبح على نحو متزايد بمثابة تبرير لهجوم عسكري ضد العراق.
وقد ظهرت بعض جوانب هذه الاستراتيجية في الخطب التى القاها المسؤولون الامريكيون، وابرزهم ديك تشيني نائب الرئيس، حيث اشارت كلماته الى ان قيام عراق موالٍ للولايات المتحدة، من شأنه ان يجعل المنطقة اكثر امنا بالنسبة لاسرائيل، على اعتبار ان اشد الموالين لها، هم المؤيدون الاقوياء للجناح اليميني الاسرائيلي.
وفي الوقت نفسه، يقول المسؤولون الامريكيون ان قيام عراق موالٍ للولايات المتحدة، سوف يعطي للادارة الامريكية فرصة اكبر لتحقيق تسوية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي، رغم ان تشيني واخرين عرضوا تفاصيل قليلة بشأن كيفية تحقيق ذلك بدقة.
خطة بوش
ان خطة حرب الرئيس الأمريكي جورج بوش ضد العراق، تظهر ببطء من وسط هذا الضباب الكثيف، حيث تكشف عن نفسها في البداية في صورة مجموعة من الشعارات الغامضة، وبالتدريج يتضح ان لها اهدافاً محددة، ان لم تكن خفية، ان خطة الحرب التي يسير عليها انصار بوش، يمكن ان يكون لها معنى فقط من وجهة نظر المتشددين في البيت الأبيض في حالة استعداد القيادة الامريكية لاحتلال العراق من اجل البقاء هناك لسنوات طويلة.
ويرى بوش ومستشاروه، ان هذه العملية تعد استثماراً كبيراً جداً يحقق فوائد هائلة، ومن بينها ضمن اشياء اخرى :
أولا تحقيق الهدف الرئيسي للاقتصاد الامريكي وبالتالي للسياسة الامريكية وهو بترول بحر قزوين.
ثانيا اقامة قاعدة امريكية آمنة في قلب العالم العربي، الامر الذي يمكّن واشنطن من التحكم في المنطقة العربية.
ثالثا ان الوضع الجديد سوف يجعل كل الدول العربية تقريبا تعتمد على امريكا بشكل أكبر.
خطط شارون
إن إسرائيل سوف تفرد جناحيها بقوة في حال اندلاع الحرب و تحقيق أهدافها، فالوجود المادي الأمريكي الهائل في وسط العالم العربي، سوف يحد من آمال القوة والوحدة العربية، وهو امر مثير على مستوى العالم، ولكنه بسيط ومنطقي اذا تذكرنا ما نشر في مطلع الثمانينيات الماضية عن خطط عديدة مثل خطة ارييل شارون التي ترمي لاعادة هيكلة الشرق الاوسط، واقامة منطقة امنية اسرائيلية من باكستان الى افريقيا الوسطى، واسقاط الانظمة الحاكمة، وتنصيب انظمة اخرى محلها، ونقل شعب بأسره.
جنون العظمة
لم يستطع الكثيرون استيعاب ذلك في وقته، إلا أن الرياح التي تهب حاليا في واشنطن تذكر بشارون وخططه، وليس هناك دليل على ان انصار بوش حصلوا على افكارهم منه رغم ما يبدو من انهم جميعا في غاية الاعجاب به، إلا أن الاسلوب يبقى كما هو: خليط من جنون العظمة، والتلفيق، والغطرسة، والجهل، والسطحية، وهو خليط قابل للانفجار.
ان تصور شارون لايخرج عن كونه تصوراً متعثراً، يعاني من التخبط، كما ان الخيال الجامح، والمنطق السطحي لم يكن له نفع في هذا المجال كما ترى ميرياف وورمسر التي تضيف «ان شارون لم يفهم ببساطة مجريات التاريخ الحقيقية، انني اخشى ان تعاني مجموعة بوش وتشيني ورامسفيلد وولفووفيتز وبيرل من نفس المشكلة، وربما يعتقد شارون انه سيكون الفائز الكبير من وراء التحرك الامريكي، على الرغم مما يكشفه التاريخ من انه تسبب في كارثة تاريخية لنا، وربما ينجح في استغلال الفوضى التي تترتب على ذلك في اخراج الشعب الفلسطيني من وطنه، إلا أنه في غضون سنوات قليلة، قد تجد اسرائيل نفسها محاطة بشرق اوسط جديد، تسوده الكراهية والرغبة في الانتقام، ويحركه التعصب، وفي النهاية سوف يعود الامريكيون الى بلادهم».
صراع الحضارات
لقد شهد صيف عام 1993 ظهور مسارين متناقضين يتعلقان باسرائيل، ومكانها في الشرق الاوسط، هما توقيع اتفاق اوسلو الذي اثار الامال باندماج اسرائيل في شبكة من التعاون السياسي والامني والاقتصادي مع جيرانها العرب، وفي نفس الوقت نشر البروفسور صامويل هنتينجتون بجامعة هارفارد كتابه بعنوان: «صدام الحضارات» الذي قال فيه ان الصراعات حول العالم لم تعد تتعلق بالإيديولوجية، بل بالثقافة.
ووصف اسرائيل بانها «نبت غربي» على خطوط هذا الصراع، الى جانب كشمير والبوسنة، لقد قبل هذه الفكرة الجناح اليميني الاسرائيلي بحماس، ووجدت الفكرة بعض المؤيدين من اليسار، وابرزهم ايهود باراك، الذي وصف اسرائيل بانها حصن غربي في المنطقة.
تسوية الجدل
يبدو انه تمت تسوية هذا الجدل منذ ذلك الوقت فصاعدا لصالح نظرية صدام الحضارات، التي سيطرت على المؤسسة السياسية والامنية في اسرائيل، ان نداء صراع الحضارات عبّر عن نفسه في هذا الحماس الاسرائيلي الجارف لهجوم امريكي محتمل على العراق، فاسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تساند بشكل مطلق القرارالامريكي، فقد حثت واشنطن على سرعة اتخاذ اجراء بهذا الصدد، مع الاخذ في الاعتبار اعتمادها على الدفاع الامريكي، والدعم الاقتصادي لها.
انتشال شارون
وقد قاد شارون هذه السياسة، ورغم انه القائل بانه لاتوجد هناك مآدب غذاء مجانية في السياسة، الا انه يستجدي حاليا المساعدات من امريكا، محاولا توجيه المدفع الامريكي الى هدفه التالي بعد العراق.
ان دافع شارون الى اعتناق مبادئ الرئيس الامريكي جورج بوش كان الرغبة في الفوز بفترة ثانية في منصب رئيس وزراء اسرائيل، وبعد ان تحقق له مراده فانه يجد من الصعب عليه اظهار اي انجازات خلال العشرين شهرا التي امضاها في السلطة، وبالتالي فإن الورقة الوحيدة التي مازالت بيده تتمثل في الورقة الدبلوماسية، المتمثلة في العلاقات الجيدة بين واشنطن وتل ابيب، كما ان حملة شارون تدور برمتها حول هذه العلاقات، وتوظيفها لانتشاله من الفشل الذريع.
ويقدم شارون وانصاره الماكرون وعودا بان العام الحالي سيكون هو العام الذي سيتم التعويل عليه، في الوقت الذي وجهوا فيه كل آمالهم وتوقعاتهم الى واشنطن: فالهجوم الأمريكي على العراق ينظر اليه على انه القوة التي من شأنها انتشال اسرائيل من ازمتها الاقتصادية والامنية والاجتماعية، مع آمال ان تؤدي الاطاحة بنظام صدام حسين الى وضع نهاية لمظاهر العنف، وانهاء نظام عرفات والقضاء على التهديد الذي تتعرض له اسرائيل من ايران وحزب الله وفق مايقوله «علوف بين» في صحيفة «هآرتس» في الثامن عشر من نوفميرعام 2002.
القومية الامريكية
ومن اجل فهم تكوين هذا الطموح غير العادي المتمثل في «العالم الامريكي» يتعين فهم الوعاء المعنوي والثقافي والفكري الذي تتكون فيه القومية الامريكية وتأخذ شكلها، فلقد وجدت هذه القومية منذ فترة طويلة قبل سبتمبر، إلا أنها اشتعلت بسبب الهجمات التي وقعت في ذلك الوقت، وبشكل خطير واصبحت متلازمة بشكل كبير مع قومية اليمين الاسرائيلي..
مَنْ هم المستفيدون ؟
من وجهة النظر الإسرائيلية، يبدو واضحا ان المستفيدين من اليد الحرة الطليقة لأمريكا في شرق أوسط نظيف من المشاكسين هم جماعة الضغط الاسرائيلية وممثليها في الادارة الامريكية، وبالنسبة للمجموعة المحيطة بنائب الرئيس ديك تشيني يتمثل الاعتبار الوحيد الهام في ضمان الوصول الحر الى منابع الطاقة، والسيطرة بقدر الامكان على مصادرها، ومع ظهور التكنولوجيات البديلة، فإنها يمكن ان تكون بمثابة تهديد حقيقي لجماعة الضغط البترولية.
من هنا يمكن النظر الى الحرب مع العراق على انها نتيجة مرضية لكلتا الجماعتين، ان ما تأمل فيه الادارة الامريكية هو إرهاب وترويع بقية دول العالم الاسلامي، من خلال سحق دولة اخرى متوسطة الحجم بتكاليف عسكرية محدودة، ودفعها الى التعاون الكامل في تعقب الارهابيين المشتبه فيهم والقبض عليهم وتسليمهم، والتخلي عن القضية الفسطينية، وبعبارة اخرى، إرهاب هذه الدول ودفعها ليس فقط الى المساعدة في تعقب اعضاء تنظيم القاعدة، بل الخضوع للولايات المتحدة.
وما هو أهم من ذلك كله، الخضوع للاجندة الاسرائيلية في الشرق الاوسط، «ان الطريق الى سلام الشرق الاوسط يمر عن طريق بغداد وهو الخط الذي تسير عليه ادارة بوش، وجماعة الضغط الاسرائيلية، وربما يعتقد بعض اعضاء الادارة الامريكية، انه من خلال تدمير اقوى عدو باقٍ على الساحة، فانهم سوف يحصلون على رصيد لهم لدى جماعة الضغط الاسرائيلية، التي ستكون قادرة على الحصول على مزيد من الحلول الوسط لصالح برنامجها.
سحق الانتفاضة
ليس هذا هو ما تراه البيانات العامة
الصادرة عن اعضاء الادارة الامريكية، ناهيك عن حلفاء الليكود في اسرائيل، خاصة انه ليس من المحتمل كثيرا ان يأمل معظم اعضاء ادارتي بوش وشارون ان يؤدي سحق العراق الى القضاء على الروح المعنوية للفلسطينيين، وبالتالي خفض مستوى التأييد العربي الواسع لهم، واجبارهم على قبول تسوية بنظام البانتوستان التي لاتحمل أي صلة بقيام دولة مستقلة من وجهة النظر الخاصة بالصراع العربي الاسرائيلي والحرب مع العراق التي تتسم بخاصية الهروب الى الامام من جانب الادارة الامريكية.
لقد اصبح من الواضح ان الصراع مرتبط بكل شيء يحدث في الشرق الاوسط. وبالتالي فإنه لايمكن تجاهله ببساطة، كما حاولت ادارة بوش ان تفعل خلال العام الاول لها في الحكم من ناحية، ومن ناحية اخرى فانه حتى اعضاء النخبة السياسية الامريكية الذين لديهم بعض الفهم للوضع، ويشعرون بالقلق بشأن تطبيق العدل، ويساورهم الخوف من مواجهة اسرائيل وجماعة الضغط الاسرائيلية باسلوب يكون ضروريا لتوفير فرصة احلال السلام، وعندما تطلب الادارة الامريكية اقامة «الديموقراطية» في الاراضي الفلسطينية قبل ان تعود مجددا الى الاشتراك في عملية السلام، فانها بذلك تحاول الخروج من هذه المصيدة على حد تعبير اناتول ليفين، العضو في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي.
الهدف الخفي
لمعرفة مايدور في ذهن الادارة الامريكية بشأن العراق يرى بعض الخبراء ان الامر لايتعلق كثيرا باسلحة الدمار الشامل، بقدر ما يتعلق بتنفيذ رؤية امريكية طموحة لاعادة رسم خريطة الشرق الاوسط، وربما يتم رسم هذه الخريطة لتحقيق هدفين اساسيين: السيطرة على منابع الطاقة، وضمان التفوق العسكري الاسرائيلي الاقليمي حسبما يقول باتريك كلاوسن، المحلل السياسي في معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى، الذي يتمتع بروابط وثيقة مع ادارة بوش.
يقول باتريك «لايجب علينا ان نتأثر كثيراً بالميزات التجارية التي يمكن ان تتحقق من وراء اعادة دمج العراق في الاقتصاد العالمي»، ولكن السيطرة على العراق، واعادة صياغة السوق العالمي لايعني بالضرورة نهاية اللعبة، وسوف تتمثل الخطوات التالية التي يفضلها المصممون على وضع الامن الاسرائيلي قبل اهداف السياسة الخارجية الامريكية الاخرى في القضاء على أي تهديد منظور باقٍ للدولة اليهودية.
الدم الامريكي
يظهر الامريكيون تخوفاً واضحاً تجاه الخسائر البشرية المتوقعة جراء الحرب، ويبدو ان المتشددين في ادارة الرئيس بوش وحولها، يعرفون في قرارة انفسهم ان الحرب التي يجري التخطيط لها في الشرق الاوسط لن تنجح بدون إراقة دماء الامريكان.
ويقول في هذا الصدد مايكل لادين في كلمة له نقلتها صحيفة «ناشيونال ريفيو اون لاين» في اغسطس الماضي «اننا نأمل في تحويل المنطقة الى مرجل وبشكل سريع من فضلكم».
ويقول ساندي تولان، استاذ الصحافة في جامعة «يو. سي.بيركلي» في مقال له في صحيفة «لوس انجلوس
الفريق عامر السعدي مستشار الرئيس العراقي يدحض الدلائل الأمريكية حول أسلحة الدمار الشامل تايمز» في اول ديسمبر عام 2002 «انها رسالتنا الخاصة بمحاربة الارهاب» ان الهدف الفوري الذي يحظى بالترحيب من حملة عسكرية امريكية ضد العراق، هو القضاء على نظام صدام حسين اكثر حكام العالم اضطرابا من الناحية النفسية وتوجيه ضربة للارهاب وانتشار اسلحة الدمار الشامل، وهو امر يحظى بالترحيب من وجهة النظر الاسرائيلية، مهما كانت عواقبه.
طريق بغداد
ان غزو العراق سوف يتيح فرصة اقامة شرق اوسط جديد، ولكنه مختلف، وقد تحدث عضو مجلس الشيوخ الجمهوري تشوك هاجل، عن ولاية نبراسكا بعد عودته من جولة لتقصي الحقائق استغرقت اسبوعا في الشرق الاوسط امام مجلس شيكاغو للعلاقات الخارجية في 16 ديسمبر الماضي معلنا بصوت عالٍ ما يتم الهمس به في الكونجرس: « ان الطريق الى احلال السلام بين العرب واسرائيل يمر على الارجح عبر بغداد، كما يعتقد البعض» وهذا البعض يقودهم رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون.
ان اكبر خطوة تقدم عليها الولايات المتحدة لاسرائيل هي الاطاحة بنظام صدام حسين، ويسود هذا الرأي على نطاق واسع في ادارة بوش، وهو سبب واضح لتجمع القوات الامريكية حاليا لخوض الحرب، وفي الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة لشن الحرب، يتسم وضعها، حتى بين حلفائها منذ امد طويل، بانه لايزال منخفضا.
أيهما الأخطر
وما زال بعض القادة الأمريكان يرون أن الخطر الارهابي مزدوج بين حزب الله والقاعدة وفي محادثة خاصة، اصرت مستشارة الامن القومي الامريكي كوندوليزارايس، على ان حزب الله وليس تنظيم القاعدة هو اخطر منظمة ارهابية في العالم، كيف يحدث ذلك ولكن اذا نظرنا الى المكاسب التي حققها حزب الله على الأرض ندرك أن تلك المخاوف قادمة من تل أبيب وليس من واشنطن كما ألمحت مستشارة الأمن القومي الأمريكي.
ورغم ضراوة الخطابة التي يتبعها حزب الله الذي يتخذ من لبنان مقرا له، إلا أنه يركزعلى القضاء على اسرائيل، ولذلك فإن رايس ترى في تعليقاتها ان حرب الولايات المتحدة ضد الارهاب، التي تثور الاتهامات بأنها تتركز على العراق، إنما تتركز في الحقيقة على مهددات الأمن في المنطقة.
مخاوف المسلمين
ان الرباط بين سياسات بوش وشارون الذي يبدو انه غير قابل للانفصام على نطاق واسع، يثيرالتوتر في العالم الاسلامي كما ان الحرب مع العراق ربما لاتكون حتمية، ولكنها محتملة بشكل كبير، ويبدو كما لو ان الحرب التي يشنها شارون تثير القلق والانزعاج بين امريكيين مثل تشوك هاجل الذي لايستفيد من صدام حسين، ولكنه يشعر بالقلق بشأن خلفية وقوع هجوم عليه على حد قول روبرت نوفاك «واشنطون بوست في 26 ديسمبر2002».
روح الانتقام
برغم أن العراق لم يكن يوماً يناضل من أجل القضية الفلسطينية و لا ضد اسرائيل إلا أنه بسبب ما حدث عام 1991 اثناء حرب تحرير الكويت، فإن الرأي العام الاسرائيلي يشعر بالرغبة في الانتقام، وعندما يتحدث شارون عن العراق، يكون لحديثه رنين هائل «ان القبول الايجابي لشارون يرجع في جزء منه الى خوف الكثيرين من الاسرائيليين من وقوع هجوم عراقي يحاول الساسة الأمريكان اخافة الرأي العام منه، حسبما يقول المعلقون، في ضوء ذكريات حرب عام 1991.
ويقول ديكستر فيلكينز من صحيفة «نيويورك تايمز» في 29 ديسمبر 2002: «في ضوء البيئة السائدة في الولايات المتحدة بالنسبة للجدل الخاص باسرائيل، واتهام منتقدي اسرائيل بانهم تحركهم دوافع خاصة بهم، وانتشار الفزع على نطاق واسع من ربط اسرائيل او اليهود الامريكيين بالتخطيط للحرب ضد العراق، فإن النماذج التالية تعد ذات اهمية خاصة: الاول يتمثل في التقارير التي تكشف عن جهد يهودي واضح لدحض اي دليل على المساندة اليهودية للحرب، والثاني يتمثل في دليل من المنظورغير اليهودي على تأثير الصمت المفروض على نقاد اسرائيل «لقد ارسلت مجموعة من المستشارين السياسيين الامريكيين الى قادة موالين لاسرائيل بمذكرة يحثونهم فيها بالتزام الهدوء في الوقت الذي تسعى فيه ادارة بوش الى حرب محتملة ضد العراق.
وقد قامت جماعة «مشروع اسرائيل» وهي جماعة تمولها المنظمات اليهودية الامريكية والافراد المتبرعون بتقديم هذه المذكرة التي تتكون من ست صفحات.
مشاركة اسرائيل
وقال واضعو المذكرة ان الجمهور الرئيسي لهذه المذكرة هو زعماء اليهود الامريكيين، غير ان معظم مضمونها موجه مباشرة الى الاسرائيليين، وهي تعكس قلقا بان تورط اسرائيل في مواجهة امريكية عراقية يمكن ان يضر بوضع اسرائيل في دوائر الرأي العام الامريكي، ويقوض المساندة الدولية لقيام خط متشدد ضد الرئيس العراقي صدام حسين.
وقالت المذكرة «اتركوا الامريكيين يناقشون الموضوع في الكونجرس ووسائل الاعلام.. اتركوا دول العالم تناقش الامر امام الامم المتحدة، ان صمتكم يسمح لكل واحد ان يركزعلى العراق، وليس اسرائيل» ويقول دبلوماسي اسرائيلي في واشنطن ان الحكومة الاسرائيلية لم تطلب ولم تمول جهود مشروع اسرائيل وانه ليس من المحتمل ان يتبع الزعماء الاسرائيليون النصيحة كلها. واشارالدبلوماسي الى «انهم رجال علاقات عامة محترفون، وهناك ايضا جانب سياسي دبلوماسي».
مذكرة العراق
وصدرت مذكرة خاصة بالعراق في الاسابيع الماضية تحمل وصف «الخاصية السرية لمشروع الحرب»، وقالت المذكرة تحت عنوان الحديث عن العراق، اذا كان هدفكم هو تغيير النظام، فإنه يجب عليكم التزام غاية الحذر عند استخدام لغة الخطابة، بسبب رد الفعل المحتمل».
واضافت المذكرة «عليكم ألا تدعوا الشعب الامريكي يعتقد أن الحرب ضد العراق هدفها حماية اسرائيل، وليس حماية أمريكا» وحثت المذكرة بصفة خاصة الاسرائيليين الكف عن الحديث عن احتمال قيام اسرائيل بالرد على هجوم عراقي..
ان مثل هذا التأكيد ربما يكون سياسة اسرائيلية، إلا أن ترديدها على الملأ وبصراحة من شأنه ألا يتناسب مع غالبية الامريكيين، حيث إنها تقترح نتيجة مسبقة ولاتعتمد على نهج مدروس حسب قول «دانا ميلهانك» في واشنطون بوست في 27 نوفمبر 2002.
تساؤل غريب
اننا نحتاج الى إزالة اللغز المتعلق بالسؤال عن عدم قدرتنا على مناقشةعلاقتنا مع الحكومة الاسرائيلية الحالية، ان السؤال لايزال قائماً بشأن ما اذا كانت الاجراءات التى تتخذها هذه الحكومة تمثل دفاعا عن النفس، او كونها شكلا خاصا من اشكال التضحية بالنفس.
ان لهذا السؤال ظلاً من التاريخ بالطبع، وقد تمت مناقشته بشكل متعقل مع عدد من المفكرين البارزين في القدس وتل ابيب، الا انه لم تتم مناقشته في واشنطون ونيويورك بهذا القدر من المنطق والتعقل، بل نادرا ما تمت مناقشته على الاطلاق، حيث إن عددا قليلا من الأمريكيين يرغبون في رؤية ليلهم يتحول الى جو مسموم، وهو ماحدث ايضا في المحافل الاكاديمية التي تتبنى مواقف واشنطون ونيويورك.
لم يعد المجال متاحا للتساؤل حول القبلة التي ستتجه إليها بوصلة واشنطن وتل أبيب في الحرب المرتقبة بقدر ما يدور التساؤل حول ملامح الشرق الأوسط المزمع إقامته في أعقاب حرب العراق.
هل تؤدي الحرب إلى القضاء على نظام صدام حسين المتعنت، و إقامة حكومة وطنية مسالمة، أم تكون الحرب فرصة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لمخططيها، وماهي انعكاسات التحمس الإسرائيلي للحرب؟ وهل تجهز الحرب على مشروع السلام مطلقا؟ أم هي حرب السلام الإسرائيلي؟ و هل يمر هذا السلام عبر بوابة بغداد بالضرورة؟ أم أن المعركة برمتها تمثل مقبرة للسلام؟ أسئلة عديدة تنتظرما ستسفر عنه الأيام.
++
(*) مسؤولان سابقان في المخابرات المركزية الأمريكية عن «كاونتر بانش»
++
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|