يقدم فيلم (العدد 23) كوميديا عرضية بطولة جيم كاري الجاد هذه المرة الذي يدين بشيء إلى ديفيد فينتشر، وشيء آخر إلى روبرت أنتون ويلسون ولا شيء تقريبا، إلى عمالقة الضحك، جيلوس (اليوناني) أو جيري لويس (الأمريكي). في نغمته المتشائمة والطابع الموسيقي المذعور، يتذكّر الفيلم العديد من الافلام المثيرة السابقة للمخرج جويل شوماخر، بشكل خاص (8 ملليمتر) الذي يعكس توجهه الاستغلالي. ومثل كلّ أفلامه، فإن هذا الفيلم الجديد يبدو مصقولا بشكل محترف؛ مثل (8 ملليمتر) وهو ثقيل الظلّ ما عدا عندما يكون مثيراً للضحك.
وكصانع بارع للأدب القصصي المثير، بدأ السّيد شوماخر في هوليود كمصمم أزياء قبل أن يكتب العديد من الأفلام ذات الصبغة السوداء، منها المجموعة الكوميدية لمايكل شولز البارزة (Car Wash) واستمرّ في اخراج الافلام الترفيهية مثل (the Lost Boys) وغيرها وجلب ترخيص امتياز (باتمان) أيضا إلى توقّف مؤقت مع (باتمان وروبن) (الذي يرتدي فيه جورج كلوني بدلة مطاطية)، ولكن هذا الفيلم مهّد الطريق لفيلم كريستوفر نولان (بات مان يبدأ)
وضى استحواذية إلزامية
ومهما كانت غير معقولة، فإن أفلام السّيد شوماخر مميزة وفريدة، تماما مثل برامج التلفزيون المملة ولكنك لا تستطيع ان تتوقف عن مشاهدتها أما فيلم (العدد 23) من تأليف فيرنلي فيليبس، فيبدأ بشكل موعود مع السّيد كاري الذي يراقب كلباً من خلف مقود شاحنته. الشخصية، واسمها (والتر سبارو) يعمل صائداً للكلاب في أي مكان في الولايات المتّحدة. وهي الوظيفة التي لا تمثل أي شيء مقارنة بدور السّيد كاري البارع في فيلم Ace Ventura: Pet Detective
زوجة والتر، أجاثا (فرجينيا مادسين)، تقوم بشراء كتاب مستعمل له يحمل عنوان (العدد 23) كتبه شخص يدعى توبسي كريتس وقبل أن تقول (فوضى استحواذية إلزامية) أو تبحث عن كلمة apophenia (تجربة رؤية الارتباطات بين أشياء لا وجود لها)، والتر يجد نفسه يرى العدد 23 في كل مكان يذهب اليه: في الداخل والخارج، على لافتات الشوارع وفي تاريخه الشخصي واسمه ومناسباته.
ولكن ماذا يعني ذلك؟ ليس كثيراً، ولو أنّ الفيلم يقضي الكثير من وقتنا وطاقته في محاولة إقناعنا خلاف ذلك. السّيد شوماخر يتمتع ببعض المرح مع التأثيرات الخاصة، ويأخذنا داخل العالم الجديد الكئيب للكتاب بنفسه، حيث يلعب السّيد كاري شخصية أخرى لها علاقة بالحيوان، (فينجيرلنج) وتعني سمكا صغيرا، لكنّه يبدو كالبطاطا الصغيرة. مخبر بالمهنة، يلعب آلة الساكسفون، ويعبث مع سيدة جذابة اسمها فابريزيا (الآنسة مادسين)، ثم يرتبط بسيدة يطلق عليها شقراء الانتحار (لين كولينس).
النكتة العالمية
بالنسبة للتعرف على اسلوب الفيلم: اعترف السّيد فيليبس بقراءة روبرت أنتون ويلسون، وقام مع روبرت جي. شي، بكتابة المجموعة المفضلة Illuminatus الثلاثية وهي سلسلة من ثلاث روايات تضم نظريات المؤامرة في عمل إبداعي بوليسي وخيال علمي، وساعدت على إشاعة الفكرة أن فيلم (العدد 23) ذو مغزى بطريقة ما، وهي فكرة ربما تكون نشأت عن النكتة العالمية. ويمكن قياس شعبية الكتاب لدى بعض القراء عبر المواقع على الإنترنت المكرسة لفيلم (العدد 23) ايضاح لغز العدد 23
وعلى الرغم من الأرقام المتطايرة بشكل سريع، لكنها تبدو عديمة الأهمية أخيرا بالنسبة الى نغمات الفيلم المتعلقة بالجريمة والعقاب.
من الواضح أن قصة فينجيرلنج مسلية للسّيد شوماخر، الذي يظلّم لوحة الألوان المتجهّمة لتشديد الظلال ويركّز على اللغز، لكن يدّه الثقيلة تساعد على دفع الموضوع بعد فترة قصيرة الى المحاكاة الساخرة الذاتية الجنائزية. قد يكون ذلك جيداً بالتأكيد ينتج عنه ضحكات مرحب بها، خصوصا نحو النهاية إذا ظهر السّيد كاري في النكتة. ولكن للأسف، هذه الموهبة الهزلية العظيمة، يبدو انه يعتقد أنه يواجه فيلما جاداً ، ويبادل طبيعته المرنة ونعمته الطبيعية بالتحديق المزاجي والمواقف الحزينة.
(العدد 23) حصل على تقدير R (تحت سن 17 يتطلّب مرافقة الوالد او وصي بالغ). لغة البالغين، مشاهد المخاطر الحيوانية، ومنظر واقعي لحنجرة بشرية مشقوقة.