في أول أيام العام الجديد غادرت الطفلة إيفيلين أزيدرو (ست سنوات) منزلها في حي فقير قرب جواتيمالا سيتي لشراء حفاضات لشقيقها الرضيع. وبينما كان والداها يبحثان عنها في الشوارع قابلا والتر أجوير (18 عاماً) حاملاً حقيبة ظهر. وقد اعترف لاحقاً بأنه كان يحمل جثة الطفلة الصغيرة بداخلها في طريقه للتخلص منها.

ووقعت نحو 48 جريمة قتل لكل مائة ألف شخص في العام الماضي وهي من أعلى معدلات جرائم القتل في أمريكا اللاتينية، ويسقط طفل ضحية لواحدة من كل ثماني جرائم، وعدد كبير من القتلة من الشبان.

ويقل عمر نصف سكان جواتيمالا عن 17 عاماً، كما أن عدد الأطفال المعرضين لجرائم عنيفة لا يبشر بالخير لمساعي التخلص من التاريخ الدموي في الآونة الأخيرة الذي شهد حرباً أهلية دامت 36 عاماً ووضعت أوزارها عام 1996م.

ومنذ نهاية الحرب الأهلية تزايدت الجرائم التي ترتكبها عصابات الشوارع على غرار ما يحدث في لوس أنجليس وعصابات تجارة المخدرات المنظمة. ومعظم القضايا لا تخضع لتحقيق لائق، وزاد الأمر سوءاً اكتشاف تورط رجال شرطة ورجال أمن فاسدين في جرائم خطف وقتل.

ويقول كارلوس توليدو الذي يدير منزلاً لإيواء أطفال الشوارع والأحداث الجانحين إن من الصعب إبعاد الأطفال عن الجريمة العنيفة نظراً لتفشى الانتهاكات الجنسية والجسدية بين الأسر المحرومة. ويقول: (حالتهم النفسية غير سوية. يقول الطفل لنفسه: المجتمع استغلني وسوف أستغله الآن. إنه نوع من الانتقام).

وترك جادجيت (19 عاماً) وهو اسم مستعار أخذه من شخصية شهيرة في أعمال الكارتون الأمريكية عصابة كالي 18 قبل ثلاثة أعوام ولا يزال مختبئاً. وانضم جادجيت إلى العصابة وعمره 15 عاماً، واشترط لضمه قتل عضو في عصابة منافسة بمسدس، ويقول: (حين انضممت قالوا لي: تنضم إلينا حياً ولا تغادرنا إلا في صندوق). ويضيف أن أكثر أعضاء أفراد العصابة شراسة في الحي الذي يقطنه طفل يتيم في التاسعة من عمره أطلق عليه اسم (ويكد) كان يقتل الأطفال كما قتل أربعة من سائقي الحافلات لعدم دفعهم إتاوات. وأضاف: (كان أكثرهم جنوناً؛ قتل عشرة في شهر واحد). وتابع أن العصابة كانت تضمّ أيضاً فتاة تبلغ من العمر 16 عاماً كانت ترتدي زياً مدرساً وجورباً قصيراً، ولكنها تضع مسدساً في الحقيبة التي تحملها على ظهرها وتستعمله كثيراً. وكانت تقتل من يرفضون دفع الإتاوة، وكانت تصل إلى 50 دولاراً في الأسبوع بالنسبة لبعض الأسر، وهو مبلغ كبير.

وينضم أطفال مهمشون أو أسيئت معاملتهم إلى عصابات الشوارع التي يعتبرونها أسرة بديلة نوعاً ما. ويعتقد أن عدد أعضاء عصابات الأطفال يتراوح بين ستة آلاف و40 ألفاً. وتأسست هذه العصابات في لوس أنجليس وانتقلت إلى أمريكا الوسطى في نهاية التسعينيات حين بدأت السلطات الأمريكية ترحيل المهاجرين غير الشرعيين الذين ارتكبوا جرائم. وتقول جماعات حماية حقوق الشبان إن ما يعقد مشكلاتهم هو استهداف بعض رجال الشرطة ورجال الأمن الشبان الذين يضعون وشماً أو المشردين وضربهم ضرباً مبرحاً أو قتلهم إبان الحرب الأهلية. وأصبح العنف قضية رئيسية في الحملة الانتخابية لانتخابات الرئاسة التي تجري في سبتمبر - أيلول. ويعد أوتو بيريس مولينا الجنرال السابق في الجيش وعضو الكونجرس (بالتعامل بصرامة) مع عصابات الشبان حال فوزه، ويريد تغيير قانون العقوبات للسماح بمحاكمة من يتجاوز عمرهم 16 سنة كبالغين بدلاً من 18 عاماً.

وصرح ل(رويترز): (يتورط عدد أكبر ممن هم في سن الشباب في أنشطة غير مشروعة من سرقة سيارات إلى تنفيذ مهام لعصابات إجرامية تستغلهم لارتكاب جرائم قتل نظراً لأنهم سيحاكمون كأحداث). كما يدعم أليخاندرو جياماتي الرئيس السابق لجهاز السجون والمرشح في انتخابات الرئاسة، تنظيم عمليات مشتركة بين الجيش والشرطة لمحاربة الجريمة. وتم استدراج فتاة وقتلها عمداً من قبل فتيان تائهين، وأصاب جيران الفتاة الإحباط بسبب عدم كفاءة النظام القضائي؛ إذ يدين أقل من اثنين بالمئة من القتلة هذا النوع من الجرائم، وقرروا أن يأخذوا على عاتقهم تنفيذ العدالة، وحاولوا حرق الكوخ الذي تقطنه الفتاة انتقاماً منهم.