|
كنت في البحرين |
لا أعرف عدد المرات التي زرت فيها البحرين..
سائحاً..
أو في مهمة رسمية..
وهي زيارات متعددة..
بدأت وأنا يافع وفي بواكير شبابي..
وما زال هناك ما يوقد الشوق لتكرار الزيارات واحدة بعد أخرى.
***
لكن الذي أعرفه..
ولا يغيب تفسيره عن ذاكرتي..
وليس لي أن أنساه أو أتناساه..
سواءً وحيداً كنت قادماً للبحرين..
أو مع آخرين ممن أحبُّهم وأفرح برُفقتهم..
ان مملكة البحرين بأرضها وبحرها وناسها آسرة لمن أقام فيها، أو كان (مرّار طريق) من خلالها.
***
في الأسبوع الماضي كنت في البحرين أزورها من جديد..
أضيف رقماً جديداً من أرقام الزيارات الجميلة لها..
كما لو أنني كنت فيها أختبر ذاكرتي مع القديم والجديد من أماكنها..
وأعيد ثانية، أو أجدد مرة أخرى علاقة ودٍّ وتقدير للبحرين وأهل البحرين.
***
وما من أحد منا أحب شيئاً وأخلص له..
وتفاعل مع مستجداته وتطوراته بما يملك من ذائقة فنية ومشاعر خاصة..
إلاّ وشعر بأن عالمه الخاص يتجدد نحو الأجمل والأروع..
وهكذا كان حالي في البحرين..
مع زيارتي الأخيرة لهذا البلد الشقيق..
وأنا في هذا كحال ذلك السائح الذي وجد في البلد الذي حطَّ فيه رحاله ما فقده أو افتقده عند غيره.
***
أجمل ما في البحرين..
وأروع ما في البحرين..
أن إنسانها لم يتغير كثيراً..
ولم يتنكر بشكل لافت لماضيه..
وهو وإن بدا متأثراً من بعض الأوضاع..
وإن ظهرت في مجتمعه شرائح تقول بما لا يفيد..
وتتحدث بما أزعم وفق فهمي المتواضع أنه خطأ..
إلاّ أن هؤلاء لم يتنكروا أو يديروا ظهورهم أو يغمضوا عيونهم عن الحقيقة متى ظهرت لهم وهذا شيء جميل.
***
أقول بعد كل ما رأيت..
في الماضي..
والحاضر..
وبعد كل ما قلت..
إن علاقة الإنسان بالآخر..
بالدول..
والجماعات..
والأفراد..
تبدأ ولا تنتهي طالما أنها تعتمد على الإخلاص في العمل، والصدق في القول مع تناغم في المعتقد والتوجه والنظرة نحو المستقبل..
وهذا بعض من انطباع، وشيء من تصورٍ للبحرين بعد عودتي منها.
خالد المالك
|
|
|
فشلت في منع هجمات سبتمبر وفي الحرب على العراق الـ>> سي أّي ايه << .. حصان طروادة الأمريكي ! |
* إعداد محمد الزواوي
تعرض تينيت مدير جهاز المخابرات المركزية الأمريكية للعديد من الضغوط، إلا أن قرار استقالته أثار حيرة العديد من المسؤولين في واشنطن وداخل المخابرات المركزية الأمريكية. لقد تعرض تينيت بكل تأكيد إلى انتقادات سياسية على خلفية أداء المخابرات المركزية الأمريكية فيما يتعلق بهجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول وأعمال الاستخبارات قبيل حرب العراق.
وتنتظر الأوساط السياسية الأمريكية تقريرين من قبل اللجنة المخولة بالتحقيق في ملابسات هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001 ولجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي. ويتوقع أن يوجه التقريران انتقادا شديد اللهجة للمخابرات المركزية الأمريكية.
قال مصدر مقرب من المخابرات الأمريكية: (لا نرى أي مؤشرات) تدل على أن تينيت استقال بدافع التعرض لضغوط. وهناك أسباب شخصية دفعت تينيت للتنحي عن منصبه لعل أبرزها هو حالته الصحية، فتينيت لديه مشاكل في القلب. وكان تينيت مقربا من بوش وكان يتمتع بشعبية وحيثية كبيرة داخل جهاز المخابرات المركزية الأمريكية. وحظيت استراتيجيته التي وضعها لاسقاط نظام طالبان باستحسان المسؤولين الأمريكيين، إلا أن العلاقات بين البيت الأبيض والمخابرات المركزية شابها التوتر مؤخرا. وألمحت بعض المصادر إلى أن هناك أسبابا سياسية تقف وراء استقالة تينيت خاصة وأن العديد من أعضاء الكونجرس فقدوا ثقتهم في تينيت.
وقال ريتشارد شيلبي، السيناتور الجمهوري عن ولاية ألاباما: (لقد سقطت المخابرات في الكثير من الأخطاء في ظل عهده (تينيت) كرئيس للمخابرات المركزية أكثر من أي وقت مضى. طالما شعرت أنه بالرغم من كونه رجلا شريفا يفتقد إلى القيادة الحاسمة اللازمة للعمل في دنيا المخابرات بصورة أكثر فعالية في عالم ما بعد 11 سبتمبر/أيلول). وتواجه المخابرات الأمريكية صيفا عصيبا حيث من المتوقع أن تنشر اللجنة المكلفة بالتحقيق في ملابسات أحداث الحادي عشر من سبتمبر تقريرها النهائي في الأسابيع المقبلة الذي من المتوقع أن يلقي اللائمة على المخابرات ويتهمها بالفشل في إيقاف أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة. كما يعمل تحقيق آخر على الكشف عن مدى صحة المعلومات التي كانت تنقلها المخابرات للرئيس الأمريكي بشأن أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها الرئيس العراقي المخلوع، صدام حسين، والتي كانت سببا في الحرب.
صراع على السلطة
ويقول منتقدون إن تينيت لم يقدم ما يكفي
لإعادة تنظيم المخابرات المركزية وإخراجها من إطار حقبة الحرب الباردة قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001. وأوضح آخرون أن تينيت خسر في ما يبدو أنه كان صراعا على عرش الاستخبارات مع وزارة الدفاع الأمريكية. لكن وزير الدفاع الأمريكي، دونالد رامسفيلد، نفى وجود هذا الصراع مؤكدا أن هناك علاقة عمل جيدة بينه وبين تينيت. وربما يشجع تنحي تينيت أولئك الذين يرون أنه يتعين إعادة هيكلة المخابرات الأمريكية بصورة كاملة على الأقل بإيجاد منصب جديد أو شخصية تسيطر على كافة أجهزة المخابرات الأمريكية.
سقوط سياسي
وعلى أية حال فإن توقيت استقالة تينيت ليس مناسبا خاصة وأن اختيار مدير جديد للمخابرات بواسطة الكونجرس وسط حملة انتخابات رئاسية سيكون صعبا فما بال إصلاح المخابرات الأمريكية. وقد تؤجل عملية اختيار مدير جديد للمخابرات وإعادة هيكلة وإصلاح أجهزة الاستخبارات الأمريكية إلى شهر يناير المقبل. وسيكون هناك الكثير من المطالب لإيجاد أجهزة استخبارات يعتمد عليها بصورة أكبر وذات كفاءة أعلى في ظل تناثر الأنباء التي تضر بسمعة الإدارة الأمريكية. لكن انسحاب تينيت في هذا الوقت من المخابرات المركزية الأمريكية دحضت تلك المطالب وخففت بعض الضغط على إدارة بوش. يقول الكاتب توماس باورز في تحليل سياسي نشرته مجلة (نيويورك ريفيو أوف بوكس) ان وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية اليوم في أزمة حقيقية، وهي الثانية لها في نصف قرن منذ إنشائها عام 1948، وقد كان من أهم مهامها هو خدمة رئيس البلاد، واليوم يتوجب موافقة مجلس الشيوخ على تعيين مديري الاستخبارات قبل أن يشغلوا ذلك المنصب، كما يتوجب عليهم تقديم تقارير دورية بشأن نشاطاتهم إلى لجان الاستخبارات بالكونجرس. ويضيف قائلا: لكن بالرغم من ذلك فلم تساهم تلك القيود والوسائل الرقابية في الحد من سلطات الرؤساء لاستخدام المخابرات المركزية بالطريقة التي يرونها مناسبة لهم. وفي العقود الماضية استخدم رؤساء الولايات المتحدة المخابرات المركزية لتنفيذ مهام تتعلق بشن الحروب ضد دول معادية، أو محاولات اغتيال القادة الأجانب، أو من أجل تجميع الأموال بغرض شن وإدارة حروب سرية، وفي بعض الحالات السيئة السمعة قامت المخابرات بمحاولات لوقف تحقيقات المباحث الفيدرالية، كما حدث في فضيحة ووترجيت عندما قامت الاستخبارات بوقف تحقيقات المباحث الفيدرالية التي تتعلق باقتحام عملاء للبيت الأبيض لمبنى ووترجيت بغرض الحصول على وثائق سرية. والمأزق الراهن الذي تقع فيه المخابرات المركزية، من وجهة نظر توماس باورز، هو نتيجة الحملة التي شنها البيت الأبيض من أجل تبرير الإطاحة بصدام حسين، وذلك عن طريق تلفيق تقارير استخباراتية عن شحنات أسلحة دمار شامل عراقية، وبذريعة أن العراق قام بإسراع خطى برنامجه لتطوير المزيد من الأسلحة. ولكن بعد سقوط بغداد فشلت فرق وكالة المخابرات المركزية المكونة مما يقرب من ألف شخص في العثور على أي شحنات لأسلحة دمار شامل، وقد اعترف رئيس فريق التفتيش ديفيد كاي بعد ستة أشهر من أعمال البحث الميدانية أن (برنامج البحث والتطوير) العراقي تم تعطيله أو إغلاقه تمامًا منذ عدة سنوات.
الفشل العراقي
لذا كان ذلك الفشل الواضح للمخابرات المركزية مادةً للعديد من التحقيقات التي تجري الآن، والتي من المقرر أن تثير مزيدًا من الجدل ولعدة سنوات قادمة. وذلك الفشل اقترن بما عثر عليه فريق كاي في العراق، وهو المخازن الخالية والمصانع والمعامل المعطلة، إضافة إلى الأدلة الواضحة التي تشير إلى أن نظام صدام قد أصيب بالفشل والفساد وكان غير مترابط في أيامه الأخيرة. وكما يبدو فإن المخابرات المركزية لم تكن جاهلة فقط بطبيعة الوضع في بغداد، حيث استخدمت برامج تطوير أسلحة دمار شامل وهمية من أجل الإجهاز على صدام حسين الذي كان قد تدمر بالفعل، بل أيضًا جاءت تقديرات الوكالة عن أسلحة العراق في أكتوبر 2002 عارية تمامًا من الصحة، بعد أن وصفت بثقة كبيرة قائمة من المخاطر التي اعتبرت أنها (حقيقية وعاجلة)، والتي كانت ببساطة لا وجود لها على أرض الواقع. وقد ركزت المناقشات العامة ومناقشات محققي الكونجرس على هذين الخطأين بصورة كبيرة، فكيف ترتكب وكالة المخابرات المركزية الذي يبلغ عدد موظفيها 20 ألف موظف، وتبلغ ميزانيتها عدة مليارات من الدولارات هذا الخطأ الفادح في تقدير قوة الخصم؟ ولكن في وجهة نظري، يضيف توماس باورز، فهناك سؤالان آخران أكثر أهمية، وقد أغفلهما كل من المراقبين والمحققين على حد سواء، وهو: هل أذعن مدير وكالة المخابرات المركزية جورج تينت وكبار الموظفين في الوكالة إلى ضغوط البيت الأبيض لتلفيق تقديرات من شأنها أن تدعم عزم وتصميم الإدارة الأمريكية على الذهاب إلى الحرب؟ وهل كانت الإدارة تهدف من البداية أن تستخدم تلك التقارير الاستخباراتية الخطيرة كأداة للفوز بأصوات الكونجرس للتصويت في صالح الذهاب إلى الحرب؟ وقد وصف ريتشارد كلاك المسئول الأسبق عن جهود مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض في إدارتي كلينتون وبوش الحرب على العراق بأنها (مغامرة عسكرية لا علاقة لها بالإرهاب تمامًا)، وقد اتهم في كتابه الجديد إدارة بوش ببطء استجابتها للمخاطر التي شكلها أسامة بن لادن في كتابه (ضد كل الأعداء), وكتب كلارك قائلاً إن الرئيس بوش قد حول موقفًا سيئًا إلى آخر أكثر سوءًا بكثير، وذلك بغزوه العراق التي (لم يصدر منها استفزاز) للولايات المتحدة، وأوحل بلاده في مستنقع (أضعف الولايات المتحدة وأدى إلى تقوية الجيل القادم من تنظيم القاعدة).
السؤال الخطر
أما السؤال الأكثر خطورة الذي يطرحه كلارك فهو كيف قامت وكالة الاستخبارات المركزية بتلفيق تلك المزاعم بأنها قد عثرت على أسلحة دمار شامل في العراق والتي لم يكن لها وجود، خاصة في أعقاب النصر الكبير الذي أحرزته الوكالة بتقديمها معلومات كثيرة وعاجلة إلى البيت الأبيض وبوش تحذر من مخاطر حدوث هجوم إرهابي في صيف 2001؟ وإجابة كلارك ينبغي أن يتوقف عندها كل أمريكي، فبعد هجمات القاعدة المدمرة في 11 سبتمبر على كل من مبنيي مركز التجارة العالمي والبنتاجون بيوم واحد يقول كلارك أنه (خاض الكثير من المناقشات حول العراق) في البيت الأبيض، ولم تكن أي من تلك المناقشات تتعلق بكيفية (النيل من القاعدة)، ولكن في المقابل (أدركت بألم شديد أن رامسفيلد وولفويتز كانا يحاولان استغلال تلك المأساة القومية من أجل الترويج لأجندتهما حول العراق). وقد كانت تداعيات ذلك واضحة: (النيل من العراق) تأتي أولاً، وذلك بكلمات رامسفيلد نفسه. وبعد ذلك بعدة أشهر وفي خريف 2002 أصدرت وكالة المخابرات المركزية أدلتها عن وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق. والتحقيق في نشأة توجه شن حرب على العراق من المؤكد أنه سوف يكون عملاً صعبًا ومؤلمًا، ولكنه إذا ما أخذ بجدية، فمن المؤكد أنه يعد بتعليم الشعب الأمريكي الكثير بشأن نوعين من المخاطر التي تشكلها وكالات الاستخبارات على الدولة التي وظفتهم. أما النوع الأول فهو نوع واضح ويفهمه الجميع جيدًا، وهو فهم الأمور الهامة بصورة خاطئة. ففي نصف القرن الأول من بداية عمل المخابرات المركزية قامت الوكالة بفهم العديد من الأشياء بصورة خاطئة؛ ففي عام 1948 تم توجيه انتقادات لاذعة لها بسبب فشلها في التنبؤ بمحاولة الانقلاب في كولومبيا، والتي نتج عنها حرب أهلية لم تخمد نارها حتى اليوم، كما فشلت في عام 1950 بالتنبؤ بالتدخل الصيني في الحرب الكورية، ذلك الخطأ الذي أدى إلى طرد الجيوش الأمريكية بالكامل من شبه الجزيرة الكورية. وفي عام 1968 فوجئت الوكالة مثلنا بالغزو الروسي لتشيكوسلوفاكيا، كما تكرر ذلك الفشل عام 1979 عندما قام الاتحاد السوفيتي بغزو أفغانستان، واستمر ذلك الفشل لعشر سنوات بعد ذلك، وذلك بإطلاق الوكالة تحذيرات متواصلة بشأن القوة السوفيتية الهائلة، ونواياها التوسعية حتى تلك اللحظة التي انهار فيها سور برلين، مؤشرًا بالنهاية الحقيقية للحرب الباردة، ثم تبعه ذهول ومفاجأة أعظم وهي انهيار الاتحاد السوفيتي ذاته وتفككه إلى دويلات. وبالرغم من حالات الفشل الكبيرة تلك فلم يعقبها حدوث كوارث داخل الأمة وعلى نطاق واسع مثل بيرل هابر، ولكن من وجهة نظري فإن كل حالات الفشل تلك كانت بسبب خطأ الوكالة في التكهن بالمستقبل والتنبؤ به، فليس من الصعب على أحد أن يتعرف على المخاطر والأشياء التي من المتوقع حدوثها، ولكن من الصعب للغاية معرفة متى ستقع تلك الحوادث. وطالما عانت المخابرات المركزية من صعوبات التنبؤ بالأحداث، كما أنها لم تكتشف مطلقًا طريقة ناجعة لتقدير احتمالات وقوع مخاطر جسيمة والتي يخشى منها كل فرد، لذا اختار المخمنون في الوكالة الحيطة والحذر واعتبروها أنها أكثر الطرق حكمة، بالرغم من حتمية وقوع الأخطاء العارضة أيضًا. ولكن في تلك القائمة الطويلة من الفظائع التي يتنبؤون بها جزافًا، فمن الممكن وقوع أحدها، ولو بعد فترة طويلة. أما النوع الثاني من الأخطار فإنها في مجملها يصعب إثباتها أو الاعتراف بها، وخاصة في دولة ديموقراطية، وهو استغلال الأفرع التنفيذية للحكومة لوكالات الاستخبارات كأدوات للإجبار والتحكم داخل البلاد. وكان الرئيس نيكسون كثيرًا ما يعتقد أن المخابرات لها توجه ليبرالي، وأنها قامت عن عمد بتزويد جون كينيدي بالمعلومات التي ساعدته للفوز بالانتخابات الرئاسية عام 1960. وبصفة شخصية لم أر دلائل على أن ذلك قد حدث، ولكن ذلك لا يعني أن الرئيس نيكسون كان مخطئًا. ولكن يمكننا أن نجد مثالاً واضحًا على ذلك في صيف عام 1964، عندما أمرت الإدارة الأمريكية برئاسة ليندون جونسون وكالة المخابرات المركزية بشن عمليات عسكرية موسعة على سواحل فيتنام الجنوبية من أجل تسريب فرق من المخربين إلى فيتنام الشمالية، في الوقت الذي كانت المدمرات الأمريكية تجوب وتراقب المناطق القريبة من خليج تونكن. وربما قامت قوارب الدوريات الفيتنامية بمهاجمة المدمرات الأمريكية في إحدى الليالي في أوائل أغسطس من ذلك العام، ولكن كان هناك هجوم آخر من شبه المؤكد أنه كان من خيال المخابرات المركزية، وتم التدليل به على أنه مبرر لشن غارات جوية أمريكية فوق فيتنام الشمالية، كما تم استخدامه للضغوط من أجل استصدار قرار سريع من الكونجرس، والذي قام بعد ذلك الرئيس جونسون بتلاوته على الملأ وكان تفويضًا بشن الحرب على فيتنام. ومن المفترض أن يكون كشف الحقيقة هو أسلوب إدارة وكالة المخابرات المركزية، وربما كان ذلك هو نهجها في معظم الأحيان، ولكن الوكالة تعمل لصالح البيت الأبيض بالطريقة نفسها التي تعمل بها وكالة الاستخبارات العسكرية لصالح وزير الدفاع، ولم يكن أحد ليشك عندما يقرأ تقارير وكالة الاستخبارات العسكرية إبان الحرب الباردة عن برامج الصواريخ السوفيتية أن كل تلك (التهديدات) كانت فقط من أجل تبرير شراء وبناء وتطوير أي شيء يريده وزير الدفاع في قائمة الأمنيات الخاصة به. ولكن هل إعطاء كبار المسئولين ما يريدونه يسمى غشًا إذا ما كان ذلك يتحتم عليهم؟ يمكننا تأليف كتاب طويل عن هذا الموضوع وحده، ولكن فيما يخدم موضوعنا هنا فيكفي أن نقول إنه لا يستطيع أحد أن يفهم أو يتنبأ بسلوك وكالة الاستخبارات المركزية إذا لم يكن يفهم أن الوكالة تعمل لصالح الرئيس. ولا علم لي بأي استثناءات لتلك القاعدة العامة، ومن الناحية العملية فإن ذلك يعني أن المخابرات المركزية في النهاية سوف تكون دائمًا طوعًا لأمنيات الرئيس، وطالما أن مدير المخابرات يعمل من أجل راحة الرئيس فسوف تستمر تلك الحالة على ما هي. وتلك القاعدة العامة تنطبق على كل من المعلومات الاستخباراتية، وعمليات المخابرات؛ فما تقوله وما تفعله وكالة المخابرات المركزية سوف يشكلان وجودها بمرور الوقت لتصبح على الهيئة التي يريدها الرئيس. وعندما لا يرضى الرؤساء على ما تقوله لهم الوكالة فسوف يتجاهلونها، فهم إذا ما أرادوا أن يتم فعل شيء ما فسوف يستمرون في ممارسة ضغوطهم حتى يحدث. وكوكالة نظامية فإن الاستخبارات لا تشتكي من هذا أو تقاوم ذاك لفترة طويلة، أو بعبارة أخرى: إن ذلك بسبب تكوينها وبنيتها سريعة الاستجابة. وإذا ما فهمنا تلك القاعدة العامة فإن ذلك يفتح لنا نافذة مفيدة تجاه فهم السلوك الأمريكي تجاه العالم؛ فالرؤساء بصفة عامة لا يخفون أسرارهم التي تدور في رؤوسهم، فكينيدي صرح مجاهرًا بمخاوفه بشأن خطط فيدل كاسترو الرامية إلى تصدير الثورة الكوبية في الستينيات، كما حذر كل من نيكسون وريجان بصورة فورية من الصواريخ السوفيتية التي بنيت في السبعينيات والثمانينيات، كما عبر بوش عن قلقه بوضوح من الجهود الإيرانية لتطوير القنابل النووية حاليًا. وإذا أردنا أن نعرف ما يتصدر قائمة المخابرات المركزية فلنصغ إلى ما يقوله الرئيس ومستشاروه، وهو طريق ذو اتجاهين أيضًا؛ فإذا ما عرفت ما الذي تفعله المخابرات، فإنك بذلك تعرف ما يريده الرؤساء. وبمجرد تشكيل تلك الرغبات في صورة أوامر، فإن القاعدة العامة سوف يتم تطبيقها؛ فلماذا يمكن للمخابرات أن تتجاهل ما يريده الرئيس أو يعتقده؟ ولماذا يقبل الرئيس بأن تكون للمخابرات أجندتها الخاصة بها؟ ولكن في كثير من الأحيان فإن تلك القاعدة العامة تقودنا إلى أسئلة صعبة من النوع الذي تكرهه الكيانات الديموقراطية، ففي الثمانينيات علمنا أن المخابرات المركزية كانت تدعم وبقوة نشاط القوات الثورية في نيكاراجوا، وذلك في انتهاك صارخ للحظر الذي فرضه الكونجرس على ذلك. والقاعدة العامة تقول بأن الرئيس ريجان لم يكن يعلم فقط بتلك الجهود، ولكنه أيضًا من أمر بها وقام بتوجيهها؛ فمن غيره؟ ولكن ذلك الاستنتاج الواضح أغفله المدعي الخاص لورانس والش مع محققي الكونجرس، كما أن المؤرخين بصفة عامة قد وضعوا شئون قضية (إيران كونترا) في درج مظلم من أدراج التاريخ الأمريكي، والذي تم تخصيصه لوضع الأسئلة الحرجة التي تم اعتبارها ضمنًا على أنها من الصعب الإجابة عنها. وقد توقع مخططو الاستخبارات مثل تلك اللحظات الحرجة لذا قاموا بتطوير سياسة (الإنكار الظاهري) والتي تنظم التعامل مع الأسرار (الحساسة) بدلاً من البيت الأبيض، لذا يستطيع الرؤساء أن ينكروا ظاهريًا إعطاءهم أي أوامر أو حتى مجرد علمهم بشأن أي شيء تم تسريبه إلى الجمهور. وقد كان هناك الكثير من الحالات التي حدث فيها ذلك الإنكار الظاهري على مر السنوات، وبالرغم من مزاعم البيت الأبيض بأنه كان خارج نطاق ذلك الموضوع تمامًا، فلم يكن ذلك (الإنكار الظاهري) مقبولاً ويسهل تصديقه. والتحديات التي تواجه المحققين اليوم والمؤرخين فيما بعد هو الكشف عن سبب استخدام الرئيس بوش ومستشاريه لتلك المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها الوكالة عن أسلحة الدمار الشامل والتي كانت خاطئة بالكلية وذلك من أجل وصف حالة العراق بأنها عاجلة وخطر متزايد، وذلك من أجل تبرير شن حرب وقائية. هل يستطيع البيت الأبيض أن يزعم ظاهريًا أن قراءته الخاطئة لتلك الدلائل الملفقة لم يكن بسبب عزمه وتصميمه على الذهاب إلى الحرب؟ وهل يستطيع أن يزعم الرئيس ظاهريًا بأن سياسة الحرب لم تكن سياسته، أو أنه لم يعلم هو أو المتحدثون الرسميون بأنهم كانوا يبالغون في وصف مخاطر العراق؟ إن تلك الأسئلة هي التي يمكن أن تحدد شكل الأزمة التي تواجه المخابرات المركزية اليوم، وهو تشكك واضح من المشرعين والمعلقين والجمهور العام وبقية العالم بأن مسئولي المخابرات المركزية يمكن الوثوق بهم خاصة عندما يقعون تحت ضغوط من البيت الأبيض. وفي طول ذلك الطريق تزداد الأسئلة صعوبة، لأن عدم الثقة في المخابرات المركزية يجب أن يمتد سريعًا ليشمل مستشاري الرئيس وانتهاءً بالرئيس ذاته.
اغتيال كاسترو
وكانت أول حادثة تقوم فيها لجنة التحقيقات التابعة لمجلس الشيوخ بالتحقيق بجدية في الطريقة التي يستخدم بها الرئيس المخابرات المركزية قد حدثت عام 1975 عندما علم الجمهور بأن المخابرات المركزية قد بذلت جهودها الحثيثة والمستمرة لاغتيال الزعيم الكوبي الشيوعي فيدل كاسترو. ووجود تلك المؤامرات يطرح السؤال التالي: من الذي أعطاهم الأوامر؟ فقد بدأت محاولات اغتيال كاسترو تحت إشراف الرئيس أيزنهاور، وتم استكمال ذلك بنشاط في فترة رئاسة كينيدي، ولم يتم التخلي عنها حتى بعد انتخاب الرئيس جونسون عام 1964. وقال رئيس لجنة التحقيق السيناتور فرانك تشيرش عن ولاية إيداهو، قال إنه يعتقد أن المخابرات المركزية قد تصرفت مثل (الفيل الطائش في هياج) في أثناء تلك السنوات التي كانت الإطاحة بكاسترو من ضمن الأهداف الرئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية، وبالطبع أن (الفيل الطائش) لم يكن ليستمع لأحد. ولكن كل تلك المزاعم عن (طيش) المخابرات المركزية قد اختفت قبل أن تقوم لجنة التحقيق بمجلس الشيوخ في النهاية بنشر تقريرها المكون من 350 صفحة حول (مؤامرات الاغتيال المزعومة التي تتعلق باغتيال القادة الأجانب في نوفمبر 1975). وتلك الوثيقة غير العادية تكررت ثانية بتفاصيلها الدقيقة عن المحاولات العديدة للاستخبارات المركزية، بعضها بمساعدة عصابات المافيا سيئة السمعة لقتل كاسترو، إضافة إلى تورطها في المؤامرات الأخرى لقتل رفائيل تروجيلو في جمهورية الدومينيكان، وباتريك لومومبا في الكونغو، وسلفادور أليندي في شيلي. وتقرير لجنة تشيرش كان غير مسبوق؛ فلم تكن هناك دولة أخرى قامت بتحقيق مشابه له بشأن نشاطات الاستخبارات للدولة قط، كما قد سبق نشر التقرير عدة مناورات مكثفة من وراء الكواليس. وبعدما شعر الرئيس فورد بقلق بالغ وهلع بعد تسرب أنباء تلك المؤامرات في الأشهر التي شهدت تحقيقات اللجنة، قام بتغيير دعمه المبدئي لذلك التحقيق وحث أعضاء لجنة تشيرش بإبقاء نتائجهم في طي الكتمان.
وبعد فشل محققي مجلس الشيوخ والصحفيين والمؤرخين في تحديد من المسئول النهائي عن مؤامرات اغتيال كاسترو و(التجاوزات) المماثلة في الستينيات، فقد كان الرؤساء الذين تعمل وكالة المخابرات المركزية لأجلهم بمثابة الكارثة على الوكالة، والتي شعرت بأنها قد عوقبت فقط بسبب تأديتها لمهامها. ومن الصعب أن نحدد لماذا يحب الرؤساء دفع اللوم بسبب حماقاتهم أو فشلهم على الآخرين؛ ولكن الأكثر غرابة هو كيف سمح أولئك الذين من المفترض أنهم يراقبون تلك الأشياء وهم السياسيون والصحفيون والمؤرخون على حد سواء بأن يسمحوا للرؤساء بأن يهربوا بفعلتهم تلك. وفي تحقيقات قضية ووترجيت ركز كل من الكونجرس ومجلس الشيوخ على عمليات (التغطية) على الرئيس، وجنبوا الجرائم التي تعد أكثر أهمية، وهي الضغوط التي مارسها نيكسون والبيت الأبيض على المخابرات لمساعدة فريق من البيت الأبيض لفعل ما تحول بعد ذلك إلى عمليات اختراق غير شرعية، وبعد ذلك إلى وقف تحقيقات المباحث الفيدرالية. وقد حدث شيء قريب من ذلك في أثناء تحقيقات قضية إيران كونترا. وقد واجه ضباط المخابرات المركزية السجن ودفع غرامات قضائية باهظة في الوقت الذي سمح للرجل المسئول عن كل تلك المغامرات الخارجية وهو الرئيس ريجان بأن يعترف أن ما حدث كان (زلة وسهوًا). وقد كان ذلك النوع من إلقاء اللائمة على المخابرات المركزية بسبب ما يأمرهم به الرؤساء هو ما تسبب في ظهور سياسة (عدم المغامرة) بين أفراد الوكالة، وهي سياسة حذرة تعلمها أفرادها عندما يقومون بنوع العمليات التي تتطلب من ضباط المخابرات بعد ذلك توضيحها أو إنكارها عندما يتم جلبهم في صورة شهود. وقد صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت ذات مرة إلى ريتشارد كلارك قائلة إنه ليس من الصعب تفسير سياسة عدم المغامرة الذي ينتهجه ضباط المخابرات، وقالت إن تلك هي أعراض (الطفل المضروب) الذي تأدب بسبب فعلة فعلها. وقد بدأ ذلك التورع في عمليات المخابرات في منتصف الثمانينيات, وقد كان أحد أهم الأسباب التي أدت إلى فشل المخابرات في قتل أو اختطاف أسامة بن لادن في السنوات التي سبقت أحداث 11 سبتمبر، وقد سرد ريتشارد كلارك في كتابه (ضد كل الأعداء) تلك الأسباب التي أدت إلى التلكؤ والتباطؤ في عمل المخابرات. وفي الوقت الذي قام فيه كلارك بمدح المخابرات المركزية بسبب إطلاقها عدة تحذيرات متوالية في صيف عام 2001، فقد وجه انتقاداته اللاذعة إلى نوعين من الفشل لإدارة الرئيس بوش، وهما عجز الإدارة عن فهم الطبيعة العاجلة للمخاطر التي يشكلها تنظيم القاعدة قبل أحداث 11 سبتمبر، وما فعلته بعد ذلك من فعلة حمقاء، وهي شن الحرب ضد العراق. ومن أقوى أجزاء كتاب كلارك هو ما تحدث فيه عن تداعيات هذين الخطأين؛ وهو إنهاك الأموال والمصادر الأمريكية، وصرف انتباه البيت الأبيض عن الخطر الحقيقي وهو تنظيم القاعدة، وبخاصة في اللحظة التي كان يمكن للانتصار العسكري في أفغانستان أن يوفر فرصة ثمينة للقضاء على تلك المنظمة الإرهابية وتوجيه ضربة قاتلة لها، ولكن وبينما كانت إدارة الرئيس بوش مشغولة حتى أذنيها في الحرب من أجل (نزع أسلحة صدام حسين)، أخذ تنظيم القاعدة فرصة لاسترداد الأنفاس بلغت عامًا كاملاً، وقد أعاد تنظيم صفوفه وشن العديد من الهجمات الإرهابية الجديدة. وفي أحد المقاطع التي وصفها كلارك ببراعة في كتابه، قال بأن التاريخ يعيد نفسه ثانية، فتجرى الآن تحقيقات بشأن مزاعم (فشل) المخابرات المركزية في جمع معلوماتها حول أسلحة العراق، في الوقت الذي تم تجاهل تورط الإدارة الأمريكية في حرب العراق.
المزيد من التحقيقات
سوف نحتاج إلى مزيد من الوقت لذلك التحقيق، ولن يعترف مسئولو البيت الأبيض أو المخابرات بشيء، وسوف تصبح القضية أكثر تعقيدًا، وسوف تعقد ساعات مطولة من الشهادات تحتوي على الكثير من العبارات التي يتفرع عنها الكثير من البنود، وستصدر أحاديث عن أدلة واهية وتقارير غامضة، وأن ذلك كان أقصى ما يستطيعون عمله وأنهم قد بذلوا قصارى جهدهم. وفي نهاية التحقيقات التي سوف يتم وصفها في تقرير ضخم، فإنه من المتوقع أن نتيجة ذلك هي أن ما حدث هو (خطأ غير مقصود)، وأنه بالرغم من الأجهزة المعقدة وآلاف ساعات العمل والمناظرات المضنية، فقد ثبت أن كل ذلك كان خطأ. وسوف تتحول الأشياء التي كانت واضحة في البداية إلى أشكال ضبابية في النهاية، وسوف يتم إرفاق التقرير بعدد لا حصر له من التوصيات من أجل تنظيمات جديدة وتحسينات في الإجراءات والمزيد من التأكيد على التدريب، وبالطبع، مزيد من الأموال. ولكن ذلك النوع من التحقيقات سوف يتجنب جميع الأسئلة الصعبة والمضنية الناتجة عن استخدام الاستخبارات لإقناع الكونجرس بالتصويت لصالح الحرب غير الضرورية من أجل متابعة سياسة غير معلنة ولا يفهمها المشرعون. ولا أعني هنا أن الإدارة الأمريكية لها أهداف شريرة، وسوف أصدق ما قاله بوش بأن الغرض من ذلك هو جعل أمريكا أكثر أمانًا، ولكن أسئلة الحرب والسلام تؤثر على كل فرد في الأمة، وقد خول الدستور ذلك للكونجرس وحده، ولا توجد فقرة في التشريعات الخاصة بالمخابرات تقول إن الرئيس وحده، وليس الكونجرس، هو الذي ينبغي أن يتمتع بالاستفادة من جهود المخابرات. ومن المفترض أن تتسم المناقشات حول ذلك بالنزاهة والشفافية، ولكنها في تلك الحالة سوف تكون قاصرة عن تحقيق أية نتيجة. وتجاهل احتكار الإدارة للمخابرات هو بمثابة دعوة مفتوحة للمزيد في المستقبل. ولا يحتاج المحققون إلى أي تعليمات بشأن كيفية إجراء دراسة شاملة عن فشل المخابرات في العراق، ولكن بالطبع فإن المناورات السياسية سوف تؤدي إلى إعاقة جهود توضيح الأسباب التي أدت إلى استخدام المعلومات الاستخباراتية الزائفة في الإعداد لشن الحرب وكيف تم ذلك. ولكن ربما أكون خاطئًا، ولكي نكون جادين فيجب على التحقيقات التي تجري حاليًا إضافة إلى جهود المؤرخين فيما بعد لكشف ما حدث الإجابة عن التالي:
1 طبيعة التعاون الوثيق بين المخابرات الأمريكية والبريطانية والذي ساعد كل من الرئيس بوش ورئيس الوزراء توني بلير على اتخاذ موقفهم من الحرب في الوقت الذي أدى إلى حمايتهما من الأسئلة المحرجة. وينبغي على المحققين أن ينظروا في مصدر الوثائق الملفقة التي تفيد بأن العراق كان يحاول شراء أكسيد اليورانيوم من الكونغو؛ والمزاعم البريطانية بأن بحيازتهم أدلة (أخرى) على شراء أكسيد اليورانيوم؛ وكشف وزير الخارجية الأمريكي كولن باول عن تقرير رسمي بريطاني مزعوم بشأن منظمات استخباراتية عراقية وردت في تقرير باول أمام الأمم المتحدة، قبل يومين فقط من أن يكشف صحفيون عن أن هذا التقرير اعتمد على مواد صحفية منتحلة من مصادر أخرى؛ والتعاون بين مسئولي المخابرات المركزية والمخابرات البريطانية من أجل تكوين ملف اسختباراتي يحدد مسئولية القاعدة عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر؛ وتفاصيل كافة الاتصالات بين أفراد المخابرات البريطانية والأمريكية في الأشهر ما بين ظهور الرئيس بوش أمام الأمم المتحدة في سبتمبر 2002 وبين اندلاع الحرب في مارس الذي تلاه؛ والتعاون الأمريكي البريطاني للتجسس على سكرتير عام الأمم المتحدة كوفي أنان وأعضاء مجلس الأمن.
2 اتصالات مسئولي المخابرات المركزية والبنتاجون ومكتب نائب الرئيس ومجلس الأمن القومي والتي كانت تتعلق أو فسرت على أنها ضغوط من أجل تحريف تقديرات الاستخبارات. وقد تم إنشاء مكتب خاص في البنتاجون من أجل إعادة النظر في المعلومات الاستخباراتية بشأن العراق، وذلك بعد أحداث 11 سبتمبر مباشرة على يد دوجلاس فيث نائب وزير الدفاع للسياسات. وقد تلقى المكتب عددًا لا حصر له من التقارير بشأن أسلحة الدمار الشامل العراقية من أحمد الجلبي من المؤتمر الوطني العراقي، والتي تم دعمها وتمويلها من وزارة الدفاع. ويجب على المحققين أن يتقصوا طريقة تداول تلك التقارير، والتي تم استبعادها مؤخرًا بحجة أنها زائفة أو ملفقة، وذلك قبل تحديد إذا ما كانت سيتم رفعها إلى المستويات الأعلى أم لا بدون تحليل إلى وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ووزير الخارجية كولن باول (والذي ربما اعتمد عليها في فقرات من خطبته أمام الأمم المتحدة في 5 فبراير 2003)، أو لمسئولي الأمن القومي الذين يعملون على إعداد خطب الرئيس.
3 أصول استحواذ قضية العراق على الرئيس بوش عندما جاء إلى المكتب البيضاوي في يناير 2001، وهو الهاجس الذي تم توثيقه جيدًا في كتاب كلارك الجديد، وفي كتاب سكرتير الخزانة الأسبق بو ل أونيل (ثمن الولاء)، وفي كتاب بوب ودوارد العام الماضي (بوش في الحرب)، وفي الكتاب الجديد الآخر للمؤلف ذاته الذي سوف ينشر قريبًا. وقد وصف كلارك استحواذ قضية العراق على بوش بأنها (فكرة سيطرت عليه، واعتقاد راسخ داخله، وحكمة متلقاة، وقرار متخذ بالفعل) وذلك قبل ثمانية أشهر من هجمات الحادي عشر من سبتمبر. ولا توجد في السجلات الرسمية أي مقولة يعتمد عليها بشأن سبب تصميم الإدارة على غزو العراق في الوقت الذي لم تكد تسمع فيه عن شخص اسمه أسامة بن لادن، ولماذا اختارت أن تصرف الأنظار والموارد عن حرب أفغانستان في الوقت الذي لا يزال بن لادن يقود عناصر من حكومة طالبان ولا يزالون مطلقي السراح، وذلك من أجل غزو العراق؛ ومتى ولماذا اختارت أن تبرر الحرب بسردها لأسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة، وكيف ومتى تم مناقشة قرار الحرب مع الحلفاء، وبخاصة بريطانيا؛ وماذا كانت تأمل الإدارة الحصول عليه نتيجة غزو العراق. إنه ذلك الهاجس واستحواذ قضية العراق على الإدارة، والذي يعد أفضل تفسير للضغوط التي مورست على المخابرات المركزية (للعثور على برنامج شامل لتصنيع أسلحة دمار شامل)، والذي لم يكن له وجود. وبالطبع سوف يقاوم مسئولو البيت الأبيض الإجابة عن تلك الأسئلة بحجة امتيازاتهم ووضعهم الوظيفي، وسوف ترفضها المخابرات المركزية بحجة وجود اتفاق تاريخي مع المخابرات البريطانية يقضى بعدم إفشاء المعلومات التي تلقوها عن بعضهما البعض بدون اتفاق مسبق فيما بينهما، وبالطبع سوف ترفض المخابرات البريطانية ذلك تمامًا. ولم تقم إدارة أخرى بإخفاء الإجابة عن أسئلة حساسة بتلك الدرجة من قبل، ومن المحتمل أن يفشل المحققون والصحفيون والمؤرخون في الحصول على أية إجابات كاملة بشأن أغراض وآمال الرئيس ومستشاريه عندما كانوا يعدون للحرب ضد العراق. ولكننا أصبحنا الآن في حاجة ماسة إلى توضيح ما حدث، وذلك بسبب تضارب أقوال المسئولين عن تبريراتهم لغزو العراق. وهناك احتمالان لما يمكن أن يكون قد حدث بالفعل، وهو إما أن المخابرات المركزية قد أخطأت تمامًا في جمعها للأدلة وبالتالي اندفعت في حرب غير ضرورية، أو أن الإدارة كانت عازمة على الذهاب إلى الحرب لأسباب خاصة بها، وأصرت أن المخابرات يجب أن تشترك معها لتشكيل ذريعة لذلك، وذلك عن طريق قصاصات الأوراق والمعلومات الاستخباراتية التي كانت قد ألقيت في سلة المهملات. ولا توجد هيئة رسمية يمكن أن تقرر الإجابة عن ذلك بدقة تامة، كما أن كتاب التقارير سوف يكونون أقل رغبة في تحمل عواقب ذلك. ولكن من المؤكد أن هناك خطأ جسيمًا قد حدث العام الماضي أثناء المناقشات حول ضرورة ذهاب أمريكا إلى الحرب، وبصرف النظر عن التفسيرات المحتملة لذلك، فإنها جميعها توجه شكوكًا كبيرة فيما يتعلق بالثقة؛ سواء أن المخابرات لا يمكن الوثوق بها فيما يتعلق برؤية الفرق بين الأخطار الحقيقية والتخيلية، أو أن الوكالة قد جعلت من نفسها ألعوبة وكرة في أيدي الرئيس.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|