|
كنت في البحرين |
لا أعرف عدد المرات التي زرت فيها البحرين..
سائحاً..
أو في مهمة رسمية..
وهي زيارات متعددة..
بدأت وأنا يافع وفي بواكير شبابي..
وما زال هناك ما يوقد الشوق لتكرار الزيارات واحدة بعد أخرى.
***
لكن الذي أعرفه..
ولا يغيب تفسيره عن ذاكرتي..
وليس لي أن أنساه أو أتناساه..
سواءً وحيداً كنت قادماً للبحرين..
أو مع آخرين ممن أحبُّهم وأفرح برُفقتهم..
ان مملكة البحرين بأرضها وبحرها وناسها آسرة لمن أقام فيها، أو كان (مرّار طريق) من خلالها.
***
في الأسبوع الماضي كنت في البحرين أزورها من جديد..
أضيف رقماً جديداً من أرقام الزيارات الجميلة لها..
كما لو أنني كنت فيها أختبر ذاكرتي مع القديم والجديد من أماكنها..
وأعيد ثانية، أو أجدد مرة أخرى علاقة ودٍّ وتقدير للبحرين وأهل البحرين.
***
وما من أحد منا أحب شيئاً وأخلص له..
وتفاعل مع مستجداته وتطوراته بما يملك من ذائقة فنية ومشاعر خاصة..
إلاّ وشعر بأن عالمه الخاص يتجدد نحو الأجمل والأروع..
وهكذا كان حالي في البحرين..
مع زيارتي الأخيرة لهذا البلد الشقيق..
وأنا في هذا كحال ذلك السائح الذي وجد في البلد الذي حطَّ فيه رحاله ما فقده أو افتقده عند غيره.
***
أجمل ما في البحرين..
وأروع ما في البحرين..
أن إنسانها لم يتغير كثيراً..
ولم يتنكر بشكل لافت لماضيه..
وهو وإن بدا متأثراً من بعض الأوضاع..
وإن ظهرت في مجتمعه شرائح تقول بما لا يفيد..
وتتحدث بما أزعم وفق فهمي المتواضع أنه خطأ..
إلاّ أن هؤلاء لم يتنكروا أو يديروا ظهورهم أو يغمضوا عيونهم عن الحقيقة متى ظهرت لهم وهذا شيء جميل.
***
أقول بعد كل ما رأيت..
في الماضي..
والحاضر..
وبعد كل ما قلت..
إن علاقة الإنسان بالآخر..
بالدول..
والجماعات..
والأفراد..
تبدأ ولا تنتهي طالما أنها تعتمد على الإخلاص في العمل، والصدق في القول مع تناغم في المعتقد والتوجه والنظرة نحو المستقبل..
وهذا بعض من انطباع، وشيء من تصورٍ للبحرين بعد عودتي منها.
خالد المالك
|
|
|
محمية جبل شدا العرين الأخير للنمر العربي بمنطقة الباحة |
على ارتفاع 2200 متر فوق سطح البحر في أعلى قمة بين قمم جبال السروات الشاهقة اتخذ شخص يدعى إبراهيم بن آدم مصلى يتعبد فيه. تلك القمة هي (جبل شدا الأعلى) أصبحت تسمى بمصلى إبراهيم، إلا أنه رحل عنها ولم يبق فيها غير الرياح العاصفة والنباتات النائية وكائن آثر الانعزال فيها كآخر ما تبقى له من ملاذ. إنه النمر العربي الذي اتخذها عرينه الأخير.
موقع المحمية
تقع محمية جبل شدا الأعلى، التي تشغل مساحة مقدارها 65 كيلومترا مربعا، بالقرب من مدينة المخواة التابعة لمنطقة الباحة جنوب غرب مدينة الباحة على مسافة 40 50 كيلومترا. ويمر طريق قلوة المخواة الباحة بمحاذاة أسفل السفوح الشرقية لجبل شدا. وهناك طريق رئيسي يصعد جبل شدا الأعلى إلى قرية الكبسة وهو وعر جدا وله فروع أشد وعورة تصل لبعض القرى المهجورة وكذلك إلى قرن الجرفاء، وهناك طريقان شديدا الوعورة يصعدا الجبل من وادي مليل جهة الجنوب الشرقي ووادي نيرا جهة الجنوب الغربي. وفي جبل شدا الأسفل هناك طريق واحد شديد الوعورة وأشد وعورة من الطريق الرئيسي في جبل شدا الأعلى.
لقد مثّل كل من جبل شدا الأعلى والأسفل موقع جذب للعديد من الدراسات النباتية والحيوانية وذلك لتميزه في مختلف الجوانب البيئية،حيث أجريت أولى المسوحات الأرضية والجوية عام 1408هـ تقريبا تلتها دراسة الأنواع النباتية والحيوانية والمواطن والملاذات الهامة.
طبيعة المنطقة
يتكون جبل شدا الأعلى من صخور جرانيتية تناسب عملية الإنبات الطبيعي في جميع سطوحها، لنوعية تربتها المسامية واحتفاظها بمياه الأمطار. لذلك تكون سمتها الازدهار بصور الحياة الفطرية. والبروزات الصخرية حادة الانحدار فوق الجبال الوعرة وعلى جوانب التلال. وتحوي في معظم أجزائها مجاري وأدوية كبيرة متقطعة تبدأ عشوائية وتتحد في شبكة متشعبة كاملة التكوين تصب في الأودية الكبيرة. وتوجد التربة الطينية مخلوطة بحبيبات الجرانيت المتفتتة التي تتساقط من جوانب الجبل خصوصا في المستنقعات وفي المدرجات القديمة التي تحجز التربة للاستخدام الزراعي.
المنطقة تحوي 450 نوعا نباتيا تمثل 25% من نباتات المملكة
لقد وجد أن التنوع النباتي في منطقة جبل شدا أعلى من أي مكان آخر لكونه من الجبال الجرانيتية المنعزلة في تهامة الباحة غرب جبال السروات مما جعله يستفيد كثيرا من الضباب والسحب القادمة من البحر الأحمر إضافة إلى عامل وعورة الجبل الذي وفر للنباتات حماية طبيعية من الرعي الجائر أو الاحتطاب. وجد أن المجموعات النباتية غالبا ما تميل بصفاتها التصنيفية إلى الأنواع الإفريقية كما أن مثيلاتها الأوروبية تحتل مواقع قليلة في قمم جبل شدا.
ومن الأنواع النباتية الهامة: أشجار اللبخ المعروف محليا بالصومل وتوجد في شقوق وسفوح الجبال، والعدن، ونبات الشار الذي يعتبر هاما في إنتاجية العسل، والقطف، والسيال وهي الشجرة السائدة من السنط في أغلب مناطق جبل شدا الأعلى والأسفل، كما يوجد العرعر في أعلى المواقع، والرنفل في حواف الأودية السفلى، والصندل في السفوح الشمالية الوعرة. في جبل شدا الأسفل توجد نفس الأنواع الموجودة في جبل شدا الأعلى لكنها أقل كثافة مع وجود أنواع أخرى أهمها: الخزم والسلم. ومن النباتات الطبية الموجودة الينسون البري والسدر والتين الشوكي والخروع والعثرب واللوز. ومن نباتات الزينة التراثية الكادي والريحان والبعيثران والورد البري.
المحمية الملاذ الأخير للنمر العربي
وبالنسبة للنمر العربي يعتبر الجبل ميزة فريدة عن غيره فقد وجدت فيه النمور حتى وقت قريب، ونظرا للإمساك بأحد النمور في هذه المنطقة بغرض إكثاره وإجراء البحوث عليه في المركز الوطني لأبحاث الحياة الفطرية بالطائف فقد أصبح من المهم إعلان حماية جبال شدا كموطن رئيسي للمحافظة على النمر العربي الذي يصنف من قبل الاتحاد العالمي للمحافظة على أنه من الأنواع شديدة الندرة المهددة بخطر الانقراض المدرجة في القوائم الحمراء.
يتبع النمر العربي العائلة السنورية «عائلة القطط» التي تضم الأسد والفهد والنمر المخطط والوشق وأنواع القطط الأخرى الصغيرة الأخرى. وهو أكبر المفترسات التي تقطن شبه الجزيرة العربية وتتوزع في جبال الحجاز والسروات في المملكة العربية السعودية وجبال اليمن وسلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة. ويوجد في جميع الدول المذكورة بعض الأعداد تحت الأسر إلا أن الأعداد الطليقة في المملكة العربية السعودية يتراوح تقديرها بين 40 100 في مناطق جبلية متباعدة في منطقة المدينة المنورة وجبال عسير. وأفضل هذه المناطق هو جبل شدا الأعلى، إذ ثبت وجود عدد قليل من النمور به في الكهوف الجبلية قرب قرية الجوة المهجورة شمال قمة جبل شدا الأعلى والقمم التي تعلو وادي مليل حيث يتوفر غذاؤها من حيوانات الوبر والقرود.
أحياء فطرية أخرى بالمحمية
إلى جانب وجود الوبر وقرد البابون، ثبت وجود آكلات اللحوم من الذئاب والضباع وكذلك عناق الأرض (الوشق) والنمس ونوعين من الثعالب هما الثعلب الجبلي ويسمى محليا أبو غرّة والآخر هو الثعلب الأحمر والنيص والغربان والصقور والنسر الأحمر الجبلي.
متابعة الأهالي للتراث
بينت المعلومات التي تم الحصول عليها من مشاهدات وخبرة الأهالي، وهم من قبيلتي غامد وزهران، أن 11 نمرا قتلها شخص واحد عبر السنين الماضية قبل إعلان حماية جبل شدا؛ وذلك بجبل أثرب في منطقة الباحة؛ وأن النمور شوهدت في الفترة القريبة في وادي عشر أسفل جبل أثرب جهة تهامة؛ وأن نمرا واحدا قتل قريبا في جبل نيص من أجل الحصول على شحمه؛ وأنه قد تم الإمساك بالرجل الذي قام بعملية الصيد من قبل المسؤولين؛ وأن أغلب حوادث قتل أو صيد النمور تقع عند جحورها وتقتل رميا بالرصاص.
أهداف الحماية
تتضمن المحمية نطاقين إداريين تختلف إدارتهما كما يلي:
محمية طبيعية: تمثل المنطقة المركزية الأساسية في الحماية البحتة؛ وتمثلها قمم جبل شدا الأعلى والسفوح الوعرة غير المأهولة.
محمية موارد مستغلة: تمثل النطاق المتاخم والمحيط بالمنطقة الطبيعية وفيها تكون الأنشطة السكانية القائمة متاحة وأهمها: المحافظة على مصادر المياه وتنميتها وزراعة المدرجات التقليدية ودعم زراعة النوع الفريد من البن الشدوي غالي الثمن وإنتاج العسل البري والمحافظة على البيوت الحجرية القديمة الشامخة ودعم مشروعات السياحة البيئية مثل تسلق الجبال ومشاهدة الحياة الفطرية. ويعتبر هذا النطاق بمثابة الحماية والوقاية لمواقع المحمية الطبيعية؛ ويمثله سائر المناطق بجبل شدا الأعلى وكامل جبل شدا الأسفل.
وتتيح المحمية الفرصة لتعيين الأهالي على الوظائف المتاحة فيها مثل الجوالين والباحثين والإداريين؛ إضافة إلى مساهمتها في تنمية المنطقة وتطوير الخدمات الأساسية فيها.
مستقبل واعد
إن جبل شدا بتكوينه الجيولوجي واحتوائه على العديد من الأنواع النباتية الفريدة ونشاط سكانه التراثي وكرمهم وإنتاج العسل التقليدي واحتواء الجبلين شدا الأعلى والأسفل على صور مزدهرة من الأنواع الحيوانية ومختلف أنواع الطيور المستوطنة والمهاجرة يجعل من الموقع معلما مميزا للسياحة البيئية قريبا بحول الله في تجربة جديدة لإدارة وتخطيط المناطق المحمية في إطار التعاون مع الأهالي ومشاركاتهم المنشودة في حماية المنطقة كإطار جديد للحماية يطبق فيه نظام المناطق المحمية بحيث لا تتعارض مع أي أنشطة عمرانية أو زراعية قائمة.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|