|
كنت في البحرين |
لا أعرف عدد المرات التي زرت فيها البحرين..
سائحاً..
أو في مهمة رسمية..
وهي زيارات متعددة..
بدأت وأنا يافع وفي بواكير شبابي..
وما زال هناك ما يوقد الشوق لتكرار الزيارات واحدة بعد أخرى.
***
لكن الذي أعرفه..
ولا يغيب تفسيره عن ذاكرتي..
وليس لي أن أنساه أو أتناساه..
سواءً وحيداً كنت قادماً للبحرين..
أو مع آخرين ممن أحبُّهم وأفرح برُفقتهم..
ان مملكة البحرين بأرضها وبحرها وناسها آسرة لمن أقام فيها، أو كان (مرّار طريق) من خلالها.
***
في الأسبوع الماضي كنت في البحرين أزورها من جديد..
أضيف رقماً جديداً من أرقام الزيارات الجميلة لها..
كما لو أنني كنت فيها أختبر ذاكرتي مع القديم والجديد من أماكنها..
وأعيد ثانية، أو أجدد مرة أخرى علاقة ودٍّ وتقدير للبحرين وأهل البحرين.
***
وما من أحد منا أحب شيئاً وأخلص له..
وتفاعل مع مستجداته وتطوراته بما يملك من ذائقة فنية ومشاعر خاصة..
إلاّ وشعر بأن عالمه الخاص يتجدد نحو الأجمل والأروع..
وهكذا كان حالي في البحرين..
مع زيارتي الأخيرة لهذا البلد الشقيق..
وأنا في هذا كحال ذلك السائح الذي وجد في البلد الذي حطَّ فيه رحاله ما فقده أو افتقده عند غيره.
***
أجمل ما في البحرين..
وأروع ما في البحرين..
أن إنسانها لم يتغير كثيراً..
ولم يتنكر بشكل لافت لماضيه..
وهو وإن بدا متأثراً من بعض الأوضاع..
وإن ظهرت في مجتمعه شرائح تقول بما لا يفيد..
وتتحدث بما أزعم وفق فهمي المتواضع أنه خطأ..
إلاّ أن هؤلاء لم يتنكروا أو يديروا ظهورهم أو يغمضوا عيونهم عن الحقيقة متى ظهرت لهم وهذا شيء جميل.
***
أقول بعد كل ما رأيت..
في الماضي..
والحاضر..
وبعد كل ما قلت..
إن علاقة الإنسان بالآخر..
بالدول..
والجماعات..
والأفراد..
تبدأ ولا تنتهي طالما أنها تعتمد على الإخلاص في العمل، والصدق في القول مع تناغم في المعتقد والتوجه والنظرة نحو المستقبل..
وهذا بعض من انطباع، وشيء من تصورٍ للبحرين بعد عودتي منها.
خالد المالك
|
|
|
فؤاد المهندس في حديث الذكريات والأسرار: نجيب الريحاني نصحني: كن رجلاً ولا تتبعني! |
* لقاء أيمن عبد الحميد
فؤاد المهندس هو (سفير الكوميديا) العربية الراقية بلا منازع، والفنان الذي حمل لواء الفكاهة الاجتماعية الهادفة في عقد الستينات من القرن الماضي، في وقت تحولت فيه إلى (كوميديا عاهات) ثم (إفيهات)..
فقد سار المهندس على درب أستاذه الأول نجيب الريحاني، رغم أن الريحاني نصحه في بداية المشوار بنصيحة (جوته): كُن رجلاً.. ولا تتبعنى!
في الحوار التالي يفتح المهندس قلبه وعقله، ويكشف الكثير من الأسرار والخفايا والمواقف المصيرية في مشواره الطويل، وكيف كانت رفيقة عمره الفنانة (شويكار) هي حبه الأول والأخير، وكيف كان تمرد فرقة (ساعة لقلبك) على مؤسسها سمير خفاجي فاتحة خير على المهندس، الذي انطلق بعدها ليقدم عشرات المسرحيات والأفلام الناجحة من إنتاج وتأليف خفاجي.. وحكايات ومواقف أخرى.
* سألناه: كيف بدأت مشوارك الفني.. وكيف كانت ظروف البداية؟
أنا من مواليد القاهرة عام 1924 نشأت في بيت علم وثقافة واسعة، فوالدي هو عالم اللغة الجليل المرحوم زكي المهندس عميد كلية دار العلوم ووكيل المجمع اللغوي، وحصلت على بكالوريوس التجارة من جامعة القاهرة عام 1948 وقد كان لنشأتي في هذا البيت فضل كبير على شخصيتي الثقافية والفنية وسط أبناء جيلي.
* ومتى بدأ عشقك لفن التمثيل؟
منذ طفولتي المبكرة ولم أكن أجرؤ على مفاتحة أبي في هذا الموضوع لأنه كان يرغب في أن أسير على نفس الدرب الذي سار هو عليه، بينما كنت أنا أبحث عن طريق آخر هو الفن، ذلك أنني تأثرت كثيراً بأفلام العملاق الراحل نجيب الريحاني، فلم يكن هناك فيلم سينمائي أو عرض مسرحي جديد له إلا وأشاهده عدة مرات وكنت أقف أمام المسرح بالساعات لأشاهده فقط أثناء دخوله وكذلك الأمر عند خروجه من المسرح حتى ساعدني الحظ في ملازمته طيلة السنتين الأخيرتين من حياته فتتلمذت على يديه وحينما أتذكر هذا اليوم أدرك مدى ثراء سنوات النشأة والتكوين عندي.
* وكيف قبلك الريحاني تلميذاً في مدرسته؟
الفضل في هذا يعود لشقيقتي الإعلامية العظيمة صفية المهندس التي كانت بدأت تشق طريقها بنجاح في عالم الإذاعة وتعززت مكانتها بعد زواجها من الرائد الكبير محمد محمود شعبان (بابا شارو) الذي كان صديقاً للريحاني وحضر حفل زفافهما وكلما ذهب هنا أو هناك أثناء الحفل يجدني أقف بجواره لا أفارقه لدرجة أشعرته بالاختناق مني وفشل في التخلص مني حتى صرخ في وجهى قائلاً: (يا ابني حرام عليك أنا مش عارف أتنفس منك روح في داهية)!
مسرح في البيت!
* وماذا كان رد فعلك؟
كأني لم أسمع شيئاً فظللت كما أنا حتى أدرك (بابا شارو) الموقف فترك عروسه، واقترب منه ليعرفه عليّ ويحكي له عن عشقي الشديد له وتقليدي المستمر له في أي عمل مسرحي أو فيلم سينمائي يقدمه وقالت له شقيقتي(صفية) (لقد حول فؤاد) البيت إلى مسرح لأعمالك، فضحك الريحاني وربت على كتفي وأعطاني موعداً لأذهب له في المسرح وقد كان وساعدني الحظ طيلة عامين كاملين لازمته خلالهما.
ولا أنسى هذه الجملة التي قالها الريحاني ذات يوم: (أنا أثق تماماً في قدراتك وموهبتك ومقتنع بأنك ستكون خليفتي ولكن يجب أن يكون لك شخصيتك المستقلة وأداؤك المختلف.. كن رجلاً ولا تتبعني)!
* وما موقف والدك منك ومن شقيقتك صفية المهندس؟
هو لم يقف في وجه شقيقتي بل ساعدها ودعمها خاصة لأن الإذاعة كانت شيئاً عظيماً، ومعظم الأسر الكبيرة كانت لا تعترض على عمل أبنائها فيها سواء كانوا أولاداً أو بنات، ولكن المشكلة كانت بالنسبة لي فقد سعى والدي كثيراً لإقناعي بضرورة نسيان التمثيل والفن والتفرغ لدراستي، ولكن كان يتعامل بأسلوب ديمقراطي بعيداً عن أي ضغوط أو إجبار، وبسبب حبي الشديد له فكرت كثيراً في كلامه والسعي لإرضائه، وكان هذا أحد الأسباب التي دفعتني للعمل بعد التخرج موظفاً بإدارة رعاية الشباب بجامعة القاهرة ولكني لم أتحمل قيود الوظيفة فاستقلت منها للتفرغ للعمل بالتمثيل.
* وهل أغضب ذلك والدك منك؟
هو كان يتوقع مني ذلك منذ زيارته لى في الكلية في السنة النهائية دون أن أعرف وشاهدني أقف على خشبة مسرح الجامعة لأقوم ببطولة أحد العروض المسرحية فكنت أدير الفرقة بالجامعة وأختار العروض التي تقدمها وأتولى تنفيذها وإخراجها، ويومها قال لى جملة لم أنسها ولن أنساها ما حييت وهي: (لم أكن أعرف أنني أنجبت فناناً عظيماً بهذا القدر)!
* إذن البداية كانت على مسرح الجامعة؟
لا، البداية كانت قبل الجامعة بفترة طويلة، وبالتحديد أثناء الدراسة الابتدائية والتوجيهية فقد اشتركت في برامج الإذاعة سواء كانت برامج الأطفال أو حلقات (ألف ليلة وليلة) وغيرها واستفدت من هذه التجارب الكثير، كما أن الإذاعة كان لها فضل كبير في نجاحي وتعريف الجمهور بي وذلك عبر البرنامج الشهير (ساعة لقلبك) الذي كان يحظى بجماهيرية كبيرة وساعد على نجاح البرنامج أن الإذاعة لم يكن لها منافس في البيوت قبل ظهور التليفزيون طبعاً.
* أول زيجاتك هي السيدة عفت سرور فكيف تم الزواج؟
على فكرة أنا لم أتزوج في حياتي سوى مرتين فقط من السيدة عفت سرور وبعدها الفنانة القديرة شويكار بينما الشائعات زوجتني أكثر من 20 مرة.
والزواج الأول كان تقليدياً أكثر منه حباً، فكنت أسعى للاستقرار مع زوجة تساعدني على النجاح وتهيئ لى المناخ للعمل والإبداع وتبقى هي في المنزل لترعى الأولاد هذا هو تفكيري في هذه الفترة، وهو ما دفعني للزواج بهذا الشكل واكتشفت بعد هذا عدم صحة هذا التفكير التقليدي.
* كيف؟
من الصعب أن تفهم طبيعة عملك كفنان إنسانة بعيدة كل البعد عن هذا المجال، فقد كانت السيدة (عفت) عظيمة في كل شيء وكانت تتحمل غيابي عن المنزل كثيراً وسفرياتي بصفة مستمرة، ولكنها في الوقت ذاته كانت شديدة الغيرة ولم تكن تتفهم طبيعة عملي بالشكل المطلوب ومن هنا اختلفنا وانفصلنا بسرعة، ولكن ظلت علاقتنا في إطار من الاحترام والود والاتفاق على أسلوب تربية ابننا (أحمد) واقتنعت تماماً بأن أتركه لها لترعاه عن ثقة كاملة فهي أجدر مني بذلك.
الحب الأول والأخير
* وهل هذه الأسباب هي التي أدت إلى اختيارك الفنانة (شويكار) لتشاركك حياتك بعدها؟
كان هذا من أهم الأسباب، ولكن الحقيقة أنني أحببت (شويكار) حباً شديداً، إنها أول وآخر حب في حياتي وقد كان لتفاهمنا من البداية سبب رئيسي في نجاحنا وقيامنا بتكوين (دويتو) فني استمر لمدة 20 عاماً مسيطراً على الحركة المسرحية في مصر، فقد كنت سعيداً معها في المنزل والعمل.
* وهل تتذكر أول موقف جمع بينكما؟
لقد سبقتها أنا في العمل، وبعد فترة بدأت هي تخطو خطواتها الأولى وكنا نلتقي في الحفلات والمناسبات الفنية ونتبادل الكلام بشكل عادي ولكن كان هناك شيء بداخلي يدفعني للحديث معها، وكذلك الأمر بالنسبة لها وكنت أعتقد أنها معجبة بي ولهذا كانت تحرص على حضور عروضي المسرحية الأولى أو في فرقة (ساعة لقلبك) ولم أكن أتخيل أنها من الممكن أن تكون ممثلة كوميدية على الإطلاق، فعندما رشحها (مدبولي) للعمل أمامي أبديت له دهشتي الشديدة، ولكنني في داخلي كنت راغباً في رؤيتها والعمل معها وتسبب ترشيح مدبولي لها بهذا الشكل في قلب حياتي وحياتها رأساً على عقب.
* ولماذا وقع الطلاق بعد زواج تجاوز العشرين عاماً؟
الإنفصال جاء نتيجة تراكمات عديدة هبت على حياتنا في آخر عامين للزواج ولا أود تذكرها الآن لأنها أشياء صعبة بالنسبة لي، ولكن لم يكن هناك بديل عنه في هذا الوقت رغماً عنا فانفصلنا بهدوء ودون تجريح وإهانة، واتفقنا على أن نظل أصدقاء وما زلنا حتى اليوم نكنُّ لبعضنا كل احترام وتقدير فعند أي أزمة أتعرض لها تكون هي بجواري والعكس.
* في حديث أجريناه مع الفنانة الكبيرة هند رستم قالت إنه بانفصال المهندس عن (شويكار) فقد المسرح ثلث قوته؟
هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها، وهناك من أكدوا أن المسرح الكوميدي فقد بريقه وأعترف لكم أنه رغم أنني قدمت عروضاً عديدة بدون شويكار مثل (هالة حبيبتي) و(شارع محمد علي) وغيرهما وكذلك قيامها هي بتقديم عروض بدوني، إلا أن هذه العروض رغم نجاحها لم يكن لها نفس نجاح العروض التي قدمناها سوياً وأعترف أنا بهذا أضف لذلك إلى أن الضلع الثالث الذي كان معنا ويدير الدفة هو القدير عبد المنعم مدبولي أطال الله عمره.
* دائماً ما تذكر اسم (مدبولي) مقروناً بلقب (أستاذي) فلماذا؟
مسيرتي مع عبد المنعم مدبولي طويلة، فقد كنت بصحبته شيئاً مختلفاً تماماً عما كنت قبله، فهو الناظر والأستاذ بالنسبة لي وبالنسبة للكثيرين من أبناء جيلنا والجيل الذي أتى بعدنا، ففى فرقة (ساعة لقلبك) استفدت كثيراً من نصيحة الريحاني بأن أبتعد عن تقليده وأن تكون لى شخصيتي المستقلة وفعلت هذا ولكني كنت دائماً أشعر أن هناك شيئاً ينقصني أبحث عنه ومع (مدبولي) وبفضل النصوص التي اخترناها أصبحت خليطاً من الريحاني وفؤاد المهندس فعثرت على شخصيتي الفنية أخيراً.
* وبعد أكثر من ربع قرن من التعاون انفصلت عنه ودبت الخلافات بينكما فما هي الأسباب؟
ما أقوله لأول مرة هو أن (أولاد الحلال) راحوا ينقلون لي كلاماً على لسانه ضدي والعكس، والغريب أننا بعد كل هذا العمر والخبرة وقعنا في الفخ وأندهش اليوم لما جدت وحينما أحكم عقلي أجد أنه لم يكن من المنطقي أن يحدث ما حدث، والنتيجة كانت خسارة فادحة بالنسبة لنا سوياً وبالنسبة لجمهور المسرح الذي كان يعشقنا سوياً، ولكني وسط الخلافات لم أتطاول عليه أبداً وظللت على عهدي به أنه أستاذ كبير وكذلك الأمر بالنسبة له فقد ظل على احترامه لى حتى الآن.
فم إسماعيل ياسين!
* ظهرت وسط جيل من عمالقة المسرح العظماء كيف نجحت في اختيار لون خاص بك؟
كان قدرى أنني ظهرت في وقت كان فيه عمالقة الكوميديا يعتمدون على (إفيه) شكلي أو ملمح خارجي ينتزعون به ضحكات الجمهور وأدركت أنا من البداية أنني لا أملك فم إسماعيل ياسين ولا ضحكة حسن فايق ولا (حول) عيني القصري، وبسبب هذه الظروف احتجت لنحو عشر سنوات قبل أن أتقدم الصفوف فانطلقت من تركيبة ثقافية وعقلية مغايرة من خلال النشأة الأولى لي، فقررت أن أكون لوناً مختلفاً، وبمرور الوقت تقبله الجمهور، وكان هذا من حسن حظي في التحليل الأخير.
* هل انقطعت علاقتك بفرقة «ساعة لقلبك» بعد هذا تماماً؟
الحقيقة أن الفرقة لم تحقق فيما بعد نفس النجاح ولكن بذكائه وحنكته قام سمير خفاجي بجمع كل أفراد فريق (ساعة لقلبك) بدوني في عرض مسرحي جماعي هو (دور على غيرها) وحقق العرض نجاحاً كبيراً وإيرادات مرتفعة دفعته لاستئجار مسرح (26 يوليو) بالقاهرة وحجز سينما (كليوباترا) بالإسكندرية وتصادف هذا مع مرض السيدة والدته أثناء عرض ناجح جداً فترك الفرقة بالإسكندرية وانشغل في الجنازة والميراث، ثم عاد ليجد مشاكل عديدة في مقدمتها تمرد أفراد الفرقة عليه، وفي الوقت الذي كان يسعى فيه للم الشمل توفيت والدته فترك الفرقة تماماً وأعلن انسحابه وأدى هذا إلى غرق الفرقة في الديون، فعاد لينتشلها ويعود بها من جديد إلى الأضواء، وقدم خفاجى عدة عروض ناجحة لفتت أنظار الجميع فطلب منه ثروت عكاشة (وزير الثقافة آنذاك) تسجيل جميع العروض المسرحية مقابل 500 جنيه للرواية وكان هذا مبلغاً ضخماً جداً في هذا الوقت.
وبعدها طلب محافظ الإسكندرية في ذلك الوقت المستشار حمدي عاشور من خفاجي عرض رواية (طلع لي في البخت) في الإسكندرية لمدة عشرة أيام، وحدثت الكارثة في أول يوم للعرض وفي وجود محافظ الإسكندرية حيث تأخر كل الأبطال عن موعد رفع الستار بساعة ونصف كاملة ثم ظهروا أمامه ليفرضوا شروطهم التعجيزية عليه، وفي هذا اليوم قرر سمير خفاجي إنهاء عروض (ساعة لقلبك) تماماً وإغلاق الفرقة وفوجئت به أمامي في القاهرة.
* لماذا؟
قرر العودة كما قال: (إلى الرجل الذي حمل راية الكوميديا بعد الريحاني).. إنها جملة لا أنساها أبداً وكانت السبب الرئيسي في نجاح كل العروض المسرحية التي قدمناها وما زالت حتى اليوم موجودة وتعرض ويقبل على مشاهدتها الجميع دون أي ملل.
* وكيف انتقلت من شخصية (السنيد) في السينما إلى البطل الأول؟
كان لنجاحي أنا وشويكار تأثير بالغ في حقبة الستينيات وكان مسرحنا هو الأكثر نجاحاً في هذه الفترة، وبالطبع لفت هذا أنظار المنتجين الأذكياء فسعوا لاستثمار هذا النجاح سينمائياً ومن هنا قدمنا مجموعة أفلام حققت نجاحاً مدوياً، فبعد فيلم (أخطر رجل في العالم) عام 1967 إخراج نيازي مصطفى توالت أفلامنا (شنبو في المصيدة) إخراج حسام الدين مصطفى و(أرض النفاق) إخراج فطين عبد الوهاب وقدمنا مع فطين أيضاً (اعترافات زوج) و(أنا وهو وهي) ثم عملنا مع حسن الصيفى في عدد كبير من الأفلام الناجحة مثل (هارب من الزواج) و(غرام في أغسطس) و(المليونير المزيف) ثم (العتبة جزاز) و(مطاردة غرامية) وهناك أفلام بالطبع قدمتها بدون شويكار مثل (جناب السفير) مع سعاد حسني و(عودة أخطر رجل في العالم) مع ميرفت أمين وغيرهما.
* أعطيت لعادل أمام فرصة ظهوره الأولى فما هي المواقف التي جعلتك توافق يوماً على أن تشارك بأدوار صغيرة معه في بعض أفلامه؟
لا بد من أن نكون صادقين مع أنفسنا فالسينما في الأساس للشباب وحينما يتقدم العمر بالفنان لا بد من أن يتعامل مع المتغيرات فلا توجد أدوار تكتب للكبار في السينما وعادل إمام أحد تلامذتي فكيف كنت لا أوافق على العمل معه ثم إنني كنت أول من تنبأ له بأنه سيصبح زعيم الكوميديا في مصر ولطالما صرحت بهذا في صحف ولقاءات تليفزيونية ومع أحمد زكي قمت بدور محدود في فيلم (البيه البواب) فقد أعجبني الدور بصفة خاصة وموضوع الفيلم في زمن انقلبت فيه كل الأوضاع وأصبح الجهلاء والمتسلقون هم أصحاب السيادة، المهم أنني رغم قيامي ببطولات سينمائية عديدة لم أعتبرها يوماً بيتي الأول فالمسرح بالنسبة لي هو الأساس ولهذا لم أتنازل أبداً عن مكانتي فيه.
* ولكن بعض النقاد هاجموك بسبب مشاركتك لشيريهان في مسرحية (عشان خاطر عيونك) لكون المسرحية من البداية للنهاية كانت مكتوبة من أجلها؟
هذا الكلام غير صحيح، فأنا كنت وما زلت مقتنعاً بشيريهان وموهبتها منذ ظهورها معي في أول مشوارها في عرض (سك على بناتك) وكنت أول المتوقعين لها بأنها ستكون نجمة استعراضية كبيرة وتحقق توقعي لها ولو كنت شعرت للحظة بما تقولونه عن هذا العرض ما كنت وافقت على العمل به.
* وماذا عن فؤاد المهندس في التليفزيون؟
أنا لم أقدم سوى مسلسلات قليلة وأعتز جداً بمسلسلي (عيون) الذي قدمته في مطلع الثمانينيات مع العظيمة الراحلة سناء جميل ويونس شلبي وشيرين وأعقبته بمسلسل (أزواج ولكن غرباء) إلا أنه لم يصادفه نجاح (عيون) ولكن الحمد لله طيلة 28 عاماً لم أغب عن جمهوري في رمضان بفوازير (عمو فؤاد) التي ينتظرها الكبار قبل الصغار ورغم المعاناة الصحية وتقدم العمر جاهدت نفسي في العامين الأخيرين وقدمتها قدر استطاعتي ولكن في 15 حلقة فقط بناء على أوامر الأطباء، وبالطبع قدمت سهرات وأفلاماً تليفزيونية كثيرة جداً.
سفير الكوميديا
* من أحب الألقاب إلى نفسك لقب (سفير الكوميديا الراقية) فمن الذي أطلق عليك هذا اللقب وما سر حبك له؟
الحمد لله أنني لم أبتذل نفسي أبداً على خشبة المسرح ولم أتسبب في أي مواقف محرجة لزملائي أو للجمهور، فكان رب الأسرة يأتي بزوجته وأبنائه وهو يثق تماماً في أنه قادم بهم إلى مسرح يحترم عقليته ويحترم خصوصياته، ولم أكن أسمح أبداً بالتأخير عن موعد فتح الستارة فقد تعلمت ذلك من أستاذي الأول نجيب الريحاني، ولم أكن أسمح لأي ممثل بالخروج عن النص بشكل جارح فالكوميديا في مسرحي تعني الالتزام التام ومن هنا أطلق النقاد عليّ هذا اللقب فسعدت جداً به حتى هذه اللحظة.
* أستاذ فؤاد، ما هي أصعب المواقف التي مرت بك؟
الجحود ونكران الجميل من قبل عدد كبير جداً من فنانين كنت أنا أول من وقف إلى جوارهم ومد لهم يد العون وبالطبع لم أكن انتظر أي شيء منهم سوى السؤال مجرد السؤال عليّ وأنا في معاناة المرض وصدمت في الكثيرين منهم.
* وهل مررت بموقف وجدت فيه الدموع تغالبك؟
نعم حينما شعرت بالوحدة وعدم وجود أحد إلى جانبي خاصة ممن كنت أنتظر منهم رد الجميل.
* ومن هم الفنانون الذين سألوا عنك وقاموا بزيارتك في محنة مرضك؟
كثيرون والحمد لله خاصة من أبناء جيلي أو الجيل التالي لي وأشكرهم جميعاً كما أن شويكار لم تفارقنى وأبنائى وأحفادي.
(عمو فؤاد) كيف يقضي وقته حالياً ومع من؟
بالطبع مع أبنائي محمد وأحمد وأجمل الأوقات أقضيها مع أحفادي منهم وأحفادي من شقيقاتي صفية ودرية وسامي فالوقت الذي أجلس فيه بين الأطفال أتمنى فيه أن تتوقف الساعة إلى الأبد!
* وما هي مشاعرك حينما تم تكريمك العام الماضي في حفل كبير أقيم خصيصاً لك ولأفراد فرقة (ساعة لقلبك)؟
شعرت بسعادة بالغة فالإنسان أي إنسان يتمنى بعد أن يعطي أن يأتي يوم يحصل فيه ولو على جزء بسيط مما يستحق مقابل عطائه عبر سنوات طويلة وسعدت في هذا التكريم بما قاله عادل إمام عنى فشكرته بشدة.
* لقد غبت عن بيتك الأول المسرح كثيراً ألم تشعر بوحشة له ولجمهورك؟
ياه.. أكثر مما تتخيلون فكلما جاء موسم الصيف المسرحي وأجدني لا أعمل أشعر بحزن وألم وتغالبني الدموع وأرجو أن تدعو الله من أجلى أن أشفى وأستطيع الوقوف لكي أعود للمسرح وأضحككم كما كنت أفعل من قبل.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|