| |
(إعمار الاقتصادية) وأثرها في سوق التداول فضل بن سعد البوعينين
|
|
حسناً فعلت هيئة السوق المالية إذ خصصت فترة تداول مستقلة لسهم شركة (إعمار الاقتصادية) تبدأ من الساعة الثانية عشرة والنصف مساء وحتى الرابعة عصراً، ولأربعة أيام متتالية ابتداء من يوم السبت القادم، فترة التداول المستقلة سوف تساعد في استقرار السوق النسبي، وستعمل على حماية نظام التداول من الأعطال، بإذنه تعالى. أجزم بأن السوق السعودية أكبر من أن تتأثر بإدراج شركة بحجم (إعمار الاقتصادية) وغيرها من الشركات، وخصوصا أننا نتحدث عن حجم سوق يعادل ضعفي الناتج المحلي الإجمالي للسعودية، فكيف إذا ما قورن بشركة لا يتعدى حجمها الجزء البسيط من السوق السعودية، إلاّ أنّ هذا لا يمنعنا من الاعتراف بمقدرة كبار المضاربين على استغلال خبر إدراج الشركات الجديدة، مهما صغر حجمها، للتأثير على مجريات السوق من خلال إشاعة الرهبة بين المتداولين الأمر الذي يدفعهم قسرياً نحو دائرة الخوف والضغط النفسي، ما يفرض عليهم اتخاذ القرارات المصيرية تحت ضغط العوامل النفسية الحرجة، تقودهم دائماً نحو الخطأ اللاإرادي، وهذا ما حدث بالفعل بعيد الإعلان عن تداول إعمار، حيث أرغم المضاربون السوق على التراجع القسري، ثم تلاعبوا بأسعار الأسهم صعوداً وهبوطاً ما كرس من نظرية تراجع السوق لدى المتداولين، مع كل إدراج جديد مهما بلغ حجمه. إذا كان كبار المضاربين يستغلون خبر إدراج الشركات الجديدة في السوق من أجل تحقيق أهدافهم الخاصة، فإنّ نظام التداول، وفي أحيان كثيرة، يدعم دون قصد، توجُّهات كبار المضاربين من خلال الأعطال المتكررة للنظام الناتجة عن حجم الأوامر المدخلة ما يؤدي إلى تعليق الأوامر، وشل معظمها في كثير من الأحيان. مثل هذه المواقف قد تشكل خطراً محدقاً على السوق خصوصاً إذا ما عُلقت أوامر الشراء، وتُركت أوامر البيع تتراكم دون إيجاد الدعم المناسب لها من أوامر الشراء (قوى الشراء) المعلقة. إذ يفترض أن يكون تأثير الأخطاء التقنية أعظم على السوق من تأثير الإدراج نفسه الذي يؤدي إلى توجُّه جزء من سيولة السوق نحو الشركة المدرجة حديثا، وهو ما أشرت له في مقالة نشرت بتاريخ 20-2-2006 بعناون (ينساب وأثرها في سوق التداول) متضمنة اقتراح فصل أوقات تداول الشركات الجديدة عن فترتي التداول الرسمية، والتي جاء فيها: (ولعل هيئة السوق المالية أدركت بفطنتها حجم نظام التداول فآثرت أن تبدأ تداول (ينساب) قبل الموعد الرسمي للتداول اليومي تخفيفاً على خادم النظام (السيرفر) وتسهيلاً للوسطاء والبنوك في آن واحد). هذا الإجراء يقودنا إلى اقتراح لعله يكون مناسباً لمواجهة المشاكل التي تنتج عن طرح الأسهم الجديدة في السوق وزيادة حجم الأوامر بصورة لا يمكن لنظام التداول من تحملها. يمكن أن نعتبر الفكرة المقترحة امتداداً لقرار تقديم موعد التداول لشركة ينساب، وتجربة لقرار الهيئة المتعلق ب(السوق الثانية)، بحيث تكون هناك فترة مستقلة لتداول (ينساب) تبدأ من الساعة التاسعة صباحا وحتى العاشرة، ثم يتوقف تداول الشركة مع بدء تداول السوق الرسمي، ثم يعاد لساعة أخرى من الثانية عشرة وحتى الواحدة ظهرا أو يرحل الموعد إلى الفترة المسائية بحيث يكون قبل افتتاح السوق أو بعده. بهذه الطريقة تكون لدينا فترتا تداول مستقلتان لتداول الشركات الجديدة لمدة أسبوع على سبيل المثال، يمكن تخفيض المدة بحسب عدد الأسهم المطروحة، بحيث نضمن سهولة التنفيذ وكفاءة نظام التداول وعدم تعرضه لأية مشكلات قد تؤدي إلى تعطيله وتعريض المستثمرين لخسائر لا يمكن حصرها). هذا الاقتراح لم يؤخذ به في حينه، ربما لعدم منطقيته آن ذاك!!، ولعلنا نتذكر ماذا حدث في تداول ينساب من مشاكل تقنية أدت إلى تعثر النظام وتوقفه لأكثر من مرة. اليوم تعود هيئة السوق لتطبيق نظام تداول شركة (إعمار الاقتصادية) خارج أوقات السوق وهو القرار الأمثل الذي يصب في مصلحة السوق والمتداولين، خصوصاً إذا ما علمنا بعدم استطاعة نظام تداول الحالي على تحمل سيل الأوامر المتوقعه خلال أيام التداول الأولى. مثل هذا القرار يفترض أن يكون إيجابياً على سوق التداول وليس العكس، إلا أن كبار المضاربين كان لهم القرار الأقوى في تحديد نوعية التأثير، ومن ثم توجيه السوق حسب رغبتهم الخاصة. تكتيكات خاصة ينفذها كبار المضاربين بحرفية متناهية، تحقق لهم الأرباح الضخمة مقابل خسائر متراكمة يتحملها صغار المستثمرين. يفترض أن تكون هيئة السوق المالية على اطلاع تام بوضعية السوق، خصوصا ما يتعلق منها بنفسيات المتداولين، وخطط كبار المضاربين التي لم تتغير حتى في شهر رمضان المبارك، عطفاً على تجاربهم السابقة. دون أدنى شك فقد استخدم كبار المضاربين موعد تداول (إعمارة الاقتصادية) كفزاعة يرهبون بها صغار المستثمرين، وقد نجحوا مراراً قبل إعلان الموعد، ثم أثبتوا نجاحهم بامتياز بعد الإعلان مباشرة. استطاعوا رفع أسهم المضاربة حتى النسب القصوى ليومين متتالين ثم بدأوا في البيع ليلة الإعلان، وأكملوا تصريف أسهمهم صباح يوم الأحد، قبيل الإعلان، ثم أجهزوا على السوق في فترة التداول الثانية مساء يوم الأحد. تلاعب مكشوف يوحي بأن خبر موعد التداول قد تسرب قبل إعلانه الرسمي، وهو أمر يتنافى مع أبسط أساسيات الشفافية. كنت أتمنى لو أن هيئة السوق أرجأت إعلان تداول أسهم (إعمار الاقتصادية) إلى ما بعد إغلاق الفترة الثانية من تداول يوم الأربعاء القادم كي تضمن أن تكون ردة الفعل النفسية، والتكتيكية موحدة في يوم واحد هو يوم التداول الأول بدلاً من ردة الفعل المتتابعة التي بدأت من يوم الأحد الماضي وربما استمرت حتى البدء في تداول السهم يوم السبت القادم. وكم كنت أتمنى أن تصدر الهيئة قراراً تمنع فيه صيانة الأوامر قبل خمس عشرة دقيقة من بدء فترة التداول للحد من عمليات التدليس عن طريق أوامر البيع والشراء الضخمة التي عادة ما تلغى قبيل التداول بثوان بعد أن تؤدي غرضها، كما حدث في سهمي صافولا وعسير المستفيدتين الرئيستين من إعلان طرح شركة (إعمار الاقتصادية) للتداول، وهذا على سبيل المثال لا الحصر. أخيراً، مهما كانت الملاحظات، إلاّ أنّ ذلك لا يمنعنا أبداً من تقديم الشكر لهيئة السوق المالية على قرارها الجريء والإيجابي في تحديد وقت تداول (إعمار الاقتصادية) خارج فترتي التداول الرسمية، ولتجاوبها مع وجهات نظر الإعلام التي يرجى منها أن تكون السند الداعم لسوق المال، المتداولين، والجهات الرقابية على حد سواء.
f.albuainain@hotmail.com |
|
|
| |
|