| |
فشل ذريع في شوارع غزة
|
|
أخطر ما في الاضطرابات الفلسطينية أنَّ من قاموا بها هم العسكريون والمعنيون بحفظ الأمن, ولا يُعرف إلى من ستوكل مسؤولية الأمن إذا كان الجنود هم ذاتهم وسط التظاهرات والاضطرابات والاشتباكات؟! غير أن كل ما حدث فيما يعرف بيوم الأحد الدامي خطير، فقد قرر الفرقاء على الساحة الفلسطينية نقل خلافاتهم إلى الشارع، وعجزوا عن أن يكبحوا جماح غضبهم، ومن ثم أطلقوا العنان له لتشهد الأراضي الفلسطينية واحدة من أشرس المعارك بين أبنائها، وشهد العالم أجمع بروفة لحرب أهلية فلسطينية نموذجية. وغداة هذه المعارك دفعت اسرائيل بقوات إلى شمال القطاع فيما قتلت صيادا كان يعمل في مياه غزة، وتجيء هذه الانتهاكات لتذكير الفرقاء المتشاكسين في شوارع غزة بالهدف الذي ينبغي أن تتوجه إليه بنادقهم, فإسرائيل هي عدو الجميع الذي أخطأته مختلف البنادق، وبدلاً من ذلك فقد توجهت إلى صدور الإخوة، ومن ثم كانت هذه المأساة المتجددة التي تحكي قصة أخرى من قصص الاخفاق في الساحة العربية.وعلى الرغم من التحذيرات المتلاحقة بضرورة التريث وكظم الغيظ والتعالي عن الصغائر، والتمسك بدلا من ذلك بكل ما يمكن أن تدفع به نفحات الشهر الكريم من مكرمات, فقد تغلب الغضب على ما عداه لتتحول غزة وأجزاء من رام الله إلى ساحات حرب شرسة. وتعكس وقائع الأحد الدامي أن القادة من فتح وحماس فشلوا في أن يكونوا سياسيين، وأنهم استنفدوا كل ما في جعبتهم من خبرات ومعارف، ومن ثم كان عليهم أن يواجهوا لحظة الحقيقة بشجاعة، ويعلنوا صراحة عجزهم عن إصلاح وضع متدهور. إن منتهى الفشل أن يسمح القادة الفلسطينيون للأوضاع كي تتردى إلى هذا المستوى المريع، في وقت ينظر فيه العالم أجمع إلى صمود الفلسطينيين التاريخي، ولهذا فإن المسؤولية تصبح مضاعفة بالنظر إلى الوضع الخاص الذي تتخذه هذه القضية محليا واقليميا ودوليا. فالفشل ممنوع أولا وقبل كل شيء؛ لأن كل الشعب الفلسطيني بشرطته وقادته وسياسييه مستهدف من قبل اسرائيل وهي تقتل الفلسطينيين كل يوم، ولذلك فإن من الأبجديات في مثل هذه الساحة أن تتوجه البنادق إلى حيث ينبغي لها وان استهداف لفلسطيني من قبل فلسطيني آخر هو خط أحمر, ولقد تكرر ذلك في الأدبيات السياسية الفلسطيينة منذ عقود وعقود، لكن قادة اليوم هم الذين سمحوا بتجاوز هذا الخط الأحمر، وهم بذلك يرتكبون أشنع الانتهاكات وعليهم أن يتحسسوا مقاعدهم، والأفضل أن يغادروها، لأنهم وصلوا إلى نهاية المطاف في التردي السياسي، ويتعين أن يفسحوا المجال أمام قادة يتفهمون الابجديات ولايتطاولون على الثوابت.
|
|
|
| |
|