بعد عناء الدراسة الذي استمر شهورا وأعقبه عناء الامتحان النهائي ترنو النفوس إلى ما تجد فيه متنفسها لترمي الروتين وتجدد نشاطها لفترة مقبلة لعمل أنشط وأكثر عطاء، فتأتي الإجازة تحمل ما بطياتها من العجاب، فحال الناس فيها شتى وهم ثلاثة أقسام: مفرط، ومفرط، وعوان بين ذلك.
وقفة قصيرة مع كل قسم من هذه الأقسام نرجو أن يجعل الله فيها النفع والفائدة: القسم الأول وهم المفرطون: ما أكثر هذا النوع، وما أكثر أنواع التفريط عندهم، أهو في العبادات، أم في الوقت، أم هو في الضروريات والحاجيات..؟ أما المندوبات والمستحبات فلا وزن لها عندهم البتة.
فليدرك من كان هذا حاله وليعلم أن الله - جل وعلا - عظم الوقت أيما تعظيم ولذلك أقسم به في غير ما أية، قال تعالى: {وَالْعَصْرِ}، {وَالضُّحَى}، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: لن تزول قدما ابن آدم يوم القيامة عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وماذا عمل فيما علم) تفرد به الترمذي.
وأما القسم الثاني وهم المفرطون في الإجازة المضيعون لفرصها على أنفسهم وعلى أبنائهم بحجة حفظ الوقت، فلا زيارة لهم، ولا سفر ولا نزهة ولا ولا... ولعل لبعضهم حججا لها حظ من النظر، فمن حججهم أن أماكن التنزه فيها من المخالفات الشرعية ما يمنعهم من ارتيادها.. ولكن من أفضل ما تقضي به أوقات الإجازة زيارة بيت الله وأداء العمرة، وزيارة مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأماكن النزهة في بلاد الحرمين، ففيها من المحافظة الشيء الكثير، وعلى المسلم إذا رأى منكراً أن يغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).
وأما القسم الآخر فهم المعتدلون لا إفراط ولا تفريط ولا يغلبون جانبا على آخر وهي سمت أهل هذه البلاد المباركة - ولله الحمد -، والشاذ لا حكم له تجدهم في حلقات تحفيظ القرآن، وفي الدروس والمحاضرات والدورات العلمية والمناشط الدعوية الأخرى، يسافرون ويتنزهون يسعدون أنفسهم وأهليهم وأبناءهم دون ارتكاب لمحذور أو معصية لله، بعد هذا العرض للواقع الذي يعيشه الجميع أوصي أخوتي بهذه الوصايا: تقوى الله جل وعلا في كل شيء وفي الإجازة على وجه الخصوص:
- العمل على ترتيب الوقت وتقسيمه فلا يكون لهوا كله ولا جدا كله، وليقدر الأولياء فرصة استمتاع أبنائهم في إجازتهم فلا يحرمونهم ما هو من حقهم.
- الحيلولة بسياج قوي دون أي وسيلة تجعل من الإجازة وبالاً على الأسرة.
- الحذر من السهر الذي ليس فيه إلا العناء والمشقة والأمراض الجسدية النفسية فإن من أعظم ما تتميز به الإجازة: السهر، وكثرة الزواجات، والنوم بالنهار، وكثرة الأسفار، ويحتاج كل واحد من هذه وقفة خاصة وطويلة.
- وأخيراً ليتذكر كل واحد منا أن هذه الأيام خطى كل يوم يمضي يدنينا من الأجل.
wwwhailqq@gmail.com