الإنجاز الجديد الذي حققته أجهزة الأمن خلال الأيام الفائتة يمثّل حلقة في سلسلة الإنجازات الباهرة، وفصلاً جديداً من فصول مقارعة فلول الفكر الانحرافي وصرعهم في مختلف الميادين.. كما أنه يشتمل على عدة دلالات واستنتاجات مهمة على صعيد الأمن الوطني، وعلى صعيد الفكر الاجتماعي والثقافة الجمعية.. وعلى مستوى تنمية الحس الوطني.
عندما اعتقلت قواتنا الأمنية الباسلة خمسة إرهابيين بينهم ثلاثة سعوديين يروّجون للفكر الإرهابي المنحرف عبر الإنترنت.. فإنها أعطت رسالة واضحة وقوية لكل من تهمه هذه الرسالة، بأن الأجهزة الأمنية يقظة ومتابعة، أنها تضع يداً على صدر الوطن بأن ينام هنيئاً آمناً.. واليد الأخرى تتعقّب النفوس المريضة وتترصّدها عبر مختلف المنافذ والمنابر التي يمكن أن تحاول النفاذ من خلالها.. حتى لو كان الأمر بواسطة أسماء مستعارة.. فمن السهل على رجل الأمن اليقظ المؤهل المدرب أن يكشف الأسماء الحقيقية لهؤلاء ويحدد أماكن وجودهم ومن ثم القبض عليهم، بل يعرف أهدافهم بدقة ويحبط مؤامراتهم قبل تنفيذها، وهذا ديدن أجهزتنا الأمنية التي أفشلت خطط الإرهابيين من خلال الضربات الاستباقية الناتجة عن المراقبة والمتابعة الدقيقة لهؤلاء الخمسة المقبوض عليهم؛ الذين يحاولون تجنيد الشباب وصغار السن من أجل تنفيذ أعمال إرهابية داخل المملكة وخارجها.. واستخدموا في ذلك سلاحاً مختلفاً؛ لكنه ليس بجديد ألا وهو تقنية الإنترنت، وقد سبق للأجهزة الأمنية أن صرعتهم في ذات الميدان قبل أشهر قليلة، وثبت من خلال ذلك رفعة الاحترافية التي تتسم بها الأجهزة الأمنية، ومدى التفنن في استخدام تقنية الإنترنت وقيادة حرب من خلالها والانتصار فيها على متخصصين في هذا المجال.. ويمكن القول بأن الأجهزة الأمنية أسقطت عدداً من قادة الإرهاب الإلكتروني.
ومن الدلالات التي يحملها هذا الإنجاز أن الجهات الأمنية قامت بواجبها تماماً بمتابعة هؤلاء المضللين والكشف عنهم، ووضع الحقائق أمام الرأي العام بكل شفافية ووضوح حتى يتيقظ الجميع ويدركوا مخاطر تلك المقاصد السيئة.
هذا الإنجاز الذي تم دون أن يدع مجالاً لعناصر الفكر المنحرف أن تخترق عقول النشء يدل على المردود الواضح لتراكم الخبرة لدى رجال الأمن الأوفياء فيما يخص أمن المعلومات؛ وكذلك تطور أساليب وفنون المتابعة والرصد ومواكبتها أحدث الأساليب التقنية، بل التفوق على فنون الإرهابيين.
من الدلالات أيضاً أن مساعدة أفراد المجتمع ودعمهم لمجهودات رجال الأمن، وتزويدهم بالمعلومات الدقيقة يؤكد تنامي الحس الوطني والأمني لأفراد المجتمع بشكل يسهم في تحقيق الأمن، وتطويق المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها أمن الوطن وأمن المجتمع.
كما أن توالي الضربات المفصلية الموجعة لفلول عناصر الفكر المندحر أفقدت هذه العناصر صوابها وأربكتها بشكل واضح وكبير وأفشلت خططها وشتت أفكارها وأظهرت تناقضاً جوهرياً في خطابها الديني والإعلامي.. وحققت قواتنا الأمنية نجاحات واضحة في كشف الخلايا الإرهابية مهما تدثّرت وتمترست خلف شاشات الكمبيوتر، وتسمت بأسماء وهمية لأن عين رجل الأمن ليست على الأسماء والمسميات، بل على أمن الوطن وأمن المعلومات؛ لذا استطاع رجال الأمن أن يطرحوا الإرهابيين الإلكترونيين أرضاً في (حلبة) الإنترنت، كما صرعوهم في الميدان من قبل، وطوقوا تحركاتهم الإرهابية عبر مختلف المنافذ والخلايا، وكشفوا أراجيفهم وأنقذوا صغار السن الأبرياء من شباكهم، وهذا بالطبع انتصار يضاف إلى سجلات انتصارات الأجهزة الأمنية وإنجازاتها المتلاحقة؛ لكنه في ذات الوقت لا يعني الركون إليه واجترار ذكراه والعيش على نشوته، بل يتطلب المزيد من اليقظة والانتباه من كافة أفراد المجتمع الذي رفض تلك الادعاءات الزائفة والمحاولات اليائسة.
وهذه الإنجازات الرائعة التي تسجّلها الأجهزة الأمنية الفضل من بعد الله فيها يعود لصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية ورجل الأمن الأول، صاحب الفكر الأمني الرفيع وصاحب الجهود التي تصب في خدمة الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره، وكذلك سمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية؛ وهذه ترجمة واضحة لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي العهد - حفظهما الله-، اللذين يضعان أمن الوطن والمواطن على رأس الأولويات.. ولا نامت أعين الخونة ومروّجي الفكر الانحرافي الكاسد في ظل يقظة رجل الأمن ونمو الحس الأمني لدى المواطنين.