يعرض على قناة MBC هذه الأيام مسلسل شر النفوس، وهذا المسلسل يتطرق في قصته بل تعتمد القصة على عمل السحر وشره وكيف يبلغ ضرره ومفاسده.. وكما تعلمون فقد كثرت في الآونة الأخيرة هذه الآفة التي استغلها أصحاب القلوب المريضة وضعفاء الدين في التفريق بين العباد وأفسدوا الولد على أبيه والأب عن أبنائه والمرأة على زوجها والأخ على أخيه والجار على جاره؛ ليشتتوا بذلك المسلمين وليفسدوا عليهم أمور الدين والدنيا، وليوقعوهم في الكفر برب العالمين كما قال تعالى: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) إلى قوله تعالى: (وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ) - سورة البقرة -، وهذا العصر تفاقم شرهم وعظم خطرهم؛ فما من بيت من بيوت المسلمين إلا ودخله شر منهم إلا من وقاهم الله تعالى؛ فاكتظت أماكن القراء بالمرضى والمسحورين بعد أن اكتووا بنار المشعوذين والدجالين، وبعد أن سلبت أموالهم لعدم تفريقهم بين مَن يعالج بالقرآن وبالرقية الواردة في السنة الصحيحة وبين مَن يتعاملون مع الشياطين ويخدعون الناس بأكاذيبهم وحيلهم؛ ولهذا فإنني أهيب بالعلماء والخطباء والوعاظ والصحف ودور النشر بتحذير الناس منهم ومن شرهم وكشف حيلهم وأكاذيبهم وتعريتهم حتى لا يُخدع فيهم المسلمون إن شاء الله.

إن المجتمع الإسلامي يستمد قوته من قوة ترابطه واجتماعه على دين الله تعالى، وهذا ما دعا إليه الإسلام؛ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ). وقد نهى الإسلام عن الفرقة والاختلاف وعن أسبابهما؛ فنهى عن التحاسد والتدابر والتناحر والتجسس وسوء الظن، ونهى أيضاً عن الغيبة والظلم، وأمر بصلة الأرحام والتراحم والإحسان إلى الجار والإصلاح بين الناس.. كل ذلك ليتكون مجتمع قوي مترابط قوي يستطيع أن يؤدي رسالته التي أمر الله بها.

فالسحر يستعمله أعداء المسلمين من شياطين الجن والإنس وأوليائهم لهدم الأسر بالتفريق بين الزوجين وبث العداء والفرقة والشتات بين أفراد الأسر والمجتمعات.. وبهدم الأسرة ينهدم المجتمع؛ لأن المجتمعات إنما تتكون من أسر، وبفساد الأسر تفسد المجتمعات؛ ولذلك وجب على ولاة أمور المسلمين وعلمائهم ودعاتهم محاربة السحر بكل أنواعه، وكذلك محاربة السحرة والمشعوذين والدجالين محاربة شديدة؛ لعظم خطرهم على المجتمع الإسلامي.

وبصراحة ما شاهدناه في هذا المسلسل جزء مما هو يحصل في مجتمعاتنا، ويجب علينا محاربته ونبذه والإبلاغ عن كل من يتعامل بذلك، والله أسأل أن يجنبنا وإياكم وجميع المسلمين مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يحفظنا من كيد الشيطان.. إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.