كم هو قبيح أن يسلب رجل مال آخرين، أو أن يحتال شخص على آخر في بيع أو أمانة فيأخذ مالا بغير حق. |
وكم هو بشع أن يؤتمن إنسان فيعطى صدقات أو زكوات من أغنياء وثقوا به ليعطيها مستحقيها من الفقراء والمساكين، فيقوم بالصرف منها على حاجاته وحاجات أولاده وبيته والحجة أنه (من العاملين عليها)!! |
ما أباح له الأخذ من أموال اؤتمن عليها إلا هواه وجشعه وطمعه وقبل هذا كله ضعف إيمانه وقلة مروءته! |
ليس الخطأ خطأ هذا الجشع (المتدثر) بدثار الصلاح والتقى ليخدع الناس، بل خطأ غالبية من يعطيه صدقته أو زكاته أو ما جادت به نفسه ليقوم بهذا العمل الخيري أو ذاك، وهو لم يتحر عنه من حيث أمانته ونزاهته وصلاحه! |
وهل أصبح توزيع تلك الأموال وقفا على فئة معينة أو أعداد محدودة لهم صفات (خِلقية) معينة؟ |
ولماذا لا نحرص على صفات جامعي الصدقات والتبرعات الخِلقية أكثر من حرصنا على صفاتهم الخُلقية؟ |
وهل أصبحنا كلنا لا نعرف أحدا يستحق الصدقات والزكاة؟ |
برأيي الخاص أن السبب الرئيس الذي يدفع الكثير من الموسرين ليقدموا صدقاتهم لمن هب ودب من الناس ليتصرفوا بها، ما بين نزيه صادق وكاذب محتال هو العجز والتكاسل عن توزيعها بأنفسهم، والحجة الواهية التي يحتج بها أغلبهم هي عدم توفر الوقت الكافي لديهم ليقوموا بتوزيعها على أهلها مباشرة!! |
فهل يعقل أن الفرد من هؤلاء لا يجد من وقته فراغا يستغله ليذهب إلى بيوت الفقراء والضعفاء الذين يستحقون صدقة أو زكاة؟. |
أنا هنا لا أعمم الحكم، ولا أقول إن كل جامعي الصدقات محتالون، فهناك كما أسلفت المحتال وهناك الصادق النزيه. |
ولا أثبط عن فعل الخير والتبرع والتصدق أيضا، ولكني أوجه نداء قلبيا لكل الموسرين والأغنياء أن يتحروا عن المحتاجين وأن يجمعوا بين دفع الصدقة وبين إيصالها إلى مستحقيها والوقوف على أحوالهم وأوضاعهم، فقد يرى من هو في حاجة أكثر مما قدم له، وليتحقق الهدف الأكبر وهو قطع الطريق على بعض المحتالين الذين يأخذون من هذه الصدقات ما يشاؤون. |
الواجب علينا جميعا الحذر من أصحاب الأنفس الدنيئة الذين يتخذون من (التدين) ومظاهره (الخارجية فقط) وسيلة لاستمالة القلوب بل استلابها أحيانا، وبالتالي الوثوق التام بهم وهم ليسوا أهلا للثقة، وليكن شعار كل واحد منا: |
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها |
عند التقلب في أنيابها العطب |
لقد وصف الله المنافقين بأوصاف لا شك أنها تخدع البعض ولكنها لا تخدع الكل: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ}، وهذه الصفات تجدها في (لصوص التبرعات والصدقات) الذين يبدعون في كلمات وعبارات التلطف والمسكنة ويمتازون بالهدوء والسكينة (المصطنعين) في صلاتهم وأفعالهم وأقوالهم. |
ولنا في قصة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبلغ الأثر: |
قال رجل لعمر رضي الله عنه: إن فلانا رجل صدق. فقال عمر: هل سافرت معه؟ قال: لا. قال: فهل كانت بينك وبينه معاملة؟ قال: لا. قال: فهل ائتمنته على شيء؟ قال: لا. قال عمر: فأنت الذي لا علم لك به، أراك رأيته يرفع رأسه ويخفضه في المسجد. (أي يكثر من الصلاة)! |
إن المؤمن الفطن لا يحتاج إلى معامل ومختبرات ليكشف زيف مثل هؤلاء الأدعياء اللصوص (آكلي أموال الصدقات ظلما وعدوانا) بل إن الأمر يحتاج إلى تحكيم العقل وتوافق ما بين البصر والبصيرة في حال بعضهم، في مأكله وملبسه ومركبه ومسكنه، ورحلاته واستجمامه خارج المملكة أكثر من داخلها!! |
بل ومن يقدم على زواج (جديد) وهو بالأمس يشكو ضيق ذات اليد وتراكم الديون! |
|
1- قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لست بالخب ولا الخب يخدعني). |
|
ولا تحسبنه مخلصا في مقاله |
ولكنه في مكسب المال محتال |
فكان قتيلا بالمطامع عزه |
فذل وإن الحرص للعز قتال |
|