رحمته تعالى قضت أن تكون أيامك الأخيرة يا جدتي الغالية في بداية شهر رمضان حيث أذنت شمسك بالمغيب وحملت يا جدتي متاع الرحيل مرغمة تاركة خلفك ذكرى مؤلمة، ترمقين الأيام كيف انطوت فتتعجبين من أمرها!!!

جدتي: لقد تمالكت نفسي عن البكاء لأجد قلمي يخط الدمعة قبل سقوطها، فذكراك من المستحيل أن تنسى بسهولة فأنا لا زلت أتذكر ذكرياتي معك وأنا صغيرة في ذلك المنزل الذي أحبه كثيراً - منزلك يا جدتي - والذي لا زال محفوراً في ذاكرتي حتى الآن لأني تذوقت فيه أجمل أيام عمري.

فلقد أحبك الكبير والصغير فأنت شخصية جداً اجتماعية ومحبة للخير وحنونة على الجميع فها هي أركان بيتك يا جدتي وزواياه كلها تناديك، جدتي: إن الدنيا لقاء وفراق غير أن الآخرة لقاء أبدي وهذا ما يعزينا في حزننا الشديد على فراق أحبة...... أسأل الله أن يجمعنا بهم في الجنة.

جدتي حبيبتي: كم سأفتقدك وأفتقدك ويعلم الله كم سأفتقد دعاءك الدائم لي والذي كنت أشعر به صادراً من قلبك الأبيض لكن يعزيني في ذلك كله أن الله تعالى أرحم بك مني، فياليت شعري متى يأتي يوم جمع شملنا جميعاً في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

حبيبتي: يعلم الله أني كنت أشعر بك دون أن تشتكي فأنتي تتألمين وبالرغم من ذلك تردين على كل من يسأل عن حالك برد امرأة صابرة محتسبة فتقولين (حمداً لله تعالى أنا بخير) بصوت يعصره الألم (وأنت فيك ما فيك) دون أن تشتكي ما تعرضتي له من معاناة على مدى سنوات. كما يغبطك الجميع على هذا الصبر والاحتساب فأبشري يا جدتي بجزاء الصابرين وأهل الابتلاء (ولا نزكيك على الله) فقد قال عليه الصلاة والسلام: (تنصب الموازين يوم القيامة فيؤتى بأهل الصلاة والصيام والزكاة والحج فيوفون أجورهم بالموازين، ثم يُؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان ثم يصب عليهم الأجر صباً بغير حساب ثم قرأ قوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}(10) سورة الزمر. رواه البخاري.

ختاماً: أزف لك يا جدتي البشرى (ولا أزكيك) فأقول: أبشري بمعية الله تعالى {وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.

اللهم اغفر لها وارحمها وعافها واعفو عنها وأكرم نزلها ووسع مدخلها واغسلها بالماء والثلج والبرد ونقها من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أبدلها داراً خيراً من دارها وأهلاً خيراً من أهلها، اللهم أدخلها الجنة مع الأبرار وأعذها من عذاب القبر وعذاب النار) يااااااارب ووالدي وجميع موتى المسلمين آآآآآآمين.