أصدر وزير العمل قبل أيام قراراً وزارياً بمنع الاستقدام عن 90 منشأة لمدة سنتين وذلك لمخالفتها الصريحة للتعليمات المنظمة للسعودة، فقد كانت نسبة السعودة لديها صفر في المائة بحسب بياناتها المسجلة في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، هذا الخبر المفرح لمن ينتظرون فرصة عمل ولا يجدونها في مؤسسات تجارية تقيم على أرض بلادنا بعضها محلي مائة في المائة وبعضها استثماري، ومحزن هذا الخبر من حيث كونه يعكس أنانية كاملة لدى أصحاب المؤسسات التي منعت من الاستقدام، فهي تبيع وتشتري وتكسب دون أعباء ضريبية تذكر، بل إن بعض هذه الشركات تحصل على فرص تجارية تعاقدية مع الدولة وبعضها تحصل على الأرض والماء والكهرباء بسعر رمزي ومع ذلك فإن واحدة من هذه الشركات لا يضع أحد من أصحابها حصوة ملح في عينيه فيضم تحت جناحيه بعض أبناء الوطني ولو براتب فراش كما هي عادة العديد ممن يدفعون مثل هذا الراتب لتبقى الفرصة أمامهم مفتوحة للاستقدام!.
إن من يتجول في العديد من الشركات القيادية، وبعضها يحمل لافتة الاستثمار الأجنبي، سوف لن يجد فيها مواطناً واحداً حتى وإن كان بوظيفة فراش أو مراسل، بل إن بعض الشركات الاستثمارية استغلت المرونة أو التسهيلات المعطاة لها، لتقوم باستقدام عمالة أجنبية وتسريبها إلى الأسواق بدلاً من أن تعمل لديها، وغالباً ما يكون أفراد هذه العمالة يمتون بصلة لصاحب الشركة الاستثمارية، بل إن بعض هذه الشركات أصبحت مثلها مثل عمالة التشليح وتجميع الحديد الخردة من الشوارع والخرائب وأنقاض البناء، أصبحت تقوم بتصنيع أنواع من الحديد والمواد التجارية الرديئة وغير المطابقة للمواصفات والمقاييس المتعارف ومع ذلك فلم نقرأ عن إلغاء امتياز هذه الشركات.. ومع أننا نعرف والكثير من المهتمين بالشأن الاقتصادي يعرفون أن كل مستثمر يتعيّن عليه أن يقوم بتدريب وتهيئة نسبة متفق عليها من المواطنين لتباشر العمل في الشركة الاستثمارية حال بدئها، يحصل هذا في الدول التي تستقبل المستثمرين الأجانب ولعل أبرز هذه الدول من الشرق ماليزيا ومن الدول العربية مصر، أما نحن فحتى اللحظة نسبة المواطنين إن لم تنطح الصفر فإنها سوف تنطحه عند أول غضة بصر من وزارة العمل!.
وقد لاحظ أحد الزملاء ما لاحظناه كمواطنين من غياب تام للمواطنين عن كافة الشركات التي تسوق الهامبرجر والدجاج أو تلك التي تسوق ماركات الآلات والأجهزة وأدوات التجميل والملابس والإكسسوارات هؤلاء من المؤكد أنهم يضعون طاقية الإخفاء لكي لا يراهم مسؤولو وزارة العمل وعلى رأسهم عمنا الكبير الدكتور غازي القصيبي!.
أما الشركات التي تستقبل المواطنين، إما تحت ضغوط معروفة وأبرزها تحقيق نسبة من السعودة تؤهلها لاستقدام عمالة أجنبية، فإنها تأخذ هذه النسبة من أول طارق وبأقل الرواتب، وعادة ما يوضع هؤلاء -مجموعة ذر الرماد في العيون- في أماكن هامشية حالما يتم تثبيت النسبة، بعدها مباشرة تبدأ عملية التسريح الجماعية مع منحة راتب أو راتبين ليأخذ الأجانب مكانهم وبعض هؤلاء يحصلون على رواتب تفوق رواتب الموظفين بمراحل رغم أن بعض هؤلاء المواطنين يفوقونهم من حيث التدريب والتأهيل المهني والتعليم وللأسف غالباً ما يكون ضحايا التطفيش من خريجي المعاهد المهنية وحملة الدبلومات الصحية والتجارية!.
أما الطامة الكبرى فإنها تحصل تحت بصر الجميع، في المدارس الأهلية تحديداً، رواتب ضئيلة إذا وجدت الوظيفة، معاملة سيئة، طرد بعد شهر أو شهرين وغالباً قبل انتهاء العام الدراسي، مع أنهم لا يشكلون خمسة في المائة من المتعاقدين ولا ندري ما هو موقف وزارة التربية والتعليم من هذه المدارس وأصحابها الذين يأخذون المعونات ويحظون بالرعاية ومع ذلك فإن أول ضحاياهم من أبنائهم وبناتهم الذين يبحثون عن فرصة عمل.
فاكس: 012054137