السجال (متعدد الأطراف) حول المؤسسات الأدبية والثقافية (الرسمية) ليس شر كله..! فهو فرصة لمن يشكو فاقة الأفكار.. ويعاني مأزق اعتبار تلك المؤسسات هي الثقافة بعينها أو هي (مجلاها الوحيد) وهي منجم الأدب والإبداع.. ومناط وجودهما.. وبدونها لا أدب ولا إبداع ولا تصورات ولا أفكار.. أو منافذ للعطاء والمساهمة والتعبير..
** وكلما ازداد رجم هذه المؤسسات بنقائص تبدأ بعدم الرضا المطلق تارة.. وبعدم القناعة بالقيمين عليها.. أو عدم الثقة بهم تارة أخرى.. حتى آل السجال إلى شخصنة هذه (القضية).. وتصويرها بأنها المشكل العضال الذي لايمكن برؤه.. إلا أن يكون هذا محل ذاك.. والآخر أجدر من الأول.. وفلان أولى من علان.. الخ.
** هنا يتحول السجال.. إلى (مأزق بعينه) بوصفه منطقة (مراوحة) في الفراغ واللاجدوى. ويصرف الاهتمام عن الأولى والأحق بالاهتمام..
** وهنا تختلط المفاهيم وتذوب الفوارق المعيارية بين الثقافة والأدب.. وجدواهما وقيمهما.. ويختلط الحابل بالنابل.. وأولو الأهواء والمآرب الضيقة والصغيرة.. بالبريئين منها والأنقياء من لوثتها.. إذ لا يمكن تفصيل (كيانات مؤسسية) كالتي أشرنا إلى وصفها في بداية المقال.. وفق رغبات (أمزجة فردية) أو حتى معايير دقيقة وواعية ومنصفة فهي كذلك لدى البعض.. ودونه وأدنى منه لدى آخرين.
** ولذلك فصاحب الهم الحقيقي، والمنطلق من وعي بذاته وقدراته.. أكبر من حصر نفسه أو حشرها في مأزق واهٍ كذلك ..! ولا يمكن أن نستمر - في هذا السجال العقيم - وقد آنت نهاية الفترة الدورية المحددة لبعض تلك المؤسسات وقدمت كل مافي وسعها.. وفق تقديرها للمفترض عليها.. ووفقاً للمقتضيات الثقافية والقيمية التي يقدرها القيمون عليها.. والمنطلقات التي تحكمهم والمبادئ التي توجههم..
**.... هنا فقط تحين ساعة المراجعة الحقيقية.. وتتحتم (مرحلة التقييم).. وهنا تكون أدوات الطرفين قمينة بمباشرة مهمة (الحساب).. والسؤال والجواب.. للمتيمين بهما..!
** أما أن يشغل البعض نفسه ومن - وما - حوله بالإسقاطات الاستباقية بالحكم بالفشل أوالكفاءة والأهلية.. وعدمهما.. فهو ما يسيء إلى (ساحة).. فيها من العور أو النقص مايكفيها.. وليست بحاجة إلى إثقالها بمزيد من الإحباطات والتشوهات..
** وأستعيد هنا (موَّال) الشكوى من قلة الإصدارات الثقافية الأدبية في زمن ولَّى.. فلما توالت وتنوعت وتعددت مصادرها واهتماماتها.. وأثْرت وأثَّرت ..انقلبت الشكوى - برغبة عاجز - من كثرتها تلك.. كما كانت الشكوى ذاتها من ِقلّة المنتديات والملتقيات الأدبية.. فما استقامت وتكوَّنت واستقطبت.. حتى بات الشاكون ذواتهم ينعتونها بالتكرار والنمطية. وأنها لا تلوي على أكثر من المجاملات والمراسم الاحتفالية.. ماذا يريد هؤلاء.. وأولئك لا أعلم..
Md1413@hotmail.com