ما زال (نحن) و(وهم) يمثّلان قضية كبرى, ومعضلة عويصة ضد أي تفاهم يمكن أن يحصل, (نحن) و(هم) تمثِّلان حصناً منيعاً ضد أي التقاء متوقّع أو يفترض أن يكون, ما زلنا نتعامل بثقافة (النحن) و(الهم) حتى بين أبناء القرية الواحدة, والدين الواحد, والعرق الواحد.
عندما نتحدث لا نتحدث من منطلق أن يكسب الجميع بغض النظر عن الضمائر المنفصلة التي لا تريد أن تلتقي, وإنما نتحدث من منطلقات إقصائية، لأن كل من تلك الضمائر (المنفصلة) يرى وجوده في انعدام الآخر, وكأن الحياة قائمة على ضمير واحد لا ثاني له.
(نحن) و(هم) أصبحتا جزءاً من الخطاب الثقافي والخطاب الديني والخطاب الرياضي, وبدلاً من أن (ينتعل) أحدهما الآخر, من أجل مزيد من الفهم والتفاهم صار كل منهما (يركل) الآخر, ويصفه بالضمير الفاسد الذي يتطلب اقتلاعه من الوجود, فكل (ضمير) يسعى لأن يسحب الشمس لصالحه الشخصي, والربيع يريده له وحده.
عندما تتأمل الخطاب العربي لا تجد سوى (نحن) و(هم) ماثلتين للعيان بكل ما فيهما من عنصرية وطائفية وقبائلية وسياسية, وسط أجواء مشحونة بالتوتر والقلق, بصورة تفقد كل أمل في الإصلاح الجماعي الذي يفترض ألا يفرق بين أحد, ولا يقدم أحداً على أحد.
المبدع لا يصفق له سوى (ضميره) الخاص به, إما أن يكون (نحن) أو يكون (هم), فإذا كان من طائفة (نحن) وجد كل الدعم العاطفي, أما إذا كان من طائفة (هم) فإنه يتعرّض إلى هجوم من جميع الجهات, لا لشيء, إنما كونه لا ينتمي إلى ذلك (النحن), وكذلك الحال مع (هم) عندما لا يرى في الوجود سواه, وأنه هو ورجاله يستحقون الحياة وما عداهم لا شيء.
Ra99ja@yahoo.com