المملكة العربية السعودية القطر الأقوى والأثبت في معادلة الشرق الأوسط, فمنذ أوائل القرن الماضي وهي تبادر كواجهة للعالم العربي والإسلامي في حل تلك القضايا (الإقليمية) التي أرهقت الكيان العربي بل وتسببت في تشويش العلاقات بين دول عربية جارة .
فقد أثبتت الأيام بأنها (المنقذ) الوحيد والفريد للكل من أي كارثة إقليمية أو دولية كانت.
القضية الفلسطينية.. المشكلة الأكبر والأعتى على الطاولة العربية، القضية التي لم يخدمها الفلسطينيون أنفسهم عندما قطعوا بأفعالهم كلَّ أمل وضاء (حي) في توحيد الصف ونبذ الخلاف.. كان اتفاق مكة التاريخي (الصلح) الذي تم في أقدس البقاع وعلى يدي زعيم العرب وفارسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في شهر فبراير من العام 2007م، بمثابة الوثيقة الخالدة التي ما زالت تشهد على كل خلاف ارتكبوه - بعدها- ناسين أو متناسين قدسية العهد وشرف المكان وأمانة الكلمة.. وما زال الجسد الفلسطيني يئن من هذه الخلافات حتى الساعة.
قبل أيام عقدت قمة الكويت الاقتصادية وأوشكت بأن تطوي أوراقها لتدخل في ملف النسيان كأي قمة تعقد ولا تُؤتِي أُكلَها، لولا تدخل الملك عبدالله الذي صدع بالحق ولم يجزع.. الحق الذي عجز عن النطق به القادة والزعماء العرب فكانت مبادرة جلالته بالتبرع بمبلغ ألف مليون دولار لإعادة إعمار قطاع غزة (المُهَشَّم) من قبل العدو الصهيوني أيضاً، الخطوة التي عجز عنها العالم أجمع، المبادرة الكريمة التي مسحت الألم الفلسطيني ووعدته بأمل جديد واعد ينتظره بشغف بعد كل هذه العتمة والتشرد.
الكل منا سمع حديث رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد خالد مشعل الذي بُثَّ على شاشات الفضائيات العالمية، كان يتحدث عن الانتصار وعن الحرب والمختبئين والمتخفين عن نياران الصواريخ وقذائف المدافع والرشاشات الصهيونية.. يتحدث بأسلوب غريب تكتنفه الثورة وتلفه البهجة والسرور..!، يقول كل ذلك وهو وأسرته بعيدون كل البعد عن النار (الإسرائيلية) الحارقة التي أهلكت الحرث والنسل وأنهت كل شيء له علاقة بالحياة في القطاع. فعن أي انتصار يتحدث وعن أي مواجهة يشير وهو متوار عن ويلاتها؟!، يمكن أن نقبل مثل هذا الكلام لو صدر عن المجاهدين - على أرض المعركة- الذين تصدوا للعدو وكان استعدادهم للموت أكثر منه للحياة، وحق لهم الفخر فهم يستحقون التحية والإشادة ليس من يختبئ هنا وهناك ويدعي الألم والمواجهة.
انسحاب إسرائيل من قطاع غزة كان مبرمجاً ومدروساً وفق خطط معينة محددة، فقد كانوا ينوون ضرب الفلسطينيين في نهاية الفترة الرئاسية للزعيم الأمريكي السابق بوش وبالفعل انتهت العملية العسكرية بانتهاء فترته الرئاسية، فالمعادلة بَيّنة جداً ولا تحتاج إلى إيضاح، فمن المحال أن تنتصر مجموعة صغيرة من البشر وإن كانت مدربة وبعدة خفيفة على قوة عاتية مدججة بأحدث أنواع الأسلحة الفتاكة، ومع كل ذلك لا ننكر بسالة المجاهدين الفلسطينيين في الدفاع عن أرضهم وحقوقهم. ساقني إلى هذا الحديث تجاهل خالد مشعل لمبادرة خادم الحرمين الشريفين وتعتيمه لجهود المملكة وتكريسه لمبدأ الخلاف بين الفصائل الفلسطينية مع أنه هو وأفراد حكومته من تعهدوا بمكة على إنهاء النزاع وطي صفحة الخلاف، والآن ومع مبادرة الملك بتوحيد العرب والمسلمين وجمع كلمتهم تأتي هذه التصريحات منه لبث النزاع والفرقة بين الصفوف الفلسطينية.
يجب أن يفهم الفلسطينيون بأن الاتفاق التام بين البشر حتى ولو كانوا من جنس واحد غير وارد.. ولكن هل من المحال أن تحل هذه الخلافات بينهم بعيداً عن الفضائيات والمناوشات العلنية.. وهل من المحال أن يوحدوا صفوفهم في وجه العدوان الإسرائيلي.. وهل من المحال أيضاً ينسب الفضل لأهله ولو بكلمة شكر.. أسئلة أرجو بأن تجد صداها لدى الإخوة الفلسطينيين نصرهم الله.