فئة ليست بالقليلة من تجار السلاح، والأدوية، والمخدرات يعيشون على أشلاء البشر، ويقتاتون من ضحايا المصائب والكوارث والأزمات. والفرصة السانحة لبعضهم، من ذوي الضمائر الدنيئة يجدون في وقائع الحروب، وجوائح الدهور، واختلال الأمن، وتفكك النسيج الاجتماعي للأسرة فرصة الترويج والمتاجرة بهذا الإنسان الضعيف، المغلوب على أمره.
|
* من المتفق عليه وجود تجار يمارسون بعض هذه الأنشطة ويشكل الإنسان، في أمنه، وصحته، وسلامته، واستقراره، ورخائه محور اهتمامهم، ومحط رعايتهم، لكن مع هذا الشعور النبيل يكفيك أن تتخيل مواسم البيع والشراء لهؤلاء، متى ؟ وفي أي ظرف؟ ومواسم الكساد والبوار، متى؟. وفي أي ظرف:
|
كذا قضت الأيام مابين أهلها |
مصائب قوم عند قوم فوائدُ |
* أمام سلطة المال الجامحة، والرغبة في الثراء بأية وسيلة، وبأية طريقة كانت ينعدم الضمير الإنساني الحي، وتضيق دوائر الرحمة، والمؤاخاة، والمساواة بين الناس، ويصبح الإنسان معول هدم للحياة، مخالفا السنن الكونية من وجوده.
|
* ما أبشع ذلك اللون من التجارة، وما أتعس أولئك التجار الذين يتكئون في مصادر عيشهم ورزقهم على وقائع حياة البائسين، والمكلومين، والمنكوبين، والموبوئين. هذه المسارات المشبوهة في التجارة ينظر إلى أصحابها دائماً بعين الشك، ويقعون في مصائد الاتهام، وتتعاظم هذه النظرة بتعاظم الرزايا في المجتمعات، ورحم الله (بدر شاكر السياب) حين يلتفت إلى مثل هذه الممارسات، وينفي دعوى إقامتها للحق والعدل والمساواة، يقول:
|
حديدٌ لمن كل هذا الحديد؟ |
لقيدٍ سيلوى على معصمِ |
ونصلٍ على حلمة أوريد |
وناعورة لاغتراف الدمِ |
* قد يستغرب البعض حين يسمع تحالف بعض شركات الأدوية ومؤسسات التصنيع الحربي، كما استغربنا وأنكر بعضنا من قبل، مدفوعا بالعاطفة ذلك الارتباط بين مروجي المخدرات ومستخدميها وبعض أعضاء تنظيم القاعدة وأنشطتهم. لقد وصلت قوة التحالف والارتباط بين مصنعي السلاح ووكلائهم وشركات الأدوية أن يتفقوا على التحريض على خوض الحروب، والترويج لمعارك مفتعلة بين بعض الفصائل في الدول الفقيرة، على اعتبار أن مردود الدمار والخراب والقتلى والجرحى والإصابات سيرفع لا محالة من أرباح مبيعات السلاح والدواء. ولا تستبعد حين تسمع أن بعض الشركات المتخصصة في إنتاج التبغ لها أسهمها في بعض شركات الأدوية التي تصنع الأدوية المكافحة هذا الوباء، بل تروّج للدواء كما تروّج لهذه الآفة الخطيرة..وقد تزعجنا بعض الإحصائيات عن استهلاك الدول العربية والإسلامية على وجه الخصوص للأسلحة والدواء وارتفاع ذلك مقارنة بالدول المتقدمة.
|
* ليس من المستغرب على الإطلاق أن تقوم بعض الشركات في هذه الأنماط من أنواع التجارة على التحالف مع قنوات إعلامية متعددة ودعمها لبث الأراجيف، والأكاذيب، والإشاعات عن مرض من الأمراض الوبائية، والتضخيم من خطورتها، والمجتمعات الهشّة والبدائية تجد رواجاً لذلك، وينطلي عليها الكثير من عمليات النصب والاحتيال، وليس لديهم من الموانع التي تدفعهم للتحالف مع المؤسسات الدينية عبر بعض رجالاتها للترويج للسلع، وهم يعرفون كل المعرفة، ويدركون تمام الإدراك عواطف الشعوب والمجتمعات الإسلامية وغيرها: من الذي يحركها ؟ وإلى أين تتحرك؟ فلنكن على حذر ووعي تام عما يراد بنا ويحيط. وما كل سوداء تمرة، ولا كل بيضاء شحمة. أ-هـ
|
|