لم يَعُدْ أمرُ تمتع الإنسان بحياة كريمة وحصوله على كفايته وأسرته من خدمات صحية واجتماعية، ومكان آمن يقيم فيه، وأن تتوفر له سبل الحصول على تعليم كاف، ومصدر دخل يكفل له استمرار كل هذا.. لم يَعُد أمراً مُجَزَّأً، بل كل متكامل وُضِعَ في صيغ نظامية قانونية، ولوائح لتحسين تعامل البشر فيما بينهم، ورفع درجات الصلات ودرجة العلاقة بين البشر.
ولهذا، فإنَّ الالتزام بمنظومة حقوق الإنسان أصبح أمراً مفروضاً ومُلزماً على كل الدول التي لا يمكن أن تتجاوز وتقفز على ما وُضِعَ من ضوابط للحفاظ على كرامة البشر وحقِّهم في المطالبة بخدمات صحية واجتماعية وسياسية.
وهكذا، فقد أصبحت حقوق الإنسان جزءاً من التزامات الدول والمجتمعات، وأخذت الدول تحرص على تخصيص وزارات رسمية وجمعيات وهيئات متخصصة تقوم بمتابعة ومراقبة تنفيذ حقوق الإنسان وما يجب أن يُقَدَّم للمواطن، وأن يحصل على حقوقه دون تدخُّل أو مَنٍّ مِن الدولة، لأنَّ الأحداث والدراسات أثبتت بأن مواجهة آفات الفقر والجهل والمرض والتطرف والظلم والعنصرية واجب الحكومات والتجمعات البشرية، وهو ما يتحقق عندما يتمتع الإنسان بكامل حقوقه.
ولهذا فقد اهتمَّ المفكرون وقادة الدول على إطلاق مبادرات لتنشيط وتفعيل الدور الإنساني لجعل الإنسان متوافقاً ثقافياً وحضارياً وحتى سلوكياً مع ضوابط حقوق الإنسان، وتحويله من متلقٍ ومستفيد إلى مشارك في تثبيت ثقافة حقوق الإنسان. ويُشار في هذا السياق إلى مبادرات خادم الحرمين الشريفين التي هَدَفَتْ إلى معالجة حالات التطرف والعنصرية وما تفرزها من تأثيرات سلبية تُوجِدُ وتُوقِعُ الظلمَ على أطراف من دول وحضارات أخرى، فمبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والحضارات والثقافات شاهدةٌ على جهوده وإسهامه في إيجاد بيئة حوارية إنسانية من أجل عالَمٍ يسوده الأمن والسلام، وتُكَرِّس الأخذَ والقناعةَ بثقافة حقوق الإنسان واحترام الرأي الآخر ومحاورته للوصول إلى صيغة تعاون وتعايش تلغي كل حالات المواجهة والاحتقان، وأنها إحدى صور العيش المتمدن الذي يكفل لكل إنسان التمتع بحقوقه دون النيل من حقوق الآخرين.
JAZPING: 9999