ربما يتفق معي الإخوة المسئولون في الإدارة العامة للمرور أن نظام (ساهر) المروري يتمتع بخاصية الدقة والسرعة العاليتين في رصد المخالفات ومعالجتها وما يتبع ذلك من إجراءات أخرى،
لكونه نظاماً تقنياً متقدماً في كل مجساته وتجهيزاته الفنية، ما يقلل نسبة الأخطاء التسجيلية في حق السائقين، كما يُسهم بشكل فاعل ومؤثر في القضاء على ظاهرة السرعة الجنونية في طرقنا السريعة وشوارعنا العامة، ويقلل من السرعة غير النظامية، فيحد من كثرة الحوادث والكوارث المرورية المروعة، وبالتالي تنخفض معدلات الوفيات والإصابات في بلادنا إن شاء الله.
ومن يتمعن الحركة المرورية في شوارعنا عقب تطبيق نظام (ساهر) يلاحظ تغيراً إيجابياً، بحيث تبدو مشاهد السرعة الجنونية قليلة جداً، خصوصاً في الطرق والشوارع المغطاة بالنظام، لهذا كنت من المحتفين والمؤيدين لهذا النظام الفعال منذ الإعلان عنه، رغم أني تلقيت مخالفة سرعة في شارع العليا جهلاً لا عمداً، لكن لا بأس في سبيل حماية الأرواح والممتلكات وتعزيز قيمة الانضباط في حياتنا اليومية.
غير أن هذا لا يعني التسليم بأن نظام (ساهر) كامل لا يشوبه القصور فلا يتم نقده أو الحديث عنه أو تسجيل الملاحظات عليه، إنما المطلوب أن يكون نقداً موضوعياً أو حديثاً صادقاً أو ملاحظة واقعية تستفيد منه إدارة المرور في تحسين النظام ومعالجة وجوه التقصير، وتدارك ما ينتج عنه من أخطاء فنية أو بشرية خلال تطبيقه. من هذا المنطلق أشير إلى ملاحظة مهمة تتعلق بآلية عمل (ساهر) ومراحل تنفيذه، فقبل أيام تم تدشين (مرحلته الثانية) في مدينة الرياض التي تتعلق ب(عدم الوقوف على خط المشاة) و(قطع الإشارة)، رغم أن النظام في مرحلته الأولى (السرعة) لم يغط جميع مناطق المملكة، فالمنطقة الشرقية وهي من المناطق الكبرى الرئيسة لم يطبق فيها نظام (ساهر) إلا قبل أيام، مع ذلك لست في معرض مناقشة الاستعجال في تطبيق المرحلة الثانية في الرياض، إنما في جزئية تتعلق في آلية عمل رصد مخالفة (الوقوف على خط المشاة) أو (قطع الإشارة)، وهي جزئية فنية بالدرجة الأولى تسبب مشكلة لدى السائق لكونها توقعه في حيرة خلال الثواني الأخيرة للإشارة الخضراء، ومن ثم ترصد بحقه مخالفة، رغم تقيده بتنفيذ بأنظمة المرور، فعندما تتحول الإشارة خلال هذه الثواني إلى اللون الأصفر ثم الأحمر، فإن السائق يكون أمام خيارين أحلاهما مر، إما أن يواصل مسيره فتلتقطه كاميرا (ساهر) لأنه بذلك (قطع الإشارة)، أو يتوقف فتلتقطه كاميرا (ساهر) أيضاً لأنه وقف على خط المشاة ! هذه الحالة حدثت معي، كما حدثت مع سائق أمامي لم يستطع أن يجتاز الإشارة وهي خضراء، فاضطر إلى الوقوف، غير أن وقوفه كان على خط المشاة فأضاء (فلاش) ساهر مرحباً به في سجلات المخالفين !
لذلك يتطلب الأمر معالجة هذه المشكلة الفنية لأنها ستؤدي إلى رفع درجة الحرص لدى السائقين ممن يحاول تفادي الوقوع في مخالفة، فيتوقف بشكل مفاجئ قبل خط المشاة عند تغير لون الإشارة الخضراء فتقع الحوادث، أو على أقل تقدير تحدث اختناقات مرورية عند الإشارات. قد يأتي السؤال: ما الحل؟ بتقديري أن الحل يكمن في تزويد الإشارات المرورية ب(الإشارة الرقمية)، وهي إشارة تعطي رقماً يعكس زمناً محدداً يتناقص خلال إضاءة الإشارة باللون الأخضر، وعند وصول الرقم إلى الصفر يتحول لون الإشارة إلى الأصفر ثم الأحمر. وبهذا يمكن للسائق أن يقدر الوضع خلال تناقص الرقم، من حيث إمكانية السير وعدم قطع الإشارة، أو الاستعداد للوقوف قبل خط المشاة.