|
الجزيرة - الرياض :
ليلة الاثنين الفائت.. كانت الرياض تستقبل المطر من سماءين؛ من سماء الله غيثاً يغسل القلوب والأرواح ويحييها.. ومن سماء «الجزيرة» وفاء تنتشي به القلوب والأرواح ويحييها.. في مشهد فرائحي فريد عزّ كثيراً كثيراً في زمن ما نعيشه اليوم.. إلا أنه تهادى هكذا في تلك الليلة الاستثنائية.. بعد أن صاغت «الجزيرة» ونادي الرياض الأدبي.. حلية الوفاء والتكريم المستحق.. لرمز وطني كبير هو الشيخ عبدالله بن خميس.. عافاه الله..
كنت حينها أتأمل تفاصيل الوجوه التي حضرت.. لأقرأ تعابير التقدير للجزيرة ولأدبي الرياض.. عندما قدما هذا الوفاء البليغ للقامة ابن خميس.. ولسان الحال يقول: بمثل هذا الفعل تكون القيمة لا بما تدعيه الذوات في طابور الأفضليات الهشة..
اليوم و»الجزيرة» تجسد فعل الانتماء الوطني الحقيقي.. عبر مشاريع علمية وثقافية وحضارية شامخة.. لن يكون أولها الكراسي البحثية في جامعاتنا السعودية مثلما لن يكون آخرها مبادرات التكريم النبيلة لرموز وطنية وفكرية وثقافية عالية.. فهي في واقع الأمر تضع حداً فعلياً واضحاً يفصل ما بين الفعل المحسوس المثمر والتوجه الصادق.. وما بين حملة الشعارات الوهمية والعناوين الفارغة.. من مدعي الريادات والأوليات والأفضليات..
هذا الاتجاه المشرق الخلاّق يبرهن على ريادة إعلامية وصدارة مهنية بارزة.. تؤكد انتهاج «الجزيرة» لأحدث الاتجاهات العلمية في ميدان إدارة المؤسسات الإعلامية.. بعيداً عن الأداء النمطي التقليدي البارد.. لتكشف مستويات الإنجاز الحي ل»الجزيرة» مفاصل الاعتماد الرئيسي على الرؤية التخطيطية التي تمثلت عبر وثبات «الجزيرة» التي كان أحد ثمارها «المجلة الثقافية» التي أصبحت اليوم محط أنظار الأوساط الثقافية المحلية.. ولا نبالغ عندما نقول إنها أخذت حيزاً مهماً من الحضور ضمن إطار الإعلام الثقافي العربي.. في حين يتواصل تراجع الكثير من نظرائها على مختلف المستويات..
القصة في نظري تتجاوز أبعاد ما حققته لـ»الجزيرة» ولله الحمد.. من نجاحات تشمل أنحاء الصناعة الإعلامية كافة مضموناً وشكلاً وانتشاراً وتسويقاً لتصل إلى إعجازية العودة إلى الصدارة مرة أخرى أي النجاح مرتين وهنا مكمن التأمل الذي يقود حتماً إلى الإكبار والمهابة لهذه التجربة المتفردة..
ومن يعي بواطن الحقل الإعلامي والصناعة الإعلامية بصورة عامة.. سيدرك يقيناً أي نوع من التميز والاستثناء هذا.. عندما يتكرر النجاح لمؤسسة إعلامية مرتين.. ناهيك عن أن يتحقق هذا النجاح في زمن ترحّم البعض فيه على صحافة الورق جملة وتفصيلاً.. وفي هذا السياق تبرز وحدة الإعلام الجديد التي أسستها «الجزيرة» كنواة مستقبلية تفتح عبرها أفقاً مستقبلياً يلبي حاجات الجيل الشبكي وقبلها يتساوق واشتراطات المرحلة وقياساتها الخاصة..
سعيد الدحية الزهراني