|
قبل أن أبدأ في هذه العجالة، إن في الصوت بحة وفي الجوف غصة وفي مآقي العين دمعة ذلك أن ما نحتفي به لم يكن بيننا في هذه الليلة، وما لنا إلا أن ندعو له بالشفاء العاجل آمين.
في هذه الليلة تجسد الوفاء من ثلاث جهات وكل من هذه الجهات كان للشيخ عبدالله بن خميس صلة بها وإن كانت الصلة تتفاوت بين جهة وأخرى.
الجهة الأولى هي وزارة الثقافة والإعلام والشيخ كان عضواً في أول مجلس أسس للإعلام، الجهة الثانية النادي الأدبي في الرياض وهو ممن أسس النادي وترأسها فترة من الزمن، الجهة الثالثة (جريدة الجزيرة) ممثلة في رجل التجربة والخبرة والمهنية رئيس تحريرها الأستاذ خالد المالك وكأن لسان حاله يقول للشيخ ابن خميس (مؤسس الجزيرة): غرسك ما يزال مورقاً.
الشيخ عبدالله بن خميس لا تحار في أي عنوان تبحث عنه وأنا أتحدث عن ملامح من حياة الشيخ عبدالله بن خميس وأنه كابد وجاهد حتى وصل إلى ما وصل إليه من مكانة علمية مرموقة تجاوزت حدود بلده المملكة العربية السعودية ولكن كيف كانت هذه النشأة، النشأة كانت في الدرعية مدرج طفولته وصباه والدرعية في ذلك الوقت كأي قرية أو مدينة من مدن وقرى نجد، حيث الإمكانات محدودة والناس مشغولة بهمومها ومعاشها والجهل يخيم كثيراً على مناطقنا ولا تجد في تلك الأماكن إلا الكتاتيب على ندرتها، ولا أعتقد بوجود مجتمع محرض على الفكر والثقافة والتحصيل والدراسة هذه هي البيئة التي نشأ بها عبدالله بن خميس ولكن الرجال وأصحاب القلوب الجسورة لا بد من أن يخرجوا من هذه الأماكن، كان والده رحمه الله يمتلك جزءاً يسيراً من العلم والمعرفة فاحتضنه ودفع به إلى كتاتيب الدرعية ودرس بها مثلما يُدرس في ذلك الوقت من تعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم ولكن همته كبيرة وطموحاته واسعة فما أن شب عن الطوق كما يقول المثل حتى بدأ يتقلب في شؤون حياته وتكوين نفسه، ظروف العيش ألجأته إلى أن يحمل البندقية وفي ذلك الوقت كانت الحاميات في جميع مناطق المملكة تستقطب الدولة لها بعض الرجال لمساعدتها في حماية الأمن, ثم عمل في جباية الزكاة يتنقل معه إلى أماكن الجزيرة العربية ومناهلها ومياهها وقد قال ابن خميس: إنني استفدت في هذا الجانب،لأنه شاهد عن قرب كثيراً من المعالم التاريخية والجغرافية والأودية والهضاب فكانت مشاهداته تأسيساً لما أصدره لاحقاً من دراسات في هذا الجانب.
يأتي التعليم المنهجي والشيخ ابن خميس كون مجموعة من العلوم والمعارف ولكنها تفتقد إلى المنهجية ثم جاء التعليم المنهجي في الطائف وفيها قصة كما سمعتها، عندما فتحت دار التوحيد أشار عليه صديقه فهد المالك الدراسة فيها وبعد إلحاح قبل الشيخ ابن خميس وذهب إلى الطائف وهو في السن الخامسة والعشرين ويفاجأ بصدمة عدم القبول لأنه لا يحمل الشهادة الابتدائية والشهادة الابتدائية شرط للالتحاق بدار التوحيد فاستعان بشفاعة الشيخ عبدالله الخليفي عند مدير دار التوحيد بهجت البيطار وبعد جهد جهيد وافق بهجت البيطار على التحاق ابن خميس لدار التوحيد على أن يجتاز امتحان الشهادة الابتدائية فكان ما كان، إن هذه اللمحات عن حياة الشيخ تعطي على أنه عصامي بنى نفسه وكوّن نفسه.
عبدالرحمن الراشد - مدير عام مؤسسة الجزيرة سابقاً