|
د. حسن أمين الشقطي
شهد سوق الأسهم المحلي تراجعات على مدى الثلاثة أيام الأخيرة المتتالية هذا الأسبوع.. ففي يومي الاثنين والثلاثاء سرت توقعات بأن إعلانات نتائج أعمال الشركات هي السبب وراء هذه التراجعات، التي جاءت بنسب طفيفة، وذلك على الرغم من أن هذه النتائج جاءت إيجابية لغالبية الشركات، وعلى رأسها سابك.. أما اليوم الثالث للتراجع، وهو الأربعاء، فقد سرت التوقعات بأن التراجع القوي لسعر سهم سابك التي أدت إلى تراجع قطاع البتروكيماويات ككل هو السبب وراء تراجع مؤشر السوق، هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى، فقد سرت توقعات قوية بأن سبب التراجعات وبخاصة يوم الأربعاء، يعود إلى التأثر بموجة التراجعات في البورصات الخليجية ككل، التي تأثرت هي الأخرى بالتراجع القوي للبورصة المصرية نتيجة مخاوف وذعر المستثمرين الأجانب بالبورصة المصرية من سريان حالة من الاضطراب الداخلي بمصر بشكل مماثل لما حدث بتونس على خلفية ظهور حالات لانتحار عدد من المصريين حرقاً نتيجة عدم تلبية الحكومة لمطالب شخصية لهم.. وإذ نعتقد أن مخاوف انتشار الاضطرابات الداخلية بمصر «مخاوف الحرق» هي السبب الرئيسي وراء حالة التراجع الجماعي للبورصات الخليجية يوم الأربعاء الماضي، التي أثرت بشكل أو بآخر على تراجع السوق السعودي الأربعاء أيضاً، وأدت لفقدانه حوالي (105) نقاط في بداية الجلسة، ولكن المؤشر تمكن من تقليص قدر من خسائره ليغلق عند 6658 نقطة خاسراً فقط حوالي 58 نقطة.
نمو الأرباح السنوية لحوالي (73) شركة في مقابل (27) شركة تتراجع أرباحها
حتى لحظة إعداد هذا التقرير وحسب نتائج الأعمال المعلنة للشركات، فقد شهدت حوالي (73) شركة نمواً في صافي أرباحها السنوية في عام 2010م.. في المقابل، فإن حوالي (27) شركة شهدت تراجعاً في أرباح 2010 عنها في 2009م.. ويعتبر قطاع البتروكيماويات على رأس القطاعات التي شهدت نمواً في صافي أرباح كافة الشركات المدرجة به، فحتى تلك الشركات التي لا تزال تحقق خسائر في نتائج أعمالها، فقد سجلت تراجعاً في حجم هذه الخسائر.. أما قطاع المصارف، فقد سجلت أربعة بنوك به نمواً في صافي أرباحها في مقابل خمسة بنوك شهدت تراجعاً بنسب متباينة تراوحت بين (3 إلى 19 %).
أرباح الشركات تنمو في 2010
بنسبة تزيد عن 206 %
حتى الآن أعلنت غالبية الشركات عن نتائج أعمالها وحسب النتائج المعلنة لأكثر من 100 شركة، فإن دخل (ربحية) السوق يبدو أنه قد ارتفع من مستوى 19.6 مليار ريال في عام 2009 إلى حوالي أكثر من 60 مليار ريال حتى الآن.. ويتوقع أن يصل هذا الدخل إلى حوالي 75 مليار ريال مع اكتمال الإعلان عن نتائج أعمال كل الشركات المتداولة بالسوق.. وبالتالي يتوقع أن يحقق دخل السوق ارتفاعاً بنسبة تزيد عن 206 %.
أرباح السوق في طريقها إلى أعلى مستوى تاريخي
وصلت أرباح السوق حتى هذه اللحظة إلى حوالي 60 مليار ريال، ويتوقع أن تصل إلى 76-78 مليار ريال بعد إتمام الإعلان عن بقية الشركات، وهو بذلك يقترب من الأرباح التاريخية في عام 2008م التي بلغت 91.6 مليار ريال.. ولنا أن نعرف أن هذه الأرباح في عام 2008م حدثت في ضوء طفرة نفطية غير عادية عندما لامس سعر برميل النفط 145 دولاراً.. وبالتالي فإن تحقيق أرباح في ظل أسعار نفط بلغت في المتوسط حوالي 79 دولار في عام 2010، يعتبر إنجازاً للشركات السعودية، ويدلل على أنها بدأت تحقق طفرة تنموية ذاتية.
المؤشر يربح 8.2 % خلال عام 2010م
رغم النتائج الإيجابية القوية التي سجلتها غالبية الشركات المتداولة بالسوق خلال عام 2010م، وبخاصة خلال الربعين الثالث والرابع، إلا أن مؤشر السوق لم يستجب بالشكل المتوقع لهذه الأرباح الكبيرة، التي تشير التوقعات لعدد كبير من الشركات، وعلى رأسها سابك بأن هذه النتائج قياسية ولم تحدث في تاريخ الشركة من قبل.. وعليه، فإننا نعتقد بأنه رغم الطفرة التي شهدها قطاع البتروكيماويات خلال عام 2010م، إلا أن القطاع لا يزال يمتلك قوة صعود جديدة في أسعاره السوقية.. وربما يعول عليه في الإمساك بدورة صعود قوية للمؤشر في عام 2011، وبخاصة في ضوء استمرار الأوضاع غير المتزنة لقطاع المصارف، وعدم التعويل عليه في قيادة المؤشر حتى الآن.. وعليه، فإن السوق يمتلك فجوة سعرية كامنة ينبغي سدها في أي وقت من خلال صعود جديد.
جني أرباح المضاربة على صعود القياديات
لنا أن نثق أن جزءاً من تراجع مؤشر سوق الأسهم يومي الثلاثاء والأربعاء إنما يعود إلى تأثير فني بحت نتيجة جني أرباح الصعود نتيجة المضاربة على نتائج أعمال القياديات, بخاصة سابك.. وربما يكون هو المفسر الأكبر للتراجع القوي الذي شهده سهم سابك خلال يوم الأربعاء.
توقعات بعدم تأثير ظاهرة «الحرق» بالسوق السعودي
من المتوقع أن يستمر تأثر بعض الأسواق الخليجية بالتأثر السلبي لمخاوف «الحرق» بالبورصة المصرية، وترجع هذه الاستجابة ليس لوجود ارتباطات استثمارية بين هذه البورصات مع بعضها البعض، بقدر ما يرجع إلى تأثر المستثمرين الأجانب المتزامن فيها.. فالمستثمرين الأجانب بمصر سرى بينهم قلق نتيجة مخاوف حدوث اضطرابات داخلية بسبب بوادر انتشار ظاهرة الحرق بين المصريين، وبالتالي تأثرت استثمارات الأجانب ببورصات دبي وأبو ظبي وقطر، وهي البورصات المعروف أنها تضم قدراً كبيراً من الاستثمارات الأجنبية.. ولكن الوضع يختلف نسبياً بالسوق السعودي نتيجة قلة تواجد هذه الاستثمارات الأجنبية بالسوق، فنسبة مشاركة الأجانب غير المقيمين بالسوق لا تزال ضئيلة، ولا يعتد بها كثيراً في إيجاد قلق كبير بالسوق نتيجة الخوف من انسحابهم.. وعليه، فإن مخاوف السوق السعودي إنما تنحصر في الاستجابة للتراجعات في البورصات الخليجية القريبة، وبخاصة دبي وأبو ظبي أكثر منها مخاوف انسحاب الأجانب المستثمرين فيها.
محلل اقتصادي
Dr.hasanamin@yahoo.com