تحكي قائلة جون جونس: كنت أعمل محررة بقسم مراجعة القصص بشركة بارامونت السينمائية وذات يوم دعاني زوكر رئيس القسم لمكتبه وقدم لي ظرفا قائلا إنه مرسل من أحد أفراد عائلة روزفلت المعروفة وأنه يحوي قصة يريد أن يبيعها للشركة.
وبعد أن أخذت الظرف نظرت وسألت الرئيس: هل أعجبتك القصة؟ فهز كتفيه قائلاً: لا.
إن موضوعها لا يصلح لفيلم ناجح.
فقلت له: إذن ماذا تريدني أن أفعل؟ فقال «زوكر» إن عائلة روزفلت من العائلات التي يهمني أمرها ولذا ينبغي أن يكون رفضنا للقصة بلباقة.
وفي ذلك المساء اتصلت بروزفلت تلفونيا وبعد أن عرفته بشخصيتي قلت: أحب أن أتحدث إليك عن قصتك فأجاب بحماس حسناً: ولكن ليس بالتلفون.
هل يمكنك أن تحضري لتناول الشاي معنا غداً.
وأعطاني عنوان البيت وبعد ظهر اليوم التالي، ذهبت لمنزل روزفلت فسحرني الجو العائلي الجميل الذي شهدته فيه ودار بيننا حديث استنتجت منه: أن روزفلت يعلق على القصة أهمية كبيرة وأنه يطمع في أن يتخذ الكتابة حرفة يتكسب منها.
وبعد أن شربنا الشاي سألني : وما رأي زوكر في قصتي؟ واتجهت أنظار جميع أفراد العائلة نحوي ورأيت في عيونهم شعور الثقة والاعتداد بعائلتهم، فأحجمت عن التصريح بالحقيقة وقلت: إنه لم يتخذ بعد قراراً نهائيا إن عند الشركة قصصاً كثيرة نعمل على إعدادها ولسنا ندري متى نستطيع أن نضمّن برنامجنا قصتك وفي الأشهر الثلاثة التالية دعتني العائلة مراراً وكانت أواصر الصداقة قد توثقت بيننا وازددت إدراكاً لعزم روزفلت على رغبته في اتخاذ الأدب حرفة! حتى أصبحت أشعر بحرج وألم شديدين في التصريح له بأن محاولته الأولى كان نصيبها الفشل! ولكنني اضطررت أخيرا بعد أن فرغت جعبتي من الأكاذيب والاختلاقات أن أقول أن قصته قد رفضت! وصدمه الخبر صدمة قوية.!
ولم تفلح أعذاري ودبلوماسيتي في تخفيف وقع الصدمة وانقطعت علاقتي بالعائلة ومضت خمس عشرة سنة وأثناء تولي روزفلت رئاسة الولايات المتحدة للمرة الثانية، دُعي زوجي الكابتن دونكان والتر وأنا لاحتفال بالبيت الأبيض كان قد أقيم لضباط الجيش والبحرية وزوجاتهم وحينما قدمنا للرئيس نظر إليّ روزفلت فاحصا فقال : أنت جون بول.
فقلت: نعم يا سيدي الرئيس وافتر ثغره عن ابتسامة عريضة وقال: هل تذكرين قصتي التي قدمتها لشركة بارامونت..
لقد كانت أظلم لحظة في حياتي تلك التي أخبرتيني فيها إن الشركة رفضتها.
قلت: إني واثقة من أن الشركة نادمة الآن على رفضها.
قال: ربما..
ولكن هذا الرفض علمني شيئاً هاما علمني أن الإخفاق مهما جعل المستقبل في عيني المرء أسودا حالكاً، فإنه لا يعني قط نهاية الرجل! وأن خير وسيلة للتغلب على الفشل هي أن ننساه وننسى ملابساته وكل ما يذكرنا به ونستأنف الجهاد، مصرين على النجاح بثقة وعزم.
فقلت: ونجاحك السياسي برهان على صحة هذه النظرية.
فابتسم الرئيس مرة أخرى وقال: أتظنين ذلك..
ولكن الذي لا شك فيه أنه لو قبلت شركة بارامونت قصتي لما كنت أنا وأنت نتحدث في البيت الأبيض.