في هذه الأيام ومع الاختبارات تُعلن حالة الطوارئ، وتتوتر النفسيات و تستنفر الطاقات وتلتهب المشاعر ومع تلك الأجواء المشحونة تلك رسائل ثلاث من (محب) لأبنائي الطلاب والطالبات ولإخواني أولياء الأمور والمعلمين فيها تذكير وتوجيه لعل الله ينفع بها:
الرسالة الأولى للطلاب والطالبات: كم أتفهم مشاعركم فقد مررت بتلك الأيام ولا زالت ذكراها باقية وكلي إحساس بالضغط الشديد الذي تواجهونه وأدعوكم لإعادة التأمل في معنى النجاح في الحياة، فالنجاح منظومة متكاملة.. ومفردة شمولية تمتد إلى كل نواحي الحياة فلا تقرن نجاحك بتفوقك الدراسي فحسب! فالنجاح الأول والأهم هو نجاحك في صلتك بربك، وفي قدرتك على التعامل مع الآخرين، والنجاح يكون بتدارك الكبوات والاستفادة من تجارب الماضي، يقول المفكر بوكرت: لا يقاس النجاح بالمنصب الذي يتبوأه الشخص في حياته بل بالصعاب التي يتغلب عليها، وتذكر أيها الطالب أن نجاحك بمعناه الشمولي ومنه الدراسي يدفع عنك فشل سنين ويقرب لك سنينا من السعادة، وثق ثقة تامة أنك ستنجح في كل أمر بشرط أن تتحمس له وتعطيه شيئاً من وقتك وتفكيرك وإليك نصيحة من ذهب للشيخ الأديب علي الطنطاوي يقول فيها: أيها الطالب، إذا أكملت استعدادك وعملت كل ما تقدر عليه فتوجه إلى الله وقل له: يا رب، أنا عملت ما أستطيعه، وهناك أشياء لا أستطيعها أنت وحدك تقدر عليها، فاكتب لي بقدرتك النجاح، ولا تجعل ورقتي تقع في يد مصحح مشدد لا يتساهل، أو مهمل لا يدقق، أو ساخط أو تعبان لا يحكم بالحق.
الرسالة الثانية للوالدين: أوصيكم بوصية الحبيب فالقصد القصد تبلغوا، فمزيد من الرفق والكلمة الطيبة، قللوا من الضغط على أبنائكم وأحسنوا الظن بهم وأعلوا من توقعاتكم بشأنهم واحرصوا على توفير الأجواء المناسبة لهم وتشجيعهم بالكلمة الطيبة والتعامل معهم بقانون (الحب الغير مشروط) فلا يكن التفوق والمعدل الكبير هو شرط الحب والاحترام والحنان، واعلموا أن أعظم كابح ومكدر للطلاب في حياتهم عموما وفي أيام الاختبارات خاصة هو نشوب خلاف بين الوالدين فهو يعطل الفكر ويشل القدرة على التركيز، كما أوصيكم بعدم الوقوع في مستنقع المقارنة (الآسن) بين الأبناء أو مع أصدقائهم وهو ما يولد ضغوطا نفسية لا تطاق وكذلك يزرع الأحقاد والضغائن واضعين في اعتباركم مبدأ (الفروق الفردية) فكل شخص له قدرات عقلية وميول خاصة تختلف عن الآخر والتي يجب أن تُحترم ويتعامل على أساسها.
كما أوصي بعدم ردة الفعل العنيفة مع النتائج السلبية واستدراك الأمور بهدوء وتروي وعدم الانفعال والقسوة على الأبناء حال عدم تحقيق المعدل المطلوب، فإذا ما قام الابن بواجب المذاكرة قدر طاقته فيجب على الأب الرضا بنتائجه وأن يشجعه بعيداً عن المبالغة والتوبيخ .
وأحسب أنهم بذلوا من الجهد ما يشفع لهم، يقول عبدالمنعم الزيادي: (إن الوالدين الذين يفلحون في تهيئة أجواء من الاستقرار والبهجة في بيوتهم لاشك أنهم يؤمنون مستقبل أبنائهم أكثر مما تؤمنه ترك الثروات الطائلة) وأهمس في أذنك عزيزي الأب بأن لا تجعل من أحلامك ورغباتك مُنطلقا لسلوكياتك، ولاتفرض إرادتك على أبنائك وتعمل بإلحاح على أن تحقق فيهم ما فات عليك من أمنيات، فلابد من تفهم ميول الأبناء ورغباتهم ومدى مواءمتها لإمكانياتهم لتضمن لهم النجاح الدراسي والصحة النفسية.
الرسالة الثالثة لإخواني المعلمين: أوصيكم بالرفق واللين ووضع الأسئلة المناسبة فالاختبار ليس مشهدا لاستعراض للقوة وإبراز العضلات وتذكروا أن الحبيب اللهم صل وسلم عليه دعى على من ولي أمر من أمور الأمة وشق عليهم بأن يشق الله عليه، كما أذكر بأن حسن استقبالكم للطلاب ومقابلتهم بالابتسامة وبث روح التفاؤل وتهوين الأمور وتوضيح ما استعجم عليهم من الأسئلة.
ومضة قلم:
النجاح سلم لا تستطيع تسلقه ويداك في جيبك.