مثلما رفعت المملكة يدها عن الوساطة التي أجرتها مع دمشق لحل الأزمة في لبنان جمّدت تركيا وقطر وساطتيهما أيضاً. والذي أوصل هاتين الوساطتين إلى طريق مسدود هو التناول غير المنطقي وغير المقبول الذي يصدر عن الأطراف المستهدفة بالوساطة؛ فبالإضافة إلى التشبث بموقف واحد يطرح هؤلاء المتداخلون بالمفاوضات خياراً لا يمكن أن يقبله الطرف الآخر؛ لأنه بكل بساطة يفرض ما يجب أن يتخذ ذلك الطرف؛ فإصرار الأقلية اللبنانية على استبعاد سعد الحريري من مشاورات تشكيل الحكومة اللبنانية وفرض مرشح مقبول من قِبلهم لا يمكن القبول به، وإلا أصبح لا قيمة لتلك المشاورات التي تستبعد شخصاً يحظى بتأييد الأغلبية وتُفضّل شخصاً آخر تفضله الأقلية!!
هذا الشرط والطرح صدم المفاوضَيْن القطري الشيخ حمد بن جاسم والتركي أحمد أغلو، اللذين فوجئا بموافقة الأقلية على كل بنود الوساطة التركية القطرية بشرط أن يستبعد سعد الحريري من رئاسة الوزارة؛ ولهذا صُدِم المفاوضان؛ فما يطلب منها أن يتدخلا في إجراء دستوري لا يمكن أن يفرض لا من الوسطاء ولا من المعارضين؛ فالذي يحصل على ترشيح إجماع مَنْ يجري رئيس الجمهورية اللبنانية التشاور معهم هو مَنْ يتم تكليفه بتشكيل الحكومة اللبنانية، وتضمين الوساطة القطرية التركية بنداً يتناقض مع مثل هذا الإجراء الدستوري يُعدّ تدخلاً ممجوجاً لا يمكن أن يرتكبه دبلوماسيان كبيران كأحمد أوغلو وحمد بن جاسم؛ لذلك فضلا تجميد وساطتَيْ بلديهما إلى أن يعود من يطرح مثل هذه الشروط غير المنطقية إلى هدوئهم، بل رشدهم.
JAZPING: 9999