Wednesday  26/01/2011/2011 Issue 13999

الاربعاء 22 صفر 1432  العدد  13999

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الأخيــرة

      

ما من مسؤول عندنا برتبة إدارية كبيرة إلا وله بين موظفيه جوقة من المريدين والمرتجين يبحثون ويهيئون له احتفالات ومهرجانات إعلامية لا لزوم لها. هذا ما نراه يومياً على شاشات التلفزيون، ونسمعه في الراديو، ونقرؤه في الجرائد. مباخر وأنوار كاشفة وكاميرات وخُطَب و»هيلمان» تنتهي بقص شريط ثم ينصرف الجميع. في المساء يطلون على المواطنين مجدداً عبر الشاشات الإعلامية منغصين عليهم وقت الاسترخاء والاستمتاع بما يفيدهم عقلياً أو بما يحتوي على بعض الترفيه البريء على الأقل.

حدثني أستاذ أكاديمي محترم أنهم أرادوا في إحدى الجامعات السعودية تقديم دورة تدريبية علمية خارج النشاط العلمي المثبت في المنهج التدريسي. كانت المفاجأة هي سرعة الموافقة من إدارة الجامعة وترحيبها، لكن بشرط أن يفتتح سعادة المدير أول أيام الندوة في احتفال تنقله وسائل الإعلام الوطنية، ويعقبه حفل غداء على نفقة الجامعة، أي من المصاريف النثرية. تمت الموافقة على ذلك، وكيف لها أن تتم إلا هكذا؟! لكن المفاجأة كانت أن سعادة المدير لم يحضر مع جوقته الإدارية إلا قبل صلاة الظهر بقليل، وكانت البداية المتفق عليها تمام التاسعة صباحاً. في الوقت القصير بين حضور سعادته وصلاة الظهر وبين الصلاة وحفل الغداء لم يبق الكثير من الوقت لشرح الأهداف من الدورة التدريبية. ضاع الوقت القليل على الكاميرات والمباخر وكلمات الافتتاح وتقديم مجاملات الشكر ثم تفرق الجميع! القصد من إقامة المهرجان واضح، ولم يكن في وارد سعادة مدير الجامعة أن يحتفي ويشيد بأهداف الندوة ومن فكروا فيها، ويلتزم بها. كان الوارد في خاطره ظهوره الإعلامي أمام الجمهور عموماً وأمام كبار المسؤولين على وجه الخصوص؛ لكي يجتمع له مع الوقت أكبر عدد من نقاط القطاف المفيدة لما هو أكبر من موقعه الحالي. هذا الذي تم وصفه آنفاً ليس بدعاً في حياتنا اليومية. نصف نشاطنا الإعلامي الرسمي مخصص لهذه الأنواع من الاحتفالات البيروقراطية وقص الشرائط بمناسبة إجراء أو التفكير في إجراء شيء ما، لا هو إنجاز ولا إعجاز بمقاييس الآخرين. هذا الإنجاز المزعوم الذي تقام له احتفالات ومهرجانات إعلامية ما هو إلا عمل روتيني مطلوب من المسؤول أداؤه بوصفه واجباً شرطياً لاستمرار تكليفه، والمفترض أن يعاقب على الإخلال به بالطرد من الباب الواسع.

تهون عندنا مسألة تضييع الوقت على المظاهر الاحتفالية التي لا لزوم لها؛ لأننا لم نتعلم بعد تقدير الوقت وفَهْم معناه الحقيقي. لكن المسألة فيها «فلوس» كثيرة ومصاريف شركات إعداد المحافل وشركات الحراسة ومصاريف ورقية وغذائية، وفيها أيضاً ما يوزع هنا وهناك من منافع لا تراها عين الرقيب على المال العام. هذا ما أسميه لزوم ما لا يلزم في «الهيلمة» البيروقراطية.







 

إلى الأمام
الاحتفالات البيروقراطية ولزوم ما لا يلزم
د. جاسر عبد الله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة