أخذت صديقي عبد القادر إلى طبيب نفسي اعرفه منذ زمن طويل، بعد أن عرض نفسه على عدة أطباء اختصاصيين في مستشفيات مختلفة داخل وخارج المملكة لعلاج مشكلة يعاني منها منذ زمن طويل بسبب حادثة أسرية سببت له (القلق). وحينما دخلنا على الطبيب النفسي نظر إليه نظرة عميقة وسريعة وقال لي: صديقك عبد القادر يا دكتور آل حسان لا يعاني من أي مرض نفسي أو جسدي.. ولكن؟ نظرت إليه نظرة تساؤلية وقلت: ماذا تعني بلكن؟ قال: كل ما يحتاج إليه عبد القادر شوية ضحك فقط! قلت وأنا اضحك: ما المقصود بشوية ضحك يا دكتور؟ قال: ألم تقل انه مصاب بالقلق؟ قلت: نعم.. قال: إذن ليس له علاج سوى أن يضحك.. ويضحك.. ويضحك.. لان الضحك يزيل الهموم ويجعل الإنسان ينسى المتاعب والضغوط حتى وان استمر الضحك لفترة محدودة.. ويكفي أن عبد القادر المتجهم الحزين أن تنفرج أساريره في هذه الحالة وسيخفف من الضغوط وينسى القلق والغضب والحزن والاكتئاب ويقبل على الحياة بقلب اكثر غبطة وانشراحا وتفاؤلا. قلت للدكتور النفسي: لكن ما هي الأدلة التي تملكها على أن الضحك هو علاج القلق الوحيد؟ اخذ بيدي صديقي الدكتور وأجلسني على كرسيه أمام جهاز كمبيوتر وقال لي: اسمع يا أبا مازن.. أنا طبيب نفسي منذ 15 سنة وأنت تعرف ذلك.. وأنا اعرف أنني أتحدث إلى إنسان يؤمن بالتخصص والبحوث والدراسات العلمية والطبية وغيرها.. لذا هذه دراسة أمامك نشرتها إحدى المجلات العلمية عن القلق وعلاجه الوحيد الضحك قام بها نخبة من المختصين والباحثين والأطباء النفسانيين العالميين, أريد منك أن تقرأها.. وأنت معروف بحبك للقراءة والدراسات والبحوث النفسية والصحية والاجتماعية, ولك العديد من المقالات التي تنشرها بين فترة وأخرى.
لذا ألقِ نظرة على هذه الدراسة وانقل لقرائك الكرام معلومة جديدة عن الضحك وتأثيره المباشر على القلق. ألقيت نظرة بعمق على الدراسة في جهاز الكومبيوتر وقد كان أمامي أنها بالفعل أجريت على أكثر من عشرين ألف رجل وامرأة وطفل وفي مراحل عمرية مختلفة وجميعهم مصابون بالقلق.. فذكرت الدراسة النفسية أن الضحك هو (الترياق) الذي يذيب الضغوط ويزيل التوترات.. وقد أكد واحد ممن أشرف على الدراسة بالقول: انه إذا استطاع أي إنسان إدخال البسمة على شفتي إنسان آخر أو إطلاق ضحكة انسجام وفرح من قبله فانه يشعر بأنه تلقى اكبر مكافأة في يومه. وتشير الدراسة الخاصة بالقلق والضحك الى انه لوحظ أن الأشخاص الميالين إلى المرح والفكاهة ويحاولون بقدر ما يستطيعون التخلص من الهموم والمنغصات والتركيز على المباهج والمسرات أطول عمرا من الذين يعانون من الشجون والتوترات، وهنا تظهر قيمة المرح والمسرة والضحك والفكاهة. وتؤكد الدراسة أيضاً أن لهذا السبب نجد مهرجين وممثلين كوميديين يحاولون بقدر المستطاع رسم البسمات على الشفاه وإطلاق الضحكات الصافية من القلوب في المستشفيات والنوادي والمدارس بالحركات البهلوانية والتعليقات الساخرة المضحكة والهدف إطلاق الضحكات التي تخفف من الضغوط وتزيل التوترات وقد تكون هذه الوسيلة التي تسهل جمع التبرعات المالية لأغراض الخير أو النفع العام. نظرت إلى صديقي الدكتور النفسي وقلت له: هذه الدراسة ممتازة لكن كيف نعالج صديقي عبد القادر من قلقه ونجعله يضحك؟ قال الدكتور ليس عليك أن تقنعه أنت فهذه مهمتي. سألته: كيف يا دكتور ؟ قال لي: هل من الممكن أن تتركنا لمدة 15 دقيقة أنا وعبد القادر؟ قلت: بالطبع. وخرجت تاركا صديقي الحزين عبد القادر لمدة 15 دقيقة ثم عدت وفوجئت حينما رأيت عبد القادر وهو يضحك ضحكا هستيريا.. فقلت للدكتور وسيم: ماذا حصل أريد أن اعرف السبب؟ قال: لو عرفت السبب لبطل العجب.. فقط خذ صديقك فقد زال القلق منه بقدرة الله ثم بالضحك.. وخرجنا أنا وعبد القادر الذي لم يتوقف عن الضحك لحظة واحدة وحينما سألته عن ضحكه.. قال عبد القادر وهو يضحك: اضحك تضحك لك الدنيا. وعرفت بالفعل أن الضحك هو علاج فعال للقلق.
- الرياض