إن من أعظم ما تعتز به الأمم من تراث لغتها ودينها وتعتز بلغتها علمياً وتربوياً وإعلامياً وتحقيق المنجزات الباهرة عبر لغاتها.
فاللغة في حياة الأمم تمثل أهم معالمها وأبرز مظاهرها، ومن خلالها وأفقها تتمايز الأمم وتتفاضل وتسود ولغتنا العربية في عواصمنا العربية يجب أن نفتح أمامها النوافذ المغلقة والأبواب الموصدة؛ لتستطيع في هذا المناخ أن تبسط ظلالها الوارفة ورسالتها السامية، وتسخو بعطائها الوفير في جامعاتنا ومدارسنا وإعلامنا، وأن نحترمها حق الاحترام، وأن نوقف المد الأجنبي على العربية، وأن نعززها في نفوس أبنائها وفي التعليم والتعاملات التجارية، ففي الكثير من العواصم العربية والخليجية جامعات لا تعلم بغير الإنجليزية، ونلاحظ شركات وفنادق وندوات ومؤتمرات لا نجد للعربية فيها أثراً ولا ذكراً، حيث أصبح العربي في دياره غريب الوجه واليد واللسان بفعل تقاعس أبنائها من العناية بها والمحافظة على مكانتها والوقوف موقف المتفرج أمام زحف موجات العولمة والتغريب.
لقد أصبحت اللغة الإنجليزية هي اللغة المعتمدة في التعامل والمخاطبات للجاليات العديدة التي جاءت للعمل المناطق العربية، وهي ظاهرة تتنامى بازدياد: حيث صار الوافدون الأجانب يمثلون ثقلاً سكانياً في عدد من دول الخليج.. لماذا لا نلزمهم بتعلم العربية ونقيم لهم دورات فيها، فكثير من الدول نراها اليوم في أوروبا تلزم الأجانب بتعلم لغتها؟ ولكم التقيت بعدد كبير من أبناء الأمة العربية الذين يعملون في هولندا وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا وغيرها ويقولون إنهم ملزمون بتعلم لغات تلك البلاد بوصفه شرطاً أساسياً للعمل.
إن من حقنا وحق لغتنا التي شرفها الله واختارها، أن نصونها وألا تنافسها لغة أخرى في ديارها، وفي كل مجال من مجالات الحياة، وفي الندوات والمؤتمرات ومحافل العلم والثقافة وأن نحلها المكانة اللائقة بها والمنزلة التي تستحقها، بكونها الوسيلة للتواصل ونقل المعرفة بين الأجيال ونشرها بين أفراد المجتمع.
إن هناك دولاً كثيرة مجاورة لنا تعمل على تعزيز لغاتها، ووضع برامج ثقافية تهدف إلى سيادتها وقمع ومزاحمة اللغات الأخرى بالقول والعمل، وليس بالشعارات.
إن الأمل كبير بأن نلمس صدى التجاوب والاهتمام والغيرة على لغة القرآن الكريم والسنة النبوية، فهي مهوى أفئدة العرب والمسلمين ورمز الهوية الثقافية والحضارية وقاعدة النهوض العلمي والمعرفي.