تعقيباً على ما ورد في مقال الكاتبة رقية الهويريني في العدد 13977 في زاوية المنشود والذي تناولت فيه موضوع التمييز ضد المرأة، أود التعقيب بالقول أن مثل هذه الأطروحات ضد المجتمع وبهذه الحدة لا تخدم القاضي والمتقاضي عندما تقول الكاتبة (إن ممارسة المجتمع السعودي سياسته التمييزية ضد المرأة السعودية أمر في غاية الخجل). فالواقع أن هذه السياسة -إن وُجدت- ليست نهاية العالم، المجتمع يمارس التفريق بين ما هو حق لازم واجب وما هو مطالبه لا يترتب على عدم إقرارها هضم حقوق مجتمعية أخرى، بل قد يخدم مصالح اجتماعية وإنسانية وأخلاقية. والتأخير في الإقرار يفسر على أنه انتهاك استحقاق. والمشكلة الأخرى أن المرأة تطالب ببعض الحقوق عندما تدب في نفسها الغيرة من المرأة الغربية في مجال ما دون مراعاة لحجم الفوارق في الطبيعة والمجتمع، في حين أن المفروض أن يكون منطلق المطالبة هو واقعها الحياتي اليومي وما يستجد من احتياجات وليس لمجرد ملء الصحف بالمطالبات وخلق مناخ يوحي بالأسى والحزن على حال المرأة في المجتمع السعودي. والتناقض ينبئ عن عشوائية المطالبة وافتقارها إلى المعقولية، فكل مجتمع نسوي يطالب بحق يرى فيه أنه أم المطالب وأساس الحقوق، فالمرأة إعلامياً تطالب مثلاً بقيادة السيارة والرياضة المدرسية وبالعمل بالمراكز التجارية وبالبيع في محلات الملابس النسائية وإلغاء المحرم وانتفاء الوصاية والولاية وغيرها. وهذه ليست مشكلة، فالمجتمع لا يمكن أن يقف في وجه استحقاق الحقوق لمجرد الوقوف لكنه يبحث من خلال مختصيه الشرعيين وعلمائه عن آليات العمل بالحقوق اللازمة والتي يترتب على عدم وجودها إضرار بالدين أو العقل أو العرض أو النفس أو المال. والقول الدائم بأن الوقت تغير والعالم لا يبدو كما كان، قول ينسحب على التطور التكنولوجي والمعرفي والعلمي ووجوب مواكبة هذا التحول الكمي والنوعي، لكن أن يسذج العامة من قبل البعض بالمطالبة بحزمة من المطالبات التي إما أنها حقوق موجودة بالفعل أو أنه زيد فيها ووصلت لحد تجاوز العرف المجتمعي، فهذا أمر غير مقبول ولا يعول عليه في خدمة الواقع، لأن هذا الأمر يوجد معه إشكال والرفض والقبول. ورد في المقال (ومتى تبلغ المرأة السعودية سن الرشد؟!)، والجواب تبلغ المرأة سن الرشد عندما تزيد من حصيلتها العلمية الشرعية، وأن تتفقه بما يكفي للرد على من يحاول تغييب قضاياها، وعندما تكون منطلقاتها في الحقوق هي الحاجة وليست التبعية والغيرة والتقليد. إن حدة الطرح هي العائق الأول في الوصول إلى رؤية واضحة تترجم الحقوق إلى واقع ملموس دون المساس بالثوابت التشريعية، فلا يمكن للمجتمع أن يلغي حكماً من مصادر التشريع بحجة التطور العلمي الحاصل في العالم، فلا يستطيع كائن من كان أن يلغي الولاية أو الوصاية أو وجود المحرم بداعي التغير الحاصل في برامج الحاسب الآلي أو الأوفس مثلاً لأننا سنعاني من أكثر من فيروس محاسبي في المستقبل.
إن الكثير من الحقوق المزعومة في غيابها لم يحدث وجودها بعد حين أكثر من حزمة من الضغوط الحياتية اليومية والذي ينعكس بدوره على المرأة نفسها وأسرتها وطبيعتها ومجتمعها النسوي.
محمد بن سعود الزويد -جامعة الإمام بالرياض - وكالة الدراسات والتطوير