السفر والترحال غاية كل نفس بلغت بها مشاكل الحياة ومتاعبها حد التعب والإعياء، وهما فرصة لتجديد النشاط للنفوس وإعادة الصفاء لها. ولقد اختلفت طرق السفر، وتعددت أساليبه براً وبحراً وجواً. ومع أن السفر بالطائرة أصبح في زماننا هذا أكثر الطرق تقدماً وأكثرها راحة وأماناً، ولصعوبة الحجوزات بها فإن الطريقة التقليدية لا تزال هي الغالبة والأكثر انتشاراً، وهي السفر عبر الطرق البرية. وبفضل من الله تعالى تميّزت بلادنا - ولله الحمد - بكثرة الطرق البرية وانتشارها وشقها بأفضل المواصفات والمقاييس حتى أصبحت مناطق المملكة المترامية وبمساحاتها الشاسعة مترابطة بشبكة من الطرق المتطورة، سريعة كانت أو فرعية. وقد تساهل وتيسر التنقل بين أطرافها حتى أصبح المسافر غالباً لا يأبه بمستوى الطريق الذي سيسلكه بقدر اهتمامه بما يجده على ذلك الطريق من خدمات بترولية أو تموينية أو غيرها من الخدمات، وخصوصاً إذا كان ذلك الطريق على قدر من الأهمية؛ لأهمية وجهته أو لكونه يربط بين مدينتين أو منطقتين أو حتى بين دولتين. ومن تلك الطرق المهمة طريق الكويت - البحرين الدولي (أبو حدريه)، الذي رغبت أن أخصص له هذا المقال؛ فموقف واحد حصل لي فيه أظهر مدى حاجته إلى الكثير من الخدمات التي هو بحاجة إليها بقدر ما له من أهمية واستراتيجية، ولو قُدّر لأي شخص آخر أن يتعرض لمثل ما تعرضتُ له في ذلك الطريق من أي أنواع الأعطال لأدرك مدى افتقار ذلك الطريق وحاجته إلى المزيد من الخدمات الجانبية؛ حيث إنه لا يوجد في ذلك الطريق محطات تُذكر، وإذا وُجدت فهي محطة واحدة بالقرب من بوابة الجسر، وهي محطة متهالكة، وتفتقر إلى الكثير من الخدمات التي يحتاج إليها المسافر!
ربما تتساءل عن مدى أهمية هذا الطرح، وقد يقول قائل إن الكلام في الموضوع ربما كان بسبب موقف عابر أو مصلحة خاصة يريدها الكاتب، ولكن دعني أزودك بمعلومة على قدر كبير من الأهمية، وهي عن عدد مرتادي هذا الطريق، الذي يفوق الـ(5) ملايين مسافر سعودي سنوياً. وهذا عدد كافٍ لنقول إنه طريق دولي، وإن طرح مثل هذا الموضوع مناسبٌ بعد الخطة الجديدة التي قامت بها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله ممثلة بوزارة المالية (وكالة الوزارة للخدمات المركزية المشرفة على المشاريع السكنية بالمنافذ الحدودية، التي بدورها تمنح تصاريح الخدمات بالطرق الدولية، التي تكون خارج الحدود العمراني، ومصلحة أملاك الدولة) بحكم تخصصها في منح تصاريح الخدمات داخل النطاق العمراني، إضافة إلى التنسيق مع جهة الإشراف على الطرق الدولية في وزارة النقل.
كما قامت وزارة المالية بخطوة رائدة في هذا المجال، وذلك بإنشاء محطات خدمية على الطرق السريعة، وبفئتين (أ) و(ب)، التي تشتمل على محطات وقود ومطاعم وخدمات فندقية بما يتناسب مع الوجهة الحضارية للمملكة، التي تحرص عليها حكومتنا الرشيدة؛ فلو نظرنا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لرأينا أنها تقدم هذه الخدمات للمسافرين من خلال محطات شركة أبو ظبي للبترول (أدنوك) المنتشرة حالياً بالطرق الدولية والداخلية لديها، وقبل فترة وجيزة تم التوقيع على اتفاقية لإنشاء محطات بترولية من خلال محطات (أدنوك) بالطرق الدولية داخل المملكة، لكن لصعوبة إجراءات التأسيس والتصاريح لدينا، ولازدواجية الصلاحيات بين الجهات لم يتم إكمال هذا المشروع؛ نظراً إلى عدم سرعة الجهات الحكومية في إصدار التصاريح اللازمة لتنفيذ مثل هذه المشاريع الخدمية على الطرق السريعة، التي من أهمها طريق الكويت البحرين الدولي، وخصوصاً أنه يربط بين دولتين، وباعتباره المنفذ البري الوحيد المؤدي إلى دولة البحرين الشقيقة عبر جسر الملك فهد. والله من وراء القصد.