نجت مصر من كارثة السقوط في أتون الحرب الأهلية، وهي حرب لا علاقة لها بالطائفية ولا بالعرقية، حرب أريد لها أن تكون بين جماعات معارضة للنظام اعتصمت في ميدان التحرير وجماعات مؤيدة أو عاملة في أجهزة النظام التي أرادت - ومن خلال ما قامت به الجماعات المعارضة نفسه «المظاهرات» - إنهاء اعتصام المعارضين؛ فشنت هجمات على ميدان التحرير بآليات اعتمدت على الجِمَال والخيول، معيدة إلى المشهد معارك الهكسوس والفراعنة.
الهجمات والغارات استمرت طوال الليل على ميدان التحرير الذي يكاد يخلو من المتظاهرين بعد أن تقلصت أعدادهم.
ما جرى في ميدان التحرير أضفى لوحة مأساوية على جهود التغيير من خلال التظاهر السلمي؛ فالاشتباكات بين المؤيدين والمعارضين تواصلت طيلة ليلة الخميس، واستمرت متقطعة طوال النهار؛ فكان من نتيجتها وفاة العشرات وجرح المئات، ولا تزال الأرقام مرشحة للتصاعد ما لم تُفعَّل الجهود التي يبذلها نائب الرئيس عمر سليمان ورئيس الوزراء أحمد شفيق وشيخ الأزهر بتكثيف وتوسيع دوائر الحوار مع الشباب المتظاهرين في ميدان التحرير، بعد أن نجحت جهود ممثل الجيش في إقناع عدد من ممثلي المحتجين بالذهاب إلى أماكن الحوار مع سليمان وشفيق والطيب.
والآن، وبعد أن عجزت المظاهرات والاعتصامات والمظاهرات المضادة في معالجة الأوضاع في مصر، فإن الآمال معلَّقة على جهود الحوار الذي توسعت دوائره، وإن كان الأبرز والأهم هو ما يتم مع ممثلي الشباب المحتجين والمعتصمين في ميدان التحرير، دون إغفال ما يجري مع القوى والأحزاب السياسية التقليدية.
الحوار هو الوسيلة الناجعة المتوافرة والوحيدة الآن المتاحة أمام المصريين، موالين ومعارضين؛ لإنقاذ بلادهم مصر التي تُدفع دفعاً لغمار الحرب الأهلية.
JAZPING: 9999