الوجوه مشرقة، والثغور تفتر عن بسمات عذبة صافية، والأيدي تمتد قوية جذلة لتتصافح وتشد على الأيدي الأخرى بمرح وحبور لا يُوصف ولا يحد، والناس يتألق في جباهِهم نور البِشر، ففي كل قلب ربيع، وفي كل نفس روض. فها هي القلوب صافية صفاء قلب مليكها، والنفوس جميلة كجمال خصاله، والسعادة تغمر النفوس جميعها، في شتى أرجاء هذا البلد الشامخ، من شماله وحتى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، بأن منَّ المولى جل وعلا على خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - بالصحة والعافية من العارض الصحي الذي ألمًّ به، وأعاده إلى دياره سالماً غانماً بإذن الله.
فترى المزيج من العواطف الجياشة والدعوات المخلصة في ظهر الغيب والأمنيات الصادقة والمشاعر التي تفعم القلوب، تلهج وترجو وتبتهل إلى الله بدوام الصحة والعافية لهذا الرجل الفذ النبيل، الذي كان ولا يزال يبذل الغالي والنفيس من الجهد والوقت والمال في سبيل تطوير ببلادنا الحبيبة لكي تظل على الدوام في طليعة الدول العربية والإسلامية، بل والعالمية، بحضور إيجابي يمتن روابط الأخوة القائمة. ولتشيع فيها الخضرة الزاهية، والنماء، والخصب، وليظل شعبها متمتعاً بالثروة والرخاء والعيش الهنيء.
فإن النفس الكريمة هي التي تعلي من شأن صاحبها وتعلو بمقامه بين الناس، فيرون فيه المثل الأعلى، وبذا ينتشر الوئام ويعم السلام، ويسود الوفاق جميع الآفاق، وجميع هذا ظاهرٌ في حياة خادم الحرمين الشريفين، الذي نشأ نشأة طاهرة في منزل الملك المؤسس -رحمه الله-، أتبعها بمسيرة حافلة بالإنجازات، تجللها أخلاق سامية يلمسها كل من عرفه، لطفاً ودماثة خلق وإيناساً. ويحفها عملٌ مستمرٌ وقيادة رصينة حكيمة للسير في طريق العدل والنماء، للقريب والبعيد في شتى ربوع هذه المملكة المعطاء. و لهذا فإن جلالته، رغم بعده الجغرافي المؤقت عن البلاد للعلاج من هذا العارض، لم يكن بعيداً عن شؤون مواطنيه، بل ظل حاضراً بينهم يتابع شتى أمورهم وهو خارج المملكة. فهذا هو الملك عبد الله بن عبد العزيز كما عرفناه دوماً الإنسان الشهم الكريم، وراعي النهضة بعقل واعٍ، وبصيرة ثاقبة، وفكر نير. ومن هنا لم تكن هذه المشاعر التي نراها اليوم نتيجة موقف يمر به الملك الغالي، حفظه الله ورعاه، بل هي حصيلة سنوات طوال من العطاء والجهد والبذل، أورثت في الأفئدة إخلاصاً له ومودة وتعلقاً بشخصية نادرة، ترعى من حولها بظلال العطف الأبوي الصادق، والنبل والشمم والشرف والشهامة. فعلى الرغم من مشاغله الكبرى ومسؤولياته الجسام في قيادة الدولة، إلا أنه لا يغفل - بأريحيته المعروفة، ونفسه الخيرة المعطاءة - عن شؤون أصغر المحافظات والمراكز والقرى، وحتى الأفراد الذين يقدم لهم الرعاية والعون، بالعناية بالجمعيات الخيرية التي ترعى المرضى أو تساعد الفقراء والمحتاجين، فقد أولاها جلالته ما تستحقه من الدعم والرعاية والاهتمام، لإغاثة الملهوف، وكشف كربة المكروب.
وإن ما نراه من الانفعال والسرور في هذه البلاد التي تأتلف قلوب أبنائها، وتتوثق عرى الإخاء بين أفرادها، ويشيع الخير في جميع أرجائها، لهو دليل على المكانة الكبيرة التي يتمتع بها العاهل المحبوب في القلوب، لما حققه من المنجزات الجبارة، والعطاء الخيّر الكريم. وهو رصيد يراه ويعاينه القاصي والداني، بتوفيق الله تبارك وتعالى، الذي يحف طريق هذا الملك المحبوب، مصداقاً لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا أحب الله تعالى عبداً نادى جبريل، إن الله يحب فلاناً فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء. ثم يوضع له القبول في الأرض».
ولن يفي هذا المقال سجايا ومآثر هذا الرجل النبيل حقها. ولن يكفي لتعداد منجزات الملك عبد الله بن عبد العزيز، رجل الدولة الكبير والسياسي القدير، وما بذله من أجل نهضة بلادنا الحضارية وتطورها التنموي في الداخل، على النهج القويم من القيم الإسلامية والأخلاقية، الذي خطّه والده المغفور له جلالة الملك عبد العزيز بن سعود. وفي سبيل تعزيز مكانتها المركزية في المحافل الدولية، وفي الدوائر الإقليمية والعربية والإسلامية والعالمية. وما يتسم به من عزيمة وإرادة وتصميم، وشجاعة وإقدام، وحنكة ومهارة. ومن القيادة دون تكبر، والحزم دون شدة، واللين دون تهاون. ومن حفظ العهود، والوفاء بالوعود. فهو الذي يقود بلادنا المعطاء إلى المجد والعلا. فهنيئاً لهذا البلد بجلالته؛ بأخلاقه النبيلة، وبقيادته الجسورة الحكيمة، لبيان الكلمة الصادقة والدفاع عن الصوت العربي الإسلامي في مراكز صناعة القرار في العالم. ووفقه إلى كل ما يحبه ويرضاه.
وحمداً لله على سلامة جلالته. وإن فرحتنا لا تكاد توصف إذ نراه من جديد بين إخوانه وأبنائه ومواطنيه وهو في أطيب حال. وإن امتناننا لما نعيش فيه من التضامن والتكاتف، وجمع الكلمة، وضم الصفوف، ولمّ الشمل، وتآلف القلوب على أسس ثابتة قوية؛ سيعيش فينا ما ذكر اسم هذا الرجل الكبير بأعماله قبل أقواله، ولا بد أن يستمر معنا ويكبر ما عشنا وعاش أبناؤنا وأحفادنا من بعدنا.
ونسأله عز جل أن يمد في عمر جلالته، وأن يجعل ما يقدمه دوماً من مكرمات إنسانية وجهود مباركة ومساعٍ حميدة لإصلاح ذات البين على المستوى العربي في موازين حسناته. حفظ الله لنا المليك، ووقاه شر كل مكروه، وأطال عمره بالطاعات والقربات، وزاده عزيمةً ومضاءً، ووفقه إلى العمل دوماً لخير البلاد والعباد، وأدام على المملكة نِعم الأمن والنماء والرخاء في ظل هذه القيادة العاملة العادلة. إنه نعم المولى ونعم النصير.
نواف محمد الدبيسان الثامر-رجل أعمال